الكارثة.. أوروبا تذهب إلى الحرب في 1914

30 مليون ضحية حصاد الحرب العالمية الأولى

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يشّكل هذا الكتاب حلقة مستجدة في سلسلة الدراسات التي تستخدم منهج التحليل التاريخي، وخاصة ما يتعلق بالصراعات العسكرية التي لا تلبث تسفر عن نتائج ذات طابع جيو - سياسي في التحليل الأخير.

وقد بذل مؤلف هذا الكتاب جهداً لا ينكر في دراسة الأسباب والمبررات التي دفعت إلى إشعال الفتيل الرهيب الذي تجسد في الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) بكل ما أسفرت عنه هذه الحرب الضروس من نتائج غيرت إلى الأبد توزيع القوى ومواقع السلطة ومحاور النفوذ في القارة الأوروبية، التي كانت مع أوائل القرن العشرين تمسك بمعظم مقاليد الأمور في قيادة عالم ذلك الزمان، وفي مقدمة هذه المتغيرات التي أسفرت عنها الحرب ما تَمَّثل في سقوط وزوال إمبراطوريات القرن التاسع عشر، يستوي في ذلك إمبراطوريات النمسا/ المجر ثم نظام روسيا وألمانيا الإمبراطوري وأخيراً الإمبراطورية العثمانية في تركيا، وهو ما أدى كذلك إلى طرح وتأكيد أهمية التوصل إلى منظومة عالمية يسند إليها دور محوري في تنظيم العلاقات الدولية على نحو ما جسدته عصبة الأمم في عشرينات القرن، ومن ثم منظمة الأمم المتحدة التي خلفتها على الساحة العالمية مع منتصف عقد الأربعينات.

 

وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم

                       وما هو عنها بالحديث المرجّم

 

هكذا يقول زهير بن أبي سلمى (530-627 م) في معلقته الشهيرة، وبديهي أن الشاعر الجاهلي إنما كان يتحدث عن حرب خفيفة الوطأة بكل المقاييس، هي حرب الأقواس والسهام، وحرب الدروع والخيول، فضلاً عن كونها الحرب التي يتبارز في خضمها فرسان بعيداً عن ساحات السكان غير المشاركين في الصراع، أو هم السكان المدنيون كما تقول مصطلحات القانون الدولي الإنساني المعاصر. لكن الكتاب الذي نستعرض فصوله وصفحاته في هذا السياق يعرض لحرب من نوع آخر تماماً، ولفرط جسامتها فهي تحمل في أدبيات التاريخ العالمي الحديث الوصف التالي "الحرب العظمى".

ومن عجب أن العظمة هنا إنما تنصرف أساساً إلى معاني فداحة الخسائر وجسامة الثمن المدفوع، بمعنى أن الحرب المذكورة، وهي أولى الحروب العالمية بحق في الزمن المعاصر، لم تكن تقتصر فقط على كونها صراعاً دولياً بالغ الشراسة والضراوة بل يصدق عليها بالدرجة الأولى الوصف التالي: "الكارثـة".

30 مليوناً عدد الضحايا

هذا هو بالضبط التعبير الذي اختاره مؤلفنا عنواناً لهذا الكتاب وقد شفعه بعنوان فرعي يمهد فيه للموضوع الذي يخطط للخوض فيه، والعنوان الفرعي هو "أوروبا تذهب إلى الحرب في 1914".

وفيما يكاد ينقضي على هذه الحرب العظمى حتى لا ننسى - مئة عام إلا بضعة أشهر أو أسابيع، فإن استعادة مشاهدها، واستيعاب عبرتها، والتأمل فيما آلت إليه من نتائج، مازالت عناصر لها أهميتها في استكمال أنساق الوعي والمعرفة لدى المثقف المعاصر، فيما تمثل دروسها المريرة المستفادة معالم بارزة على طريق هذا الوعي، في عصر لم يعد يقبل منطق العزلة الوطنية أو القومية أو الجهوية أو الإقليمية ولا حتى القارية، بل هو عصر العولمة بامتياز وبمعنى أن كل فرد يعيش فوق ظهر الكرة الأرضية أصبح مطالَباً بأن يؤدي دوراً، أي دور، في سبيل الحيلولة دون اشتعال الصراعات التي من المحقق أن تمتد شرارتها من مكان إلى كل مكان.

اهتمام زائد

في ضوء هذا كله، جاء اهتمام الأوساط السياسية والنقدية بصدور هذا الكتاب، خاصة وقد عكف على بحثه وإعداده كاتب صحافي بريطاني مخضرم ومقتدر، بل يكاد يكون اختصاصيا في متابعة جولات الصراع العسكري على مستوى مناطق شتى من عالمنا يستوي في ذلك حرب يتنام في جنوب شرق آسيا مع الحرب العربية الإسرائيلية في أكتوبر 1973.

وفيما شهد القرن العشرون، كما هو معروف، اثنتين من الحروب حملتا وصف العالمية، وأحياناً وصف الكونية، فالحاصل - وهو ما يجهد مؤلف هذا الكتاب في إثباته - هو أن الحرب العالمية الأولى أفضت، ولو نسبياً، إلى نتائج أعمق أثراً من حيث التغييرات الجذرية التي تسببت فيها على توزيع القوى وإعادة رسم خارطة النفوذ في العالم. ويكفي، كما يوضح هذا الكتاب، أن جاءت، أو اندلعت حرب 1914 فإذا بها تنقل عالمنا من عصر الإمبراطوريات إلى عصر الديمقراطيات، إن صح التعبير.

ويكفي أيضاً أن يسفر هذا الصراع الدولي عن تأكيد رغبة العالم، ومن ثم تعميق إرادته في التوصل إلى كيان عالمي، أو منظومة دولية مشتركة حملت أولاً عنوان عصبة الأمم وهي الجدّة العليا إن صح التعبير - للمنظومة التي ما زالت تحمل في عصرنا عنوان الأمم المتحدة بكل ما تضمه المنظومة الأحدث من مؤسسات ووكالات متخصصة، ومن منظمات وبرامج وصناديق على اختلاف المسؤوليات والتخصصات.

وليس صدفة أن تقوم هذه الكيانات سواء كانت عصبة أمم، أو كانت أمماً متحدة على أساس مقولة باتت تشكل أسّ العمل الجماعي الدولي، وهي مكرسة بامتياز وجلاء في الشِرعية الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويؤكد نصّها باختصار شديد على أن الغاية المقصودة من كل هذه الجهود الجماعية إنما تتمثل في هدف واحد بل هدف وحيد هو حفظ الأمن والسلم الدوليين.

إنذار من النمسا

يستهل مؤلفنا دراسته الحافلة بإلقاء اللوم في إشعال نيران الحرب العالمية الأولى على عاتق كيان، كان ملء السمع والبصر والاهتمام على مستوى أوروبا - القرن التاسع عشر. وكان يحمل الاسم التالي "إمبراطورية الهابسبورغ في النمسا والمجر".

هذه الإمبراطورية إلى جانب ألمانيا وكانت إمبراطورية بدورها محكومة بالقيصر غليوم المنتمي بدوره إلى أسرة الهوهنزلورن، كانتا السبب في اشتعال الصراع الدولي، الذي انطلقت شرارته الأولى فور اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند في مدينة سراييفو الشهيرة من أعمال شبه جزيرة البلقان. كانت تلك حادثة من حوادث ما يمكن تسميته بظاهرة قديمة طبعاً - من ظواهر الإرهاب الدولي حين قام الصربي غافريلو برينسيب بإطلاق الرصاص على الأرشيدق فرانز وزوجته صوفيا يوم 28 يونيو من عام 1914.

بعدها يتابع كتابنا كيف وجهت النمسا الإمبراطورية، مدعومة من حليفتها ألمانيا - القيصرية إنذاراً يهدد بالويل والثبور إلى صربيا، يومها أيضاً خفت روسيا القيصرية بدورها إلى نجدة صربيا، جارتها الصغيرة في وسط وشرقي أوروبا، فضلاً عن شريكتها الثقافية بوصف الطرفين ينتميان إلى الثقافة السلافية المشتركة، بعدها أيضاً ازدادت الأمور اشتعالا حين دخلت كل من إنجلترا وفرنسا معمعة الحرب.

وتشاء التحالفات والترابطات والمصادفات السيئة أن تدخل تركيا الإمبراطورية أو الخلافة العثمانية طرفاً في هذا الصراع الدموي بوصفها حليفاً لألمانيا، فيما تشاء الأقدار، كما أصبح معروفاً أن تسفر جولات وأوضاع هذا الصراع الدولي عن انهيار، ومن ثم سقوط، كل من هذه الكيانات الإمبراطورية واحداً بعد الآخر.

بين الصدفة والتصميم

إن مؤلف كتابنا يصدر عن العبارة التي سادت أوساط الأطراف التي شاركت في معمعة الحرب الأولى والعبارة هي: "كلنا كنا مذنبين".

إن المؤلف لا يلبث أن يحيل إلى دراسة قام بها في عقد الستينات من القرن الماضي المؤرخ الألماني فريتز فيشر، وخلص فيها من واقع اطلاعه على الأرشيف الألماني، إلى أن قيصر ألمانيا كان مصمماً على خوض الحرب في عام 1914، وبمعنى أن حكاية مصرع الأرشيدق النمساوي في شوارع سراييفو لم تكن سوى الذريعة التي كانوا بانتظار حدوثها من أجل إعلان الحرب على روسيا، وكان سبب التصميم الألماني على هذا التوقيت هو قطع الطريق على الإمبراطورية الروسية قبل أن يتمكن قياصرة آل رومانوف الحاكمون فيها من تطوير وتحديث قواتهم المسلحة، والمشكلة أن الألمان فوجئوا بأن بريطانيا ما لبثت من جانبها أن قررت خوض الحرب ولم تلتزم جادة الحياد كما توقع الألمان، وهكذا اكتملت، أو كادت تكتمل الدائرة الجهنمية العالمية لحرب 1914 العظمى.

مع هذا كله، يعترف مؤلف كتابنا ماكس هاستنغز بأن ثمة أسراراً أو ألغازاً مازالت تكتنف اندلاع حرب 1914 وذلك بحكم التعقيدات والتشابكات التي أحدقت باندلاعها والملابسات التي واكبت تطورها.

بيد أن المؤلف، من جانب آخر، أحسن صنعاً عندما لم يعتمد في بحثه المستفيض على سجلات الحكومات أو على دفاتر الجيوش الرسمية، ولا حتى على مجرد مذكرات القادة العسكريين أو على خُطب الزعماء المدنيين، لقد أنجز ما يصفه المحللون بأنه عملية اختراق في مجال البحث التاريخي، متمثلاً في اعتماد فصول وتحقيقات كتابنا على رسائل الجنود ويوميات ميادين القتال بكل سخونتها وعفويتها، ومن ثم اقترابها من حقائق الأمور، وفي هذا السياق بالذات يعترف المؤلف وهذه شيمة حميدة نرى أهمية أن يحتذيها الباحثون والأكاديميون العرب الثقات على مجموعة من مساعدي البحث الذين غاصوا كما قد نقول في أضابير الملفات وفي محتويات الأرشيف في العواصم التي تورطت في الحرب العالمية الأولى ما بين بلغراد إلى برلين وما بين موسكو إلى يينا.

صحيح يقول نقاد الكتاب - إن المؤلف لم يصل إلى درجة الدقة المطلوبة في تدارس ما شهدته الجبهة الشرقية (وسط وشرق أوروبا من البلقان وحتى روسيا)، حيث لوحظ أنه لم يكن يتمتع بالتعمق الكامل في فهم سلوكيات ومواقف فلاحي الشرق الأوروبي الذين سيق شبابهم على كره منهم جنوداً في ميادين القتال.

لكن يصل المؤلف إلى درجة التألق - كما يشهد بذلك نقاد الكتاب أيضاً حين يتحول إلى الحديث عن الجبهة الغربية خلال الحرب العالمية، وخاصة حين يتطرق إلى متابعة الهجوم الواسع والساحق الذي شنته ألمانيا من أجل اكتساح بلجيكا بل وشمالي فرنسا طبقاً لخطة شليفن المعمول بها في ذلك الحين، وكاد النصر يتحقق تماماً لصالح الألمان لولا أن استعاد الفرنسيون رباطة جأشهم واستطاع قادتهم العسكريون الوطنيون من أمثال جوفر وجاليني أن يصدّوا الهجوم، فيما أصبح يعرف باسم معجزة فوق المارن.

منذ 50 عاماً

في هذا السياق يستعيد النقاد ما سبقت إليه الكاتبة الأميركية بربارا توكمان التي أصدرت في عام 1962 كتابها الشهير بعنوان مدافع أغسطس وكان بدوره عن الحرب العالمية الأولى، وكان ذلك في ذكرى اندلاعها الخمسين في تلك الفترة. وقد نالت الكاتبة المذكورة جائزة بولتزر الأميركية الرفيعة، خاصة وقد اتضح أن كان من المعجبين بكتابها الرئيس الأميركي الأسبق ون كيندي الذي جاء الكتاب ليؤكد تصورات كيندي بأن الحروب إنما تقوم بفعل مصادفات غير سعيدة بالطبع أكثر مما تقوم عن سابق إصرار وتصميم.

وبديهي أن مؤلف كتابنا، ماكس هاستنغز، يعد أحسن حظاً من زميلته السابقة التي أصدرت كتابها كما أسلفنا - منذ 51 عاماً، لقد وجد أمامه محتويات الملفات ومستندات المحفوظات وقد أصبحت متاحة للاطلاع والدراسة، بعد أن تم الإفراج عنها بموجب قوانين الوثائق وحرية المعلومات في أغلب أقطار الغرب.

لكن أهم ما توقف عنده محللو كتابنا إنما يتمثل كما نتصور - في تلك المقاربة أو المشابهة التي يطرحها البروفيسور هيو ستراثان أستاذ علم الحرب بجامعة أكسفورد حين يذهب في تحليله النقدي لكتابنا إلى أن رؤية أوجه شَبه أو تَناظر بين حالة الشرق الأوسط الراهنة وبين حالة شبه جزيرة البلقان في فترة ما قبل 1914 منذ 100 سنة مضت. إن سوريا يمكن أن تشبه حالة سرافو، وبمعنى أن قوة محلية (أو دولة صغيرة) يمكن أن تكون لديها قدرة التسبّب في دفع الدول أو الكيانات الأكبر حجماً والأكثر قوة إلى أتون أزمة لم تكن لتخطر على بال أحد من قبل.

ويمضي البروفيسور ستراثان إلى حيث يؤكد أنه لو كان ثمة منطقة في عالمنا يمكن أن تتسبب في إشعال أزمة مماثلة لأزمة عام 1914 لكانت هذه المنطقة هي الشرق الأوسط، وهو ما يجعل المنطقة (وسكانها وحكامها ومثقفيها ومَن إليهم) بحاجة إلى قراءة واستيعاب عمل فكري من نوعية الكتاب الذي نعايش فصوله في هذه السطور، من حيث تحليله للظروف والأسباب التي أدت كما أسلفنا - إلى اندلاع نيران الصراع الدولي الرهيب، الذي بدأ إقليمياً في منطقة البلقان ثم ما لبث أن انزلقت إلى هاويته قوى ودول وإمبراطوريات وممالك على مدار أكثر من 4 سنوات دامية مدمرة ماحقة من العقد الثاني من القرن العشرين.

هنالك يتوقف كتابنا عند أهم ما تكبّده عالم ذلك الزمان من خسائر، كان في مقدمتها طبعاً خسائر الأرواح، فقد شارك في خنادق تلك الحرب وعلى ساحات ميادينها الدموية نحو 65 مليون مقاتل. لكن بلغ عدد القتلى نحو 10 ملايين إنسان فيما بلغ عدد الجرحى نحو 20 مليونا من الضباط والجنود وكلها كما نرى - خسائر سوبر - فادحة إذا ما قسناها في ضوء حجم سكان العالم منذ 100 سنة من عمر زماننا.

تطور آلة الحرب الحديثة

يتوقف كتابنا ملياً عند التحولات الجذرية بكل معنى - التي كانت يومها قد استجدت على آلة الحرب مع مقتبل القرن العشرين، وهكذا شهد العالم، وشهدت جيوشه وقواته المسلحة، أسلحة من قبيل الغواصة والطائرة والدبابة والمدفع الرشاش، ومع ذلك يؤكد كتابنا أن هذا كله لم يكن ليغني في قليل أو كثير عن المقاتل الإنسان، أو ما يصفه المؤلف بأنه أقدام الجنود البيادة فوق الأرض، أو البيادة وهي تخوض في أوحال ساحة العمليات.

يرفض مؤلفنا أيضاً ما تصوره بعض المؤرخين من أن قادة أوروبا وحكامها وزعماءها في تلك الفترة قادتهم الظروف وأفضت بهم الملابسات أو تصاريف الأقدار إلى خوض الحرب العالمية الأولى.

لقد وصفهم بعض مؤرخي الفترة بأنهم كانوا أقرب إلى السائرين نياماً. لكن مؤلفنا يرى أن اللاعبين الرئيسيين في ذلك الصراع الدولي كانوا على وعي مسبق وتصميم فاهم لما كانوا مُقدمين عليه من المشاركة في الحرب العظمى وسق على ذلك ما كان من كل طرف منهم يعيشه ويلمسه من أحوال وظروف.

من ذلك مثلاً، أباطرة النمسا كانوا يخشون من ثورة عصيان ضد سلطتهم في مناطق البلقان، فضلاً عن خشية من تحالف الصرب مع روسيا.

أباطرة روسيا كان لديهم مشكلات خطيرة دفعتهم إلى حشد قواهم وتعبئة أمتهم للحرب، كان أسطولهم قد تحطم في حربهم مع اليابان في عام 1905، وهو العام الذي شهد البروفة الأولى للثورة البلشفية التي أطاحت بالإمبراطورية الروسية في عام 1917.

ألمانيا كانت قد أصبحت قوة صناعية لا يستهان بها، وكان بارونات الصناعة فيها يتطلعون إلى انتصارات وأمجاد، وأسواق لتصريف ما ينتجون.

فرنسا كانت تغيّر الحكومة كل شهر تقريباً، آية على ما كانت تعانيه من زعزعة الاستقرار. إنجلترا كانت تواجه سخط عمال المناجم على تردّي أحوالهم. وكم اضطرت لندن إلى استخدام جنودها لإعادة المضربين منهم إلى صناعة التعدين، هذا فضلاً عن بوادر الثورة التي أدت إلى انفصال دولة إيرلندا عن سيطرة التاج البريطاني.

كانت النذر واضحة، وكأنما كانت الحرب الضروس تشكل مفتاحاً للتعامل مع كل هذه المشكلات. ولم يكن ينقص سوى سبب مباشر، درامي بكل معنى، وتحقق السبب باغتيال الأرشيدق النمساوي في شوارع سراييفو، عروس البلقان.

 

المؤلف في سطور

يعد ماكس هاستنغز في طليعة الباحثين الإنجليز الدارسين بعمق لظاهرة الحروب والصراعات العسكرية بكل ما تتسم به من أبعاد استراتيجية وجيو - سياسية، وبكل ما تسفر عنه من نتائج على حياة الأمم والشعوب. من هنا اتصلت مجموعة كبيرة من الكتب التي أصدرها على مدار حياته المهنية، وعددها حتى الآن 25 كتاباً، بموضوع الحرب من حيث أسباب اشتعالها وأيضاً من حيث النتائج التي تفضي إليها. درس المؤلف في جامعة أكسفورد واحترف مهنة الصحافة والتحق بالتليفزيون البريطاني، وظل يوافي الصحف والتليفزيون برسائله من 64 بلداً على مستوى العالم، وقد تولى المؤلف أيضاً رئاسة تحرير صحيفة "ديلي تلغراف" اللندنية على مدار الفترة 1986 - 2002.

وخلال هذه الفترة وما بعدها نال العديد من الجوائز عن الكتب والأعمال الصحافية التي أصدرها، وخاصة ما يتعلق منها كما ألمحنا - بالتاريخ العسكري. وكان أحدث هذه الجوائز في عام 2012 حين فاز بجائزة مكتبة شيكاغو الأدبية عن مجمل مساهماته المحمودة إلى دراسة وفهم التاريخ العسكري، هذا فضلاً عن منحه وسام وستمنستر في بريطانيا عن كتبه التي يتصدر بعضها قائمة أكثر الكتب مبيعاً لقارئ اللغة الإنجليزية. وإلى جانب هذه الكتابات البحثية قدم المؤلف العديد من الأفلام الوثائقية التي عرضت على شاشة التليفزيون، فيما منح وسام الفارس الرفيع من ملكة بريطانيا في عام 2002 عن خدماته الجليلة في عالم الصحافة.

 

عدد الصفحات، 628 صفحة

تأليف: ماكس هاستنغز

عرض ومناقشة: محمد الخولي

الناشر: مؤسسة ألفرد نوف، نيويورك،

Email