قصة حب نحرتها الخيانة على عتبات قصر الإليزيه (1)

تريرفيلر تكشف أسرار أعوامها العشرين مع هولاند

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أثار الكتاب ضجّة كبيرة في فرنسا، وتصدّر خبر صدوره اهتمام مختلف وسائل الإعلام الفرنسية والأوروبية، وبيعت منه ألوف النسخ خلال الساعات الأولى من وصوله إلى رفوف المكتبات الفرنسية وفاق عدد النسخ المباعة في اليوم الأوّل عدد نسخ جميع ما كانت قد عرفته الكتب الأخرى في فرنسا خلال السنوات الخمس الأخيرة.

تبدأ فاليري تريرفيلر هذا الكتاب بالحديث عن الخيانة التي كانت ضحيتها والتي استمرّت على مدى شهور طويلة في الإصرار على عدم تصديقها، وأن هناك امرأة أخرى في حياة الرجل الذي لم يتوقف عن تكرار القول على مسامعها إنها حبّ حياته.

لم يكن ذلك الرجل سوى الرئيس الفرنسي الحالي الذي شاركته حياته سنوات طويلة فرانسوا هولاند من بينها أكثر من ثمانية عشر شهرا في قصر الإليزيه، حيث حظيت بتوصيف «السيدة الفرنسية الأولى». وكانا قد اختارا أن يعيشا معا بعد أن هدّم كل منهما أسرته السابقة، فهو أب لأربعة أطفال بينما هي أم لثلاثة.

قصة انتهت بالخيانة

قصة الخيانة تعود إلى ذات يوم أربعاء من شهر يناير الماضي عندما أبلغتها صديقة صحافية أن مجلة كلوزير الأسبوعية ذات الانتشار في الأوساط الشعبية ستنشر في يوم الجمعة التالي صورة لفرانسوا هولاند برفقة الممثلة الشابّة جولي غاييت، التي كانت قد سرت شائعات كثيرة عن أن هناك علاقة عاطفية بينهما.

وتشير فاليري إلى أن تلك الشائعة كانت وراء العديد من النقاشات الحادّة بينها وبين شريك حياتها، الذي كان قد نفى مرّات عديدة تلك الشائعة. وشيئا فشيئا بدت تتكشّف أكاذيبه، حسب التعبير المستخدم، فلم يكن قد تعرّف على جولي غاييت قبل شهر فقط، كما قال في البداية، بل اعترف أنه عرفها قبل أربعة أشهر ثمّ تسعة أشهر ثم سنة.

لكن تكشّف أن الأمر لم يكن يتعلّق بشائعة ولكن بواقع أثبتته الصور، كما تشير فاليري. وتنقل للقارئ ما جرى في الحديث الصريح الأول بينهما بعد ثبوت الوقائع حيث بادرته بالسؤال:

ــ ماذا هناك إذن؟

ــ إذن ... ذلك صحيح.

ــ ما هو الصحيح؟ هل هناك فعلا علاقة مع تلك الفتاة؟

ــ نعم.

ــ كيف حدث ذلك؟ لماذا؟ ومنذ متى من الزمن؟

تشير فاليري تريرفيلر إلى أنها حافظت، بعد اعترافه لها، على هدوئها ولم تكسر أيّة أطباق كما روت بعض وسائل الإعلام. ذلك أنها «لم تستوعب للوهلة الأولى عمق الزلزال الذي ردده فرانسوا هولاند على مسامعها». لكنها تعرب عن خيبة أملها في أنه لم يبد استعداده للاعتذار العلني، كما فعل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون عندما تكشّفت علاقته بالمتدرّبة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي، ثم الانطلاق معا على أسس جديدة. «لم أكن مستعدة لفقدانه»، كما تقول.

مجرّد ملف

لقد بهتت في رأس فاليري ،كما تقول، صورة الرئيس المثالي التي كان قد أكّد عليها فرانسوا هولاند عندما كان مرشحا. وتشير أن الرئيس قرر عقد اجتماع مع مستشاريه والمقرّبين منه من أجل تقرير مصيرها، في الوقت الذي تؤكّد أنها كانت مستعدّة للمصالحة. وما عرفته من ذلك الاجتماع أنه جرى الحديث عن «إعلان رسمي عن القطيعة النهائية بينها وبين الرئيس هولاند». بكل الحالات غدت قصّتهما هي الموضوع الرئيسي في الصحف ونشرات الأخبار.

على الصعيد الشخصي، تروي فاليري أنها فقدت القدرة على النوم إلاّ بواسطة الأدوية والعقاقير وعلى تناول الطعام بصورة طبيعية، وتم إقرار أنه ينبغي نقلها إلى المستشفى، حيث أشرف عليها رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى سالبوتريير في باريس. في المستشفى أخذوا منها الهاتفين، اللذين كانت تستخدم أحدهما لكل ما يتعلّق بالحياة العامّة، بينما كان الآخر مكرّسا للحديث مع فرانسوا هولاند وأبنائها وأسرتها وللمقرّبين جدا من أصدقائها. ولم تتم إعادتهما لها إلاّ بعد أن هددت أنها ستغادر المستشفى إذا لم يفعلوا.

ومن الذين لازموها في المستشفى الضابط الفرنسي المسؤول عن أمنها، والذي ارتدى الثياب البيضاء متنكّرا في شخصية ممرّض. وكان هو المسؤول عن السماح للزائرين النادرين بالدخول إلى غرفتها. ما تؤكّد قوله هو أنها لم تكن تدرك آنذاك أنها تحت الرقابة. تلك القضيّة الشخصية تمّت معالجتها، كما لو أنها قضية دولة. ولم أكن بعد ذلك سوى مجرّد ملف، كما تقول.

بعد خمسة أيام من دخولها إلى المستشفى، لم يأت فرانسوا هولاند لزيارتها، بل كان يكتفي ببعض الرسائل القصيرة عبر الهاتف. وبصدد ذلك الجفاء، كما في أمكنة كثيرة من الكتاب تعود فاليري إلى الذكريات التي عاشتها مع فرانسوا هولاند، وخاصّة تلك المواعيد السياسية الكبرى.

نقرأ مما كتبته فاليري بهذا الصدد: كان ذلك على مدى عشرين عاما تقريبا. في البداية كصحافية ثم كشريكة حياة. جميع اللحظات الكبيرة في حياته السياسية تقاسمناها وعشناها معا. وكنا كل عام نقترب من بعضنا أكثر فأكثر، حتى ذلك اليوم الذي هوى فيه كل شيء.

مواقف ورسائل

وعن مواقف الذين كانوا يحيطون بها في الإليزيه تشير فاليري تريرفيلر إلى أن الصمت كان هو القاعدة إلاّ مع بعض الاستثناءات القليلة حيث لم يوجّه لها أية كلمة تعاطف سوى أربعة وزراء آنذاك هم أوريلي فيليبيتي ويمينة بن غيغو وبونوا هامون وباسكال كانفان.

بالمقابل فاجأتها الرسائل التي تلقتها من المعسكر الآخر، والتي كان من بين مرسليها كلود شيراك وكارلا بروني ـ ساركوزي وسيسيليا اتياس، الزوجة السابقة للرئيس الفرنسي سابق نيكولا ساركوزي، والممثل آلان ديلون وعدد غيرهم بينما لم يتذكّر ايمانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسي الحالي رقم هاتفها، حسبما تشير، وتذكّر أنه كان يقال بأنه من الأصدقاء القريبين منها.

ما تؤكّده مؤلفة هذا الكتاب هو أن فرانسوا هولاند هو الذي بدأ بالحديث معها في ضرورة الانفصال. وهذا ما تعلّق عليه بالقول: «لا أفهم منطق الأشياء. ومن الغريب أنه هو الذي قام بالفعل، وأنا التي عليها أن تدفع الثمن.(....). لقد حاول أن يُبدي أقل قدر ممكن من القسوة... ولكن كان قد أصدر حكمه القاطع».

المال والمجهول

ولا تتردد فاليري في التأكيد أنها بقيت تتسوق من أجل ما تحتاجه ويحتاجه أولادها من ملابس وغيرها في فترات التنزيلات، حتى عندما كان سكنها في قصر الإليزيه إلى جانب الرئيس فرانسوا هولاند.

وتروي الكثير من الحكايات التي واجهتها مع البائعين، الذين تعرّفوا عليها وأثار استغرابهم أنها تتسوّق مثل الآخرين. وتنقل عن إحدى الفرنسيات قولها «إذا كانت حتى نساء الرؤساء يقمن بمشترياتهن هنا فهذا يعني أن فرنسا تعاني من أزمة حقيقية».

ومن المسائل التي تتوقف عندها فاليري تريفرفيلر علاقتها بالكتاب، وتشير أنها منذ ثماني سنوات تحاول أن تدفع الفرنسيين عبر كتاباتها نحو القراءة مع تأكيدها أنها ليست ناقدة أدبية ولكنها تملك الحساسية حيال الكتب.

ومما تؤكّده: «لولا القراءة ما كنت أصبحت ما أنا عليه اليوم وقد أحببت القراءة منذ الزمن الذي تعلّمت فيه كيف أفك رموز الكلمات».

حكاية لاغاييت

لماذا وصلت الأمور بينها وبين الرئيس الفرنسي إلى ما وصلت إليه؟ كان ذلك هو السؤال الذي لم تتردد فاليري تريرفيلر في طرحه على نفسها، وعلى صفحات هذا الكتاب مرّات ومرّات. وتجيب بأشكال مختلفة أن إشاعة علاقة فرانسوا هولاند مع الممثلة جولي لاغاييت قد سممت حياتها منذ شهر أكتوبر من عام 2012.

في ذلك الوقت، أي بعد خمسة أشهر من وصول فرانسوا هولاند إلى رئاسة الجمهورية، بدأ سريان الشائعة. وتكررت الدعوات التي حضرتها الممثلة الشابة والرئيس الفرنسي دون حضور فاليري، بل ودون علمها. وعندما عرفت بالأمر شرح لها أن الأمر ليس أكثر من لقاء مع فنانين. وفهمت من التضارب في أقواله أنه لا يقول الحقيقة. وحاول بعض مستشاريه والأصدقاء أن يقدّموا لها الأمر وكأنه من صنع عناصر من معسكر اليمين يريدون تشويه صورة الرئيس.

لكن الشائعة عادت للظهور. فما كان من فاليري سوى أن اتصلت هاتفيا بلاغاييت لتشرح لها أن تلك القصّة مثيرة للاشمئزاز بالنسبة لي وسيئة على الصعيد السياسي. وكانت إجابة جولي أنها مستاءة هي أيضا، وأنها مستعدة للتكذيب رسميا، بل إنها ستقاضي كل أولئك الذين يروّجون مثل تك الفرضية.

وتقول فاليري: «لكن كيف يمكن للناس أن يكذبوا إلى هذه الدرجة»، وتتساءل بالوقت نفسه عمّا إذا كانت ضحيّة سرطان الغيرة.

 

عدد الصفحات: 320 صفحة

عرض ومناقشة: الدكتور محمد مخلوف

الناشر: ليزارين، باريس، 2014

Email