لورنس في بلاد العرب

لورنس .. شغل الدنيا وخدع الناس

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعبّر هذا الكتاب عن حقيقة أن إدوارد توماس لورنس المعروف باسم لورنس العرب ما زالت سيرته بكل أسرارها تحظي بقدر لا ينكر من اهتمام الباحثين والمؤرخين والقارئين، على حد سواء.

ويتميز هذا الكتاب بأن مؤلفه استطاع أن يجمع بين قدراته كباحث ومؤرخ ومراسل صحافي وبين موهبته كأديب روائي، ومن ثم جاء الكتاب حافلاً بقدر غزير ومفيد من التفاصيل، خاصة وأن المؤلف لم يركز فقط على لورنس، بمعنى أن يجعل منه بطلاً محورياً ومطلقاً لطروحات الكتاب، بل عمد إلى اتّباع منهج غير مسبوق بالنسبة إلى التعامل مع شخصية رجل الاستخبارات البريطانية، خلال الحرب العالمية الأولى، وهو أيضاً صديق الجانب العربي، الذي قام أيامها بإشعال الانتفاضة التي اندلعت من غربي الجزيرة العربية، وحملت في التاريخ المعاصر اسم الثورة العربية الكبرى (عام 1915).

وقد انطلقت هذه الحركة من واقع طموح العرب إلى الاستقلال عن السيطرة العثمانية، أو الاستعمار التركي، الذي ظل جاثماً على أنفاس شعوب المشرق والمغرب العربي لأكثر من 400 سنة من عمر العصر الحديث.

لقد روى الكتاب حكاية لورنس من منظور رباعي الأبعاد ضم جاسوساً ألمانيّاً + استعماريا صهيونياً + عميلاً أميركياً كان يعمل لحساب خارجية واشنطن وشركة ستاندارد للبترول، إلى جانب سيرة لورنس بطبيعة الحال.

وقدم الكتاب هذا الرباعي بكل ما واكب سيرة أفراده وسلوكياتهم من شكوك وسلبيات، فضلاً عن إشارات لها قيمتها إلى شخوص شهدها ذلك العصر كان لها دورها المتميز سواء من العرب أو من الأتراك.

قالوا عن أبي الطيب المتنبي عبارة شهيرة ما زالت تتردد مع اختلاف الظروف، وهي: كان رجلاً ملأ الدنيا وشغل الناس. بيد أن الحديث فيما يلي من سطور سيدور حول رجل من طراز مختلف، ويمكن في تصورنا أن تصدق عليه هذه العبارة مع تحويرها، كي تقول ما يلي: كان رجلاً شغل الدنيا وخدع الناس.

هو إنجليزي الجنسية، ينتمي إلى الجيل الذي يجمع في زمانه بين أواخر القرن التاسع عشر وردح طويل من العقود الأولى من القرن العشرين. ومن هنا تزامنت مرحلة النضج في هذا الجيل مع الحقبة التي شهدت اندلاع الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وهي الحقبة التي ما برحت محل اهتمام المفكرين والمؤرخين والمنظِّرين العرب، ربما حتى كتابة هذه السطور.

لماذا؟ لأنها حقبة انسلاخ الوطن العربي بجناحيه المشرقي والمغاربي عن السيطرة الاستعمارية التركية ممثلة كما هو معروف- في الدولة العثمانية التي ألقت بظلال سلطتها وسطوتها على تلك الربوع الناطقة باللغة العربية، على مدار فترة طويلة من الزمن، وهي الفترة التي بدأت بالغزو العثماني للشام في عام 1516، وانتهت مع سقوط الخلافة العثمانية وإعلان الدولة الأتاتوركية في عام 1922 للميلاد.

وبديهي أن الدول والكيانات السياسية، شأن الأفراد من البشر، يصدق عليها ما يصدق بالضرورة على الكائن الحي من عوامل النشأة والأسباب الحيوية ومظاهر التطور والنضوج، بقدر ما يصدق عليها عوامل التدهور واعتلال الصحة وأمارات الوهن ومظاهر الشيخوخة، وهو ما لاحظه من منظور التحليل الثاقب العميق عملاق علم نفس التطور والحضارة الإنسانية عبدالرحمن بن خلدون في أطروحته الشهيرة بعنوان المقدمة.

وهذا هو بالضبط ما انطبق على الدولة العثمانية التي كانت قد بلغت ذروة شأوها من حيث القوة والتقدم والمنعَة في عهد السلطان سليمان (1494-1566) الذي يعرف في حوليات التاريخ العربي بلقب "سليمان القانوني" بعد أن صدرت فيه لوائح، ونظامات ومدونات أدت إلى ترسيخ أسس الدولة التركية الحديثة، فيما تصفه حوليات التاريخ الأوروبي بأنه سليمان العظيم (The Magnificent)، كيف لا وقد دقت جحافله الظافرة أبواب فيينا عاصمة النمسا وحاضرة إمبراطورية هابسبورغ وكان ذلك في عام 1529 على وجه التحديد.

مع ذلك، فقد شاءت نواميس التطور أن يواصل الكيان التركي الإمبراطوري نمط تدهوره إلى حيث تحّول إلى أطلال شبه متداعية مع مطالع القرن العشرين، وخاصة بعد أن تورطت اسطنبول أيامها في دخول الحرب العالمية الأولى- الحرب العظمى، كما سماها أهل العصر وقتها، إلى جانب الألمان، فكان أن تلّقت الدولة العثمانية هزيمة ساحقة في الحرب، وهو ما فتح مسرح الأحداث في المشرق العربي بالذات كي تلعب على خشبته شخصيات مازال يذكرها التاريخ، فيما كانت هذه الشخصيات تعزف أيضاً على وتر التطلع العربي إلى التحرر من السلطة التركية، وإلى بناء دولة الاستقلال العربية الحديثة، التي طالما تطلعت إليها الجماهير العربية جيلاً من بعد جيل.

لورنس العرب

من هذه الشخصيات كان الإنجليزي الذي ألمحنا إليه في مطلع هذه السطور. نتحدث عن لورنس، بالتحديد إدوارد توماس لورنس (1888-1935) المعروف باسمه الشهير" لورنس العرب" (أو لورنس بلاد العرب).

وهو الاسم الذي تردد في مراجع ومناسبات شتي، ما بين كتب التاريخ، وسجلات السياسة، إلى وثائق الاستخبارات وأفلام السينما التي تفننت في إبداعها قرائح هوليوود.

وبرغم هذا الكمّ الغزير، بل الهائل كما قد نسميه مما تناول سيرة لورنس- العرب، فما زالت الدراسات تترى حول هذه الشخصية التي كان لها تأثيرها البالغ بحق في مسار الأحداث بالمشرق العربي، ما بين ربوع الشام إلى بوادي الجزيرة العربية إلى مواقع قلم الاستخبارات البريطاني على ضفاف وادي النيل، بل تشاء الأقدار أن تضع نهاية درامية بحق لحياة لورنس نفسه حين لقي مصرعه في حادث دراجة نارية غامض إلى حد ليس بالقليل، ولكن بعد أن ذاع في الآفاق الكتاب الذي أودع فيه لورنس خلاصة تجاربه، وممارساته بل نقول مغامراته في الصحاري والوديان والجبال العربية تحت عنوان بات شهيراً في عالم الأدب الإنجليزي الحديث وهو: "أعمدة الحكمة السبعة".

لا عجب أن تجذب هذه السيرة الشخصية، التي تجمع بين أبعاد شتي: ما بين عميل الاستخبارات، إلى المغامر عبر فيافي الصحراء العربية، إلى رجل الفكر والتاريخ، إلى الضابط في سلاح الطيران الملكي. ونلاحظ في هذا السياق أيضاً أن مؤلف الكتاب سكوت أندرسون، وهو بدوره كاتب يجمع بين حرفة الصحافة مراسلاً حربياً في العديد من ساحات الصراع، وبين إبداع الروائي الذي يربط من صراع الأسلحة وصراعات النفوس في آن معاً.

المؤرخة إليكس فون تونزلمان نلاحظ في تحليلها النقدي لهذا الكتاب أن المؤلف، على خلاف سابقيه لا يورد تعريفاً حول بطل كتابنا بوصفه لورنس العرب، بل اختار المؤلف العبارة التالية " لورنس في بلاد العرب" ثم شفع هذه العبارة، بالعنوان الفرعي الذي يقول تفصيلاً بما يلي:

، الحرب، الخداع، الحماقة الإمبريالية، (ومن ثم) صُنْع الشرق الأوسط الحديث.

والحق أن الكلمات الأخيرة لاتزال تسلط أضواء الاهتمام على هذا الكتاب، وخاصة في ضوء اضطرام وتفاعلات الأحداث الراهنة- على صعيد الجناح المشرقي من العالم العربي بالذات، وخاصة ما يتعلق بدور تركيا في الوقت الأحلى وطروحات أنقرة وإسطنبول بشأن ما يوصف أحياناً بأنه العثمانية الجديدة آية على رغبات دفينة ربما يحدوها الشوق، إن لم يكن التوق، إلى انبعاث ذكريات إمبراطورية أو دولة خلافة كانت تركيا تتربع على قمتها في يوم من الأيام.

لورنس بطل هذا الكتاب- تعلّم في أكسفورد، ومنها انطلق إلى المشرق الذي لاشك كان يراود خياله وخيال زملائه ومعاصريه بوصفه ساحة للمغامرة وموئلاً لفترات بالغة الثراء والإثارة من مراحل التاريخ.

عن الرباعي شبه المجهول

لكن الجديد الذي نلاحظه خلال عرضنا لفصول وطروحات هذا الكتاب أن المؤلف لم يتابع سيرة لورنس من باب تكريس بطولته، ولا حتى تحليل فردية شخصيته: لقد عمد المؤلف إلى الإطلال على لورنس وأعماله من خلال منظور رباعي كما قد نسميه. وهذا المنظور يضم 4 شخصيات رئيسية يعرضها كتابنا على الوجه التالي:

(1) إدوارد توماس لورنس إياه، وهو رجل الجاسوسية البريطانية الذي لعب أدواره في خضم الانتفاضة التي قادها عرب الحجاز ضد المستعمرين الأتراك وحملت في التاريخ المعاصر اسم الثورة العربية الكبرى.

(2) كورت بروفر، وهو الجاسوس الألماني الذي كان يلعب دوره عند الطرف الآخر من معادلة التجسس، وبمعني أنه فيما كان لورنس يلعب دور تأييد الإنجليز للعرب ضد الأتراك بهدف إسقاط الإمبراطورية العثمانية، كان بروفر يلعب دور تأييد الأتراك العثمانيين ضد الإنجليز بهدف إسقاط الإمبراطورية البريطانية.

(3) ويليام ييل، الثري الأميركي الذي كان عميلاً كما يقول كتابنا- لصالح شركة ستاندارد أويل للبترول ثم استخدمته بعد ذلك وزارة الخارجية الأميركية في تلك الفترة الباكرة من القرن العشرين.

(4) آرون أرونسون، رجل الاقتصاد الزراعي القادم من رومانيا، كان صهيونياً ومن ثم كان تجسيداً لإرهاصات ونذر مشروع الاستيطان العنصري الصهيوني في فلسطين المحتلة، ومن ثم عمد الرجل إلى الاســتيطان في فلسطين منذ تلك الفترة .

هذه المادة الرباعية الأبعاد، على نحو ما أوضحنا، هي التي أتاحت لمؤلف هذا الكتاب أن ينسج من خيوطها حكاية لورنس وزمانه، كي تكتمل لُحمة هذا النسيج ما بين البعد المرتبط بالسياسة (لورنس) أو البعد الاستخباري المرتبط بصراع الإمبراطوريات (بروفر)، وكان صراعاً أقرب إلى صراع الديناصورات المحكوم عليها بالاندثار سواء كانت ألمانية اندثرت مع صلح فرساي 1919 أو كانت تركــية اندثرت بعد سقوط الخلافة في 1922، أو كانت بريطانية اندثرت بدورها بعد معارك السويس في عام 1956.

هناك أيضاً البعد الصهيوني (أرونسون) الذي كان يتفاعل في زمن نشاط لورنس مع جهود حاييم وايزمان في خدمة جيوش الحلفاء خلال الحرب الكونية الأولى، وهو ما أوصلهم إلى الفوز بوعد بلفور في نوفمبر 1917 الصادر بشأن وطن قومي لليهود في فلسطين، ما بالنا إذن بالبعد البترولي (ييل) الذي كان يتربص بأقدار المنطقة ومواردها ومصائرها أيضاً، فيما يجدل مؤلف الكتاب- باقتدار الباحث وموهبة الروائي- ضفيرة بالغة الدقة توضح أمام القارئ العربي عبرة تاريخ أمتنا في تلك العهود.

يحفل الكتاب كذلك بالعديد من الشخصيات والرموز المؤثرة في الأحداث، من أهل الشرق الأوسط: ما بين الزعماء الأتراك مثل جمال باشا حاكم سوريا وأنور باشا وزير حربية إسطنبول إلى زعماء العرب مثل الملك فيصل الأول الذي تولي مع عقد العشرينات عرش العراق.

جمال باشا والمشنقة

وإلى جانب ما يعرض له كتابنا من تصرفات وأفكار هذه الشخصيات، لا يفوت المؤلف سكوت أندرسون أن يعرض أيضاً إلى ما تزامن مع هذا كله من ظواهر وظروف سياسية كان على رأسها بالذات معاهدة سايكس بيكو التي أدت إلى مؤامرة لندن وباريس على اقتسام السلطة والنفوذ في أقطار المشرق العربي.

مؤلفنا لا يتردد أيضاً في استثمار موهبة المبدع الروائي، حتى وهو يسلط الضوء في معرض السرد والتحليل على لقطة تاريخية لاشك يدرك أهميتها القارئ العربي لهذا الكتاب.

تأمل مثلاً مشهد جمال باشا- حاكم سوريا- الكبرى- السفاح كما يعرف في التاريخ العربي المعاصر: أحضروا أمامه الجاسوس الصهيوني آرون أرونسون. بدأ في استجوابه بشأن تحركاته المريبة في ربوع فلسطين، هدده جمال باشا بتعليقه على مشنقة الإعدام، ما كان من الجاسوس الصهيوني إلا أن استجمع أطراف جأشه ليخاطبه قائلاً، على نحو ما يروي هذا الكتاب:

- يا معالي الباشا، وزْني ثقيل كما ترى سعادتكم. وجسمي كفيل بأن يحطم المشنقة، وصوت انكسارها سيحدث ضجة كافية لكي يسمعوها هناك في أميركا.

هنالك يبادر مؤلفنا إلى تعليق تورده سطور الكتاب على النحو التالي:

- صحيح أن كان صاحبنا يحكي عن بدانته المفرطة، ولكنه كان يلمح في الوقت نفسه إلى شبكة علاقات تربطه مع أصدقاء ذوي نفوذ عبر الحدود.

فتش عن النفط

تتعدد أيضاً الأماكن التي يرجع إليها مؤلف هذا الكتاب لكي يصور فيها ما وقع من أحداث، ما بين سفارة ألمانيا في القاهرة حيث كان الجاسوس الألماني يحاول تنظيم فِرَق ترفع الشعار الإسلامي تحت أعلام الجهاد ضد الحكم البريطاني ولصالح السلطة العثمانية، إلى سوريا حيث عمل الصهيوني أرونسون بكل خبث على اكتساب ثقة حاكمها العثماني جمال باشا، إلى مواقع شتى على خارطة السلطة العثمانية، تلك التي ظل ويليام ييل الأرستقراطي الأميركي يتجول بين ربوعها لجمع معلومات وإنشاء علاقات تمهيداً لأنشطة شهدتها سنوات عقود مقبلة حيث كانت جهود ييل موزعة بين خدمة الخارجية الأميركية التي كانت تتطلع إلى موطئ قدم وبدايات نفوذ في الشرق الأوسط، وبين خدمة شركة البترول العالمية ستاندارد أويل، التي كان طبيعياً أن تجهز نفسها لدورها النفطي في منطقة المشرق العربي بشكل عام.

ثم كان هناك أيضاً مواقع شتى في صحراء شبه الجزيرة، وخاصة في المنطقة الواقعة بين أرض الحجاز وبين برّ الشام، وهي تلك التي امتد على أديمها خط سكة حديد الحجاز الذي كان يربط بين دمشق والمدينة المنورة، وقرر الثوار العرب أن يدمروا أجزاء منه منعاً لأي إمدادات تبعث بها قيادات الباب الأعلى من الأناضول أو غيرها لضرب انتفاضة الثورة العربية الكبرى التي شهدها عام 1915 ضد المستعمرين الأتراك.

ومن واقع سيرة لورنس، وهو الشخصية المحورية في كتابنا، يصارحنا المؤلف بأن لورنس جاء إلى بلاد العرب متأثراً بدراسته في علم الآثار في أكسفورد، بقدر ما كان يجيش خياله بأشباح من الماضي الوسيط في المنطقة وهو الماضي الذي شهد الغزوات الأوروبية للمشرق العربي تحت أعلام الصليب، هذا فضلاً عن سحر الصحاري العربية، التي خلبت لبّ المغامر الآتي من بلاد الإنجليز، بخشونتها وبْدوها وقطعانها، فضلاً عما تحويه الصحراء من غوامض الأسرار.

ثمة سطور وطروحات تلمح إلى أن لورنس نفسه لم يكن مخلصاً بالقدر الكافي إزاء قضية العرب الذين حاول أن يقنعهم بأنه معهم على طريق الاستقلال وإقامة الدولة العربية المرتجاة، لكن يبدو أن إبداعات هوليوود، وخاصة الفيلم الذي قدمه للناس المخرج المقتدر ديفيد لين في عام 1962 استطاع أن يُضفي لمسات من هالات البطولة على شخصية لورنس، وإن كنا نشعر أن الكتاب الذي ين أيدينا جاءت سطوره أعمق غوراً وربما أخلص صدقاً من الفيلم، حيث لم يتورع المؤلف عن أن يعرض في سطوره لما شاب مسيرة لورنس بشكل خاص والانتفاضة الاستقلالية العربية بشكل عام من سلبيات، جمعت وقتها بين سوء التقدير ومشاعر الغرور والقراءة الخاطئة للواقع الإقليمي والدولي، وخاصة واقع القوي الدولية في فترة ما بعد الحرب العالمية، فضلاً عن مشاعر الغيرة التي نشبت بين الشخصيات الرئيسية والقيادية في تلك الفترة.

إضافة إلى ما حوته نفس الفترة من مخططات من صنع قوى الاستعمار الغربي، وربما كان أبسطها تأجيل أي عمليات تنقيب عن النفط حتى لا يستفيد منها الأتراك المسيطرون وحيث كان الأفضل هو انتظار هزيمتهم في الحرب العالمية ثم إزاحتهم تماماً من الساحة العربية كي تبدأ بها عمليات البحث والتنقيب والإنتاج على نحو ما تذهب إليه كاتبة النيويورك تايمز جانيت ماسلين في تحليلها النقدي لهذا الكتاب (نيويورك تايمز، عدد 6/9/2013).

 

المؤلف في سطور

أمضى المؤلف سنوات طويلة مراسلاً حربياً يغطي صراعات البشر والشعوب، وخاصة في المناطق التي ذاقت نكبات الصراع وعانت ويلات الحروب، يستوي في ذلك الرسائل التي كان يبعث بها خلال الحرب الأهلية في لبنان أو الحرب الأهلية في إيرلندا إلى جانب الصراع الأهلي في البوسنة، ثم في الشيشان، فضلاً عن الصراعات في السلفادور والسودان.

والمعني أن غطّت جهود المؤلف في مجالات الصراعات الدموية كل قارات العالم، وهو ما أكد اهتماماته سواء بالتحليل السياسي والبحث التاريخي، فيما عمّق موهبته، وبحكم الدراما البشرية التي عايشها، لكي يصدر عدداً من الروايات التي مازالت تحوز اهتمام نقاد الأدب وصفوة محلليه، وهو ما ينعكس كذلك في تناول سيرة لورنس العرب لا من موقع السرد التاريخي الجاف، ولكن أيضاً من موقع متابعة الخيوط الدرامية من جهة، ثم وضع الشخصية المحورية في إطار تاريخي يحفل بشخصيات معاصرة أخرى، كان لها دورها وتركت بصماتها على سياق الأحداث، خاصة وأن المؤلف مولود في آسيا لأب أميركي كان يعمل مستشاراً زراعياً للحكومة الأميركية في أصقاع شتي من القارة الآسيوية، ومن ثم نما وعي المؤلف منذ النشأة بديناميات الحرب والنزاع والصراع ما بين إيرلندا إلى سريلانكا وما بين السلفادور إلى فلسطين.

وفي ضوء هذه التجارب الحافلة بالبعد الإنساني، أصبح المؤلف مراسلاً محترفاً، وخاصة في مجال الصحافة الاستقصائية، وهو ما دفعه إلى العمل باستمرار في الميدان؛ ميدان القتال بالذات، مراسلاً لجرائد ومجلات، ومنها مثلاً صحيفة "نيويورك تايمز" ومجلة "هاربر" في أميركا.

عدد الصفحات: 577 صفحة

تأليف: سكوت أندرسون

عرض ومناقشة: محمد الخولي

الناشر: مؤسسة دبلداي، نيويورك،

Email