اعذروا رمّاح

ت + ت - الحجم الطبيعي

قصيدة «اعذروا رمّاح» التي نظمها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، فزاع، وتضمنت اعتذاراً لطيفاً من سموه حول نتائج بطولة العالم للقدرة تمثل واحدة من أرقى السلوكيات التي تعبر عن أخلاقياتنا كإماراتيين، وكذلك عن قيمنا الوطنية الراسخة والمتجذرة في ثنايا النفوس وتباريح الوجدان.

فالجميع يدرك أن سمو الشيخ حمدان كان يشارك في بطولة رياضية تحتمل الفوز مثلما تحمل الخسارة، وهذه طبيعة كل منافسة رياضية، ولكن سموه الذي يزخر رصيده بالانتصارات في بطولات الفروسية فاز أًيضا في منافسات الروح الرياضية، والرسالة العميقة التي أرسلها إلى شبابنا الصاعد ورياضيينا الواعدين من خلال الاعتذارية الجميلة والخلوقة التي تضمنتها قصيدة سموه.

وهذا يعيدنا إلى المربع الأساسي في شخصيتنا الوطنية كإماراتيين وإلى سنع آبائنا وأجدادنا وقيمنا النبيلة التي نفتخر بها والتي توارثناها كابراً عن كابر، ويعتبر شيوخنا الكرام أكثر الإماراتيين التزاماً بها وبما تمثله من أنماط إيجابية للمواطَنة الصالحة والهوية الوطنية.

فما يقوله لنا سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد من خلال قصيدته أن الاعتذار حتى لو لم تخطئ ليس معيباً، بل هو دليل على تقديرك واحترامك للآخرين الذين يهمك أمرهم، وهل هناك من يهم سموه أمرهم أكثر من شعب الإمارات وشبابه الذين صفقوا لسموه في كل بطولة أحرزها أو شارك فيها.

وسموه يضيف في ثنايا قصيدته الكثير من المعاني المعبّرة عن قيمنا الوطنية وأخلاقياتنا الإماراتية المعروفة، من مثل قول سموه:

والحياه اللي نثمَّنها ترى ماهي ثمينه

                           لو خلت قلوبنا من المشاعر وبْركتها

والتناقض فـ الزمان اللي تتعبنا سنينه

                      لو يهز اهلِ الـمنازل ما يزعزع منزلتها

الأهم من هذا وذاك هو كيف يتجاوب شبابنا وأبناؤنا مع معاني هذه القصيدة وما تضمنته من اعتذار نبيل من سمو الشيخ حمدان، ودعوة غير مباشرة لتعزيز القيم الوطنية وترسيخها؟ الواقع أن أهم ما ينبغي أن يستفيد منه شبابنا هنا هو الروح الرياضية العالية والرفيعة التي عبّر عنها سموه، سواء بالتعامل مع نتائج المنافسات الرياضية في حدودها الرياضية دون تحويلها إلى تعصب مؤذٍ وعداوات شخصية وفئوية، وإنما اعتبارها دعوة مفتوحة للمزيد من الاستعداد والتحدي الرياضي والتنافس الإيجابي.

أما خارج ميادين الرياضة، فلنعتبر كلمات سموه دعوة مفتوحة لنا لكي نتذكر من نحن، وما هي قيمنا وأخلاقنا بحيث تصبح سلوكياتنا تعبر عن قيمنا وليس مجرد سلوكيات مكتسبة من وسائل التأثير الدخيلة المختلفة، ولكي نتذكر أننا إماراتيون ولسنا مجرد نسخ مشوهة من كل الثقافات الواردة إلينا، وكوننا إماراتيين يعني أن نكون متميزين بثقافتنا وبأخلاقنا وبقيمنا وبسلوكياتنا.

هناك في قصيدة فزاع ما هو أكثر من مجرد اعتذار عن نتيجة بطولة رياضية بل هو دعوة لنا جميعاً أن تكون سلوكياتنا معبرة عنا نحن وعما نكون وعما نمثل. فهل فهمنا الرسالة؟

Email