حبتان!

ت + ت - الحجم الطبيعي

سواء كان تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية جريمة تستوجب العقاب أو مرضاً يستوجب العلاج، أعتقد أننا بحاجة جدية لمراجعة المنطق الذي نتعامل به مع متعاطي هذه السموم، حتى يكون العلاج ناجحاً والحل رادعاً وشافياً، بدلاً من الوضع الحالي الذي لا يبدو أن مراكز التأهيل تلعب فيه الدور المطلوب.

تبدأ المشكلة عندما «يرابع» ربيعنا الشاب أو ربيعتنا الشابة مجموعة من أقران السوء من «قوم بوحبتين»، الذين يغرونه أو يغرونها بتجربة هذه السموم، بدءاً من «جرّب جرّب» وصولاً إلى «حبتين تحت اللسان وانعيش أحرار»!


عندها تبدأ مشكلتنا مع الحبتين نحن، كمجتمع، كدولة، وكعائلات. فأبو حبتين تحت اللسان «المتعاطي» يصبح في منزلة الرقم الضائع، لا البلاد تستفيد منه، ولا أهله، ولا حتى هو يستفيد من عمره.


دولتنا لأنها تريد أن تعالج المشكلة وضعت «حبتين» أقصد حلين، إما العلاج بالاختيار فيقضي المتعاطي عقوبته في مركز تأهيل، أو العلاج الإجباري وعندها يذهب إلى السجن.


هنا وجدنا أنفسنا أمام مشكلة جديدة، وهي التي نرفع الصوت اليوم لعلاجها، فهؤلاء قوم بوحبتين أصبحوا الآن يأتون للمحكمة جاهزين ومجهزين ليقولوا أمام القاضي: «أبي أتعالج»، وبالتالي يذهبون إلى الحل المخفف، وهو مركز التأهيل. طيب وين المشكلة؟


طال عمركم، هذه هي المشكلة! لأن جزءاً من علاج مركز التأهيل قائم على استمرار مستوى من التعاطي، وبالتالي يخرج الشخص كما دخل، وبعضهم يعود إلى التعاطي بالحبتين وربما «الدرزن» بشكل أشد من ذي قبل.


بالمقابل الذين يذهبون للحبس سجلوا نتائج تعافٍ  أفضل، لأنهم ينقطعون عن التعاطي ويتم إدخالهم في برامج تثقيف ديني وتحفيظ قرآن.


إذن لماذا لا ننقذ الجميع، ونوحّد آلية التعامل، وبدل الحبتين نجرب حبوباً من الصنف الجديد، وليس ضرورياً الحبس: «خلنا» نرسلهم إلى مصنع الرجال، إلى الخدمة الوطنية، وهل هناك أفضل من الجيش لتهذيب النفوس وبناء الشخصية ومعالجة السلبيات؟


وما أعرفه أن بعض الأفراد الذين دخلوا للخدمة الوطنية وكان لديهم مشكلات سلوكية مماثلة تغلبوا عليها واستقاموا، وبالتالي إذا طبقنا نفس المبدأ على المتعاطي الراغب في العلاج، مثلاً، نكون قد كسبنا أبناءنا بدلاً من أن يخسروا أعمارهم ونخسرهم وتخسرهم عائلاتهم وأسرهم.


المشرّع قصد مكافأة بوحبتين المتعاطي الراغب في العلاج وتشجيعه على رغبته بالعلاج والتعافي، وهل هنالك مكافأة أفضل من أن نمنحه حياة صحية وسليمة ومستقيمة ونضعه على أولى خطوات النجاح؟
بصراحة يا الربع، يبالهم حبتين: حبة سنع وحبة رجولة! يبالهم حبتين في «الخدمة الوطنية»!

Email