هكذا يتفوقون

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحكيم هو من اتعظ بغيره، فبلوغ القمة سهل، لكن البقاء هناك صعب، والتوقف عن الابتكار يعادل توقف القلب عن العمل في الجسم البشري.
في أحد المؤتمرات، قدم ستيف جوبز مؤسس شركة أبل العالمية، ملخصاً لتعب السنين في إنتاج الهاتف النهائي الذي أطلق عليه اسم آيفون، والذي يتكون من آيبود، وهاتف، وجهاز لتصفح الإنترنت في جهاز واحد.
ستيف بالمر أحد المنافسين، الذي أفقد شركة مايكروسوفت نصف قيمتها، تحدّث وقتها عن هاتف آبل الجديد بنوع من السخرية، لأنه متيقن أن الهاتف لن يحظى بحصّة في السوق بأي شكل من الأشكال، لارتفاع سعره، ولعدم ملائمته للشركات، حيث يعتمد بشكل أساسي على اللمس في كتابة الرسائل البريدية، بدلاً من لوحة المفاتيح.
الناجحون يناقشون دائماً كيف يطورون الأفكار ليجعلوها واقعاً في حياة البشرية، والفاشلون يتحدثون عن الأشخاص ويختلقون الأعذار الواهية.
الثرثرة الكثيرة عن الأشخاص الذين وصلوا بمجهودهم وكيفية تحقيقهم للنجاح، لا تفيد في أي شيء. أما طرح الأفكار المبتكرة ومناقشتها مع فرق العمل والمفكرين، هو السبيل الأوحد للنجاح الذي يحقق الإيمان بالقدرات. فالنجاح هو من أجمل المشاعر التي يتمنى أي شخص الشعور بها، لأنه يشعر من خلال هذه المشاعر بالفخر والاعتزاز بالنفس، بسبب الجهود التي بذلت والمعوقات التي تم التغلب عليها، والإنجازات الكبيرة التي تحققت في رحلة النجاح.
لا بدّ من تحقيق الثقة العالية بالنفس، والإيمان بالقدرات الذاتيّة والشخصيّة، والتخلّص من كافّة الأفكار السلبيّة المُحبطة التي تنبذ الذات وتحقرها، ونسيان الماضي وأخطائه، والابتعاد تماماً عن مشاعر الندم والإحباط، والتركيز على التفكير الإبداعي.
حين أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، مشروع تحويل دبي إلى مدينة ذكية، قال سموه «من خلال تجربتنا الطويلة، تعلمنا أنه لا يوجد نموذج دائم واحد في التنمية، بل إبداع دائم وتطوير لا يتوقف»، فهو يؤمن أن الإبداع من ركائز ريادة دولتنا، ومِداد يخط ملامح المستقبل.
مُخطئ من يعتقد أن العلم يُمكن أن ينتهي بالوصول إلى تحصيل علمي مُعيّن، أو تحقيق نجاح لهدف تم تحديده مُسبقاً، ففي كل يوم تُفتح آفاق معرفية جديدة، وتتطور المفاهيم. ووفقاً لمقولة آينشتاين: «الحياة مثل ركوب الدراجة، لكي تظل متوازناً، يجب أن تتحرك باستمرار»، فمن المهم أن يتم دائماً الحرص على مواكبة أهم التطورات، فكل شيء من حولنا يتغير بصورة مذهلة، والثبات على نفس المستوى، لا يعني البقاء، ولكن يعني التراجع للخلف.

Email