عصفورٌّ في الجنة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما رأيك أن تأتي معي لاشتري لك بعض الحلوى،»لقد طلب مني والدك أن اصطحبك من المدرسة« طرق دنيئة يتم فيها استدراج الأطفال لاشباع رغبات خفية تُخدَّش بها برائتهم، فالأطفال لا يخطر ببالهم أنه من الممكن أن يكون هذا الأسلوب المتناغم المرصع بالحب والاهتمام ما هو إلا قطار للأشباح البشرية الذي يمر على حقول الزهور الملوّنة والنقية (الأطفال) ليحولها إلى لون واحد فيدمر كل ما هو جميل (تسلب برائتهم).

كثير من حالات الاستغلال قد تكون من غرباء أو أقارب مباشرين ولهذا يجب على الأهل توعية الطفل كي لا يقع ضحية لهذا الفعل الشنيع الذي يترك بصماته بقوة على نفسيته وحياته المستقبلية.

ذات يوم يكون قد حان الأوان أن يذهب الطفل إلى المدرسة ومع مرور الوقت ستجد رغبات ملحة للذهاب إلى ساحة اللعب، وبحسب المنطقة التي يتم السكن فيها أو بحسب درجة مخاوف الوالدين سيتم مواجهة نزعة الأبناء للاستقلال بمشاعر متضاربة. فالأبناء يريدون أن يعتمدوا على أنفسهم ويخوضوا تجاربهم الخاصة فلن يستطيع الوالدان مراقبتهم على مدار الساعة. ولكن ينبغي لكلِّ طفل أن يتعلم كيفية الحرص وحماية نفسه لمواجهة المواقف الشائكة.

حماية الطفل تبدأ من السنوات الأولى، فلا يجدر بالأطفال خلع الملابس أمام أحد أو ترك باب الحمام مفتوحاً أو الاستحمام والنوم في فراش واحد مع الآخرين.»جسمي خط أحمر« فلا يحق لأي أحد أن يتعدى على هذا الخط، فمن المهم أن يتم إبلاغ الوالدين بحركات بعض البالغين المشينة في حين تم التعرض لها، كطلب الجلوس على الأقدام أو التقبيل من الفم. ولابد من أن يتم فرض رقابة مستمرة بصورة مباشرة أو غير مباشرة يشعر الطفل بها بين الفينة والأخرى، والأهم زيادة جرعة الوازع الديني بترسيخ مفهوم العفة المتمثلة في ستر العورة.

يأتي أحد الغرباء ويطلب من طفلة أن تقبله »ما شي بوسة انا اعرف ابوج«، فتجاوبه » اسمحلي عمي بس أنا ما اعرفك«. ثقة الطفل بنفسه في تعامله مع الراشدين يجعله أكثر تحصينًا وقدرة للدفاع عن نفسه فهو يعرف ما يحق للراشدين أن يطلبوه منه ويثق بأحاسيسه.

»دخلت امرأة النار في هرة« فما بالك بالذي انتهك براءة طفل بوحشية دون أن يبدي ندماً على جريمته ليسلب والدين فرحتهم بفلذة كبدهما عبيدة.

آن الأوان أن تُنشر ثقافة حماية الطفل والمعطيات السلوكية المطلوبة في الأسرة وفي المدارس ليكون ضمن المناهج الدراسية، فإذا تحقق ذلك فلا ضير عليه لأن لديه مخزوناً وافراً من القيم والمُثُل ليحميه عند تعرّضه لهزات أخلاقية، كالتحرّش الجنسي.

صحيح أنه تم نشر قصة الطفل عبيدة على صفحات الجرائد لتعبر عن الأسى والإجراءات التي سيتم اتخاذها إلا أن كل هذا لن يداوي ألم الفراق لدى الوالدين. وأخيراً، قصة الطفل عبيدة ليست بعابرة وإنما ستحلق إلى يوم الحساب فهو عصفورٌّ في الجنة بإذن الله.

Email