أنظمة القـــوة

واشنطن تتحدى العالم بإصرارها على «الانفرادية»

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من أعوامه الخمسة والثمانين، لا يزال البروفيسور نعوم تشومسكي صوتاً مسموعاً، لا في العالم الأكاديمي وحسب، بوصفه أكبر أساتذة علم اللغة في الوقت الحاضر، ولكن بالذات بوصفه أهم صوت مسموع في باب التحليل السياسي الانتقادي، وخاصة بالنسبة لسياسات الولايات المتحدة وعلاقاتها الدولية على صعيد العالم كله. وإلى جانب الكتب التي سبق المفكر تشومسكي إلى إصدارها، ومنها مثلاً كتابه بعنوان "تصنيع الموافقة" وكتابه بعنوان "أوهام الشرق الأوسط"، وكتابه بعنوان "قراصنة وأباطرة"، يأتي كتابه الحالي، وهو الأحدث في سلسلة الإصدارات (صدر في ربيع عام 2013) عبارة عن محاورات مسهبة أجراها مع المفكر الكبير، الصحافي الإذاعي الأميركي ديد بارساميان، تحت عنوان أحاديث عن الديمقراطية والانتفاضات والتحديات المطروحة على مستوى العالم في الوقت الراهن.

وفي تصورنا أن نهج الأحاديث- الحوارات المتبع في طرح مادة هذا الكتاب، ربما يفيد أساساً في تخفيف أعباء العكوف على التأليف في ضوء تقدم المؤلف في السن، فيما يتيح فرصة واسعة للمؤلف البروفيسور تشومسكي- إمكانية أن يطلق العنان لأفكاره التحليلية، ولكن ضمن إطار منضبط، يحرص على رسمه واتباعه محاوره الصحافي على امتداد رحلتهما في وضع مادة هذا الكتاب، وبحيث يتيسر الانتقال من قضية إلى قضية أخري دون أن يؤدي ذلك إلى الإخلال بموضوعية المقاربة أو بعمق التحليل، خاصة وقد تنوعت هذه الرحلة الفكرية كي تغطي قضايا تخص أقطاراً وشعوباً شتي ما بين أميركا اللاتينية إلى الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط.

وقف القرصان يوماً أمام الإمبراطور، قائلاً: إنها دنيا عجيبة يا جلالة الإمبراطور، عندما أقود سفينتي البائسة العتيقة وأحاول أن أحصل على قوت يومنا أنا وبحّارتي التعساء، أُصبح مُداناً ومجرماً ويطلقون على وصف.. قرصان.

بعدها واصل القرصان حديثه ليقول: أما أنت، فعندما تقود أسطولاً عاتياً حاشداً بأحدث معدات الحرب والقتال، وعلى متنه أشرس صنوف البحارة المحاربين، وبهذا الأسطول الحافل لا تتورع يا صاحب الجلالة - عن مهاجمة الممالك وتدمير المواقع والتنكيل بالبلاد والعباد، ساعتها يخلعون عليك أكاليل الغار، ويلهجون بذكرك بوصفك محارباً مغواراً وقائداً منتصراً ويطلقون عليك بالطبع وصف، إمبراطور الزمان والمكان.

بهذا المشهد الخيالي، افتتح البروفيسور نعوم تشومسكي صفحات كتاب كان قد أصدره منذ سنوات بعنوان قراصنة وأباطرة، وكان دأبه وقتها أن يظهر مدي نفاق العالم الغربي، في أوروبا وأميركا، وكيف أن هذا النفاق السياسي لا يتورع عن الكيل بمكيالين لدي تقييم الظواهر السياسية والأحداث الكبرى التي تتناهى إلى سمع العالم.

أطفال الحجارة

وقتها أيضاً كان تشومسكي يحاول لفت الأنظار إلى نفاق الغرب في التعامل مع ظاهرة نبيلة حملت، وما زالت تحمل في التاريخ العربي الوصف التالي: أطفال الحجارة.

وهم أطفال الانتفاضة الفلسطينية التي شهدت الناشئ العربي الفلسطيني وهو يتصدى للدبابة الصهيونية، وفي يده حجر، مجرد حجر كان يرجم به دبابة الاحتلال، ولا يبالي. من هنا، جاءت حكاية القرصان والإمبراطور، التي علق عليها نعوم تشومسكي قائلاً: هكذا، فعندما يمسك طفل فلسطيني حجراً يصوبه إلى دبابة إسرائيلية، تردد أنباء الغرب حكاية هجوم يقوم به الفلسطينيون، ولكن عندما تطلق مدافع الدبابة شواظاً من نار على مواقع الفلسطينيين، فالوصف يقول إنها عملية عسكرية، إن لم تكن عملية دفاعية أيضاً!

المهم أن هذا المثقف الكبير، أستاذ الألسنية - اللغويات، وهو أيضاً رائد هذا العلم في معهد ماساشوستس المرموق بالولايات المتحدة ، لا يزال يوجه انتقاداته التي تجمع بين شجاعة الموقف ورصانة الفكر وعمق التحليل إلى سياسة الغرب الأوروبي- الأميركي، وعبر تطبيقات هذه السياسة مزدوجة المعايير في مواقع شتي من عالمنا، وخاصة على صعيد تلك المواقع الممتدة من الشرق الأوسط إلى ربوع قارة أميركا اللاتينية.

حول موقف المثقف

في هذا السياق، تنبه طروحات الأستاذ تشومسكي، وعلى نحو ما يقول واحد من محللي كتاباته، وهو الصحافي الأميركي جيمس بِك، إلى ضرورة أن ينطلق المثقف أياً كانت جنسيته أو لغته أو تكوينه - من موقف يجمع بين ليبرالية تحررية النظرة وبين موضوعية التناول والدرس والتحليل. ومن هنا، ينتقد تشومسكي ما يصفه في المجتمع الأميركي بأنه تواطؤ ميديا الإعلام وأجهزة الثقافة على تغييب وعي الجماهير التي تتلقي الرسالة الإعلامية أو الرسالة الثقافية، وهو يطلق على عملية بث هذه الرسالة الوصف الدقيق التالي: تصنيع الموافقة.

من هنا أيضاً، كان ترحيب الأوساط السياسية- الثقافية في الغرب- أميركا بالذات، بما شهده ربيع العام الحالي من صدور الكتاب الجديد الذي نعايشه في هذه السطور، وقد حمل اسم نعوم تشومسكي تحت عنوان يقول: أنظمة القوة.

وقبل أن يتساءل القارئ بداهة عما تقصده هذه العبارة، يبادر محرر كتابنا ليردف عنواناً فرعياً يقول بالتالي، على محمل التفصيل والتوضيح، محادثات عن الانتفاضات الديمقراطية العالمية والتحديات الجديدة التي تواجه الإمبراطورية الأميركية.

ومحرر الكتاب هو أيضاً الصحافي، الإذاعي الأميركي ديد بارساميان الذي عكف على مدار فترة طويلة، وصبورة أيضاً على إجراء هذه الحوارات مع البروفيسور تشومسكي، كيما يوافي قارئي المفكر الكبير وجمهوره العريض من مثقفي العالم بأحدث تصورات تشومسكي عن حركات ودعوات التغيير، التي ما برحت تطرأ في هدير شبه منتظم على أوضاع عالمنا.

بين عامي 2010 و2012

في الحوارات التي احتواها هذا الكتاب، نتطرق إلى ظواهر وقضايا شتى ما زالت تتصدر المشهد العالمي الراهن، وقد أجرى الكاتب ديد بارساميان هذه الحوارات مع تشومسكي على مدار الفترة (2010 -2012)، وتراوحت موضوعاتها ما بين التحولات الانتفاضات السياسية التي شهدها العالم العربي، وعرفت باسم ظاهرة الربيع العربي، وبين الآثار المترتبة على كارثة التسرب- الانفجار التي أحاقت بالمفاعل النووي الياباني في منطقة فوكوشيما، فضلاً عن استشراف مستقبل التحولات الديمقراطية في العالم، ومناقشة الأزمة المالية التي ما برحت تؤثر سلباً في كيان الاتحاد الأوروبي وتعكسها أزمة "اليورو" العملة الأوروبية الموحدة، إضافة إلى ما سبق وأن شهدته الولايات المتحدة نفسها خلال الفترة المذكورة، وخاصة ما يتعلق بانتفاضات تظاهرات، اعتصامات- احتجاجات حركة حفلات الشاي في بوسطن، ودعوات احتلال وول ستريت في نيويورك، وفي سواها من مراكز التفاعل السياسي في أميركا.

في هذا الكتاب، يوجه تشومسكي أشد انتقاداته إلى واشنطن، وخاصة على اتباعها، سياسة يطلق عليها الوصف التالي: الانفرادية، بمعني التصرف من جانب واحد، ودون مراعاة لأفكار- آراء أو مصالح الآخرين.

في هذا الإطار يذهب تشومسكي إلى أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط ظلت تعتمد هيكلاً تحليلياً وسلوكياً يقوم على ثلاث ركائز. أولها إسرائيل، وثانيها المملكة العربية السعودية، وثالثها مصر.

ثم يوضح تشومسكي كيف أن الانفراديين الأميركيين ظلوا يحلمون منذ عقد التسعينيات (بعد انتهاء الحرب الباردة وزوال الغريم السوفييتي) بكوكب خاضع للسطوة المالية الأميركية، وبدلاً من بناء أو إيجاد هذا الكوكب، إذا بأميركا تنتهي في عام 2008 إلى إصابة الكوكب بثقب خطير في داخله. وجاء ذلك على شكل أزمة مالية طاحنة لا تزال أميركا (فضلاً عن أوروبا) تعاني منها إلى الوقت الراهن. نفس المبدأ، الحلم نفسه راود المحافظين الجدد المتحكمين في واشنطن خلال حقبة الرئيس السابق جورج بوش الابن، ولكن على مستوي القضايا العسكرية هذه المرة. ومن هنا، كانت النتيجة مزيداً من الكوارث التي أصابت الكيان الأميركي ما بين العراق إلى أفغانستان.

من تركة كـونـدولـيزا

في هذا السياق، يشير تشومسكي خلال محاورات كتابنا بل يحذر- مما يصفه بأنه الإمعان في سياسة زعزعة الاستقرار، كما يسميها، وهي الموروثة عن أيام المحافظين الجدد (وقد سبق وخلعت عليها كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة وصفها المعروف بأنه الفوضى المنظمة).

هنا يقول نعوم تشومسكي: ما بين باكستان إلى اليمن، وما بين مالي إلى النيجر، ما زالت الطائرات الأميركية الموجهة عن بعد، وما زال مقاتلو الحرب الإلكترونية (السايبر) يعملون في اندفاعة عمياء وبغير تدبر للعواقب على استكمال عملية زعزعة الاستقرار في تلك الأرجاء، وتلك عملية تضر بالمصالح الأميركية ذاتها في الأساس.

هنا أيضاً يحذر تشومسكي بلاده من الإمعان في اتباع وتطبيق سياسة الهيمنة، بدلاً من سياسة التعايش والتوافق مع سائر الشعوب والأقطار.

يقول في هذا المضمار: إن على مخططي السياسة الخارجية في واشنطن، أن يدركوا أن العالم لم يعد كما كان عليه الحال منذ النصف الثاني من أربعينيات القرن العشرين، وقتها كان مخططو الدبلوماسية والعلاقات الدولية الأميركية يتبعون سياسة كانوا يطلقون عليها الوصف التالي: تخطيط المجال الأعظم.

وكان المعنى أن أميركا تخطط كي تمارس دور الدولة الأعظم، الكيان السوبر الذي لا يمكن أن ينافسه أحد أو يباريه كيان آخر.

كان هذا كما يوضح تشومسكي في كتابنا- هو تصوّر جورج كينان (1904- 2005) الذي كان مسؤولاً عن التخطيط السياسي في الخارجية الأميركية بعد انقضاء الحرب العالمية الثانية.

هنالك نشعر نحن كقارئين ومحللين أن كينان ومعاونيه كان معهم ولو بعض الحق في تصورات هذا الكيان- السوبر، ومن ثم في أن تراودهم أفكار أو حتى أوهام الهيمنة على مقاليد عالم النصف الثاني من القرن العشرين.

إن تشومسكي نفسه يفسر هذه النقطة موضحاً في هذا الموضع من الكتاب، كيف أن أميركا كانت بعد انقضاء الحرب قد بلغت ذروة غير مسبوقة، من حيث: القوة، المنعة، المال، والجاه السياسي على السواء. كانت تمتلك كما يضيف الكتاب- نصف ثروة العالم، وكانت تنعم بحالة من الأمن والاستقرار، حيث لم تشهد أياً من تطورات الصراع الدولي وقتها، ولا عانت ويلاته فوق أرضها، من هنا، راودتهم فكرة أن يقوموا بدور المسؤول رقم واحد عن إدارة العالم. هذه الفكرة نفسها هي التي أدخلت إلى القاموس السياسي الأميركي مصطلحاً بسيطاً وبالغ الدلالة، وهو: لقد فقدنا.. أو.. لقد ضاعت من أيدينا.

فعندما قامت دولة الصين الشعبية بقيادة ماو تسي تونغ في عام 1949، أعلن الأميركيون الشعار إياه: لقد فقدنا الصين.

بعدها توالت تطورات الأحداث، واشتد ساعد حركات التحرير الوطنية ودعوات الاستقلال السياسي على مدار عقدي الخمسينيات والستينيات بالذات، ومن ثم، فقد توازت مع هذه التطورات نفس الشعارات الأميركية التي تعرض لها محاورات نعوم تشومسكي في سياق هذا الكتاب، شعارات من قبيل: فقدنا أميركا اللاتينية، فقدنا الشرق الأوسط.

تشومسكي يصف هذه الشعارات وبواعثها قائلاً: المشكلة أنها كانت تصدر عن الافتراض بأننا (الأميركيون) نمتلك العالم، وأن أي شيء يضعف من قبضتنا أو ينال من سيطرتنا يصبح مرادفاً لضياعه من أيدينا، ومن ثم نشرع في مواجهة السؤال الذي يلح علينا قائلاً: كيف السبيل إلى استعادة ما فقدناه.

عن الربيع العربي

على أن تشومسكي حين يرصد تحولات أو ظواهر الربيع العربي، وخاصة في تونس ومصر، فهو يحرص على أن يرد هذه الظواهر إلى أسبابها الحقيقية، بمعنى الأسباب المتأصلة في صميم الواقع الاجتماعي- الاقتصادي في الأقطار المعنية، وهو يدعو الساسة والمثقفين الأميركيين ومن في حكمهم إلى أن يتفهموا ما يصفه صاحب هذه الحوارات بأنه القوى الجديدة، الصاعدة كي تحتل المركز المحوري على مسارح الأحداث، سواء في أميركا اللاتينية أو في الشرق الأوسط. صحيح أن مدّ الربيع العربي لم يحقق في رأي تشومسكي ما عقدته عليه الشعوب من آمال، إلا أن التفاعلات التي تتم حالياً على صعيد أرجاء شتى في المنطقة لا سبيل إلى تجاهلها.

في المضمار نفسه، يدعو تشومسكي إلى التخلي عن آفة الشيزوفرانيا السياسية، كما يسميها، أي انفصام أو ازدواج الشخصية، وبمعنى أن واشنطن لا تؤيد الديمقراطية إلا عندما يتفق هذا التأييد مع مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية.

ثم تزداد المشكلة اشتعالاً وسفوراً عندما يسدر ساسة واشنطن في سلوك أقرب إلى عنهجية القوة (Arrogance of Power) على حد ما سبق إلى وصفه سياسي أميركي محنك هو السناتور الراحل ويليام فولبرايت (1905- 1995) الذي أمضى فترة طويلة من حياته السياسية والنيابية رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي. إن تشومسكي يقارن في هذا الخصوص بين رئيسين معاصرين، هما بيل كلينتون وجورج بوش، كانت سياسة الأول أكثر حصافة وأشد كياسة، ومع ذلك كانت أفدح خطراً، عندما أعلن خلال حقبته الرئاسية مبدأ كلينتون الذي كان يؤكد حق الولايات المتحدة في التدخل واستخدام القوة بصورة انفرادية من أجل ضمان وصولها بغير حواجز أو عوائق إلى إمدادات الطاقة، وإلى الموارد الاستراتيجية الأخرى.

يصف كتابنا هذه السياسة بأنها تجاوزت الكثير مما ذهبت إليه سياسة جورج بوش، ولكنها ظلت قائمة في حقبة كلينتون، لأنها التزمت جادة الهدوء، وابتعدت عن سلوك الغرور والعنجهية العلنية غير المبالية، على نحو ما حدث مع جورج بوش وجماعة المحافظين الجدد الذين ظلوا مسيطرين على إدارته خلال سنوات حقبته الثماني.

ماذا عن المستقبل؟

أخيراً، يسأله المحاور عن أهداف أميركا مستقبلاً في منطقة الشرق الأوسط.

يجيب البروفيسور تشومسكي موضحاً أنه يتفق مع أهم هدفين في هذا المضمار، وأولهما يتمثل في الرغبة لتحقيق الاستقرار على صعيد المنطقة، وثاني الهدفين يتمثل في دعم التحولات الديمقراطية، وإن كان يحذر من أن يتحول هدف الاستقرار ليعني مجرد الركون إلى ما قد تفرضه أميركا على غيرها من الشعوب. وفي هذا الصدد يحيل تشومسكي إلى ما سبق وأن كتبه محلل سياسي أميركي مستنير، هو جيمس تشيس، وقد كان رئيساً لتحرير مجلة الشؤون الخارجية (فورين أفيرز)، حين كتب منتقداً ما دبرته واشنطن من الإطاحة برئيس شيلي الديمقراطي اليساري سلفاتور الليندي في انقلاب عام 1973، ولصالح ديكتاتورية أوغسطو بينوشيه ويومها قال المحلل السياسي الأميركي: لقد قمنا بزعزعة استقرار شيلي من أجل أن نضمن لها... الاستقرار!.

في كل حال يشعر قارئ هذه الحوارات التي تضمها صفحات هذا الكتاب، أن هناك بوناً شاسعاً يحرص المفكر نعوم تشومسكي على كشفه والتنديد به، ويتلخص في التأكيد على أن الشعارات التي لا تلبث الدول والنظم أن تطرحها ومنها أميركا - بشأن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، إنما تشكل في التحليل الأخير أدوات، مجرد أدوات تستخدمها الدول، النظم والحكومات، وصولاً إلى غرضها المحوري، وهو المصالح أولاً، وقبل كل شيء.

 

المؤلف في سطور

تتعدد الأوصاف والمسميات التي تطلق على نعوم تشومسكي، فهو مبدع نظرية القواعد النحوية العضوية، وهو في طليعة علماء اللغويات (الألسن)، وهو ناشط سياسي مهتم بشؤون عالمنا وشجونه، وخاصة ما يتعلق بالعلاقة بين أميركا- الغرب بشكل عام وبين شعوب العالم الثالث وخاصة في أميركا اللاتينية وفي الشرق الأوسط، فضلاً عن آسيا وأفريقيا، وهو أستاذ أكاديمي محاضر في جامعات ومعاهد مرموقة في كل أنحاء عالمنا، ولا يزال أستاذاً فخرياً في معهد ماساشوستس المرموق في بوسطن بالولايات المتحدة.

 وقد وصفته الكاتبة الأميركية سامانتا باور في مقالها النقدي بملحق الكتب من جريدة النيويورك تايمز قائلة: إن نعوم تشومسكي أصبح يمثل ظاهرة عالمية، بل كوكبية (غلوبالية)، ويمكن اعتباره أهم صوت مسموع، وأهم مفكر مقروء في مجال السياسة الخارجية ربما على سطح كوكب الأرض.

وعلى الرغم أنه ينسب إلى تشومسكي أيضاً أن أبحاثه الأكاديمية ومساهماته العلمية أدت إلى تثوير علم اللغويات الحديث، بيد أن شهرته اتسعت بفضل انتقاداته الموضوعية الرصينة، وتحليلاته المتعمقة لمجريات السياسة الأميركية، وتناقضات مخططيها ومنفذيها، وخاصة تجاه كيان الاستيطان الاستعماري الذي تجسده إسرائيل التي منعت تشومسكي أخيراً، برغم مكانته الرفيعة، من دخول الأرض الفلسطينية لإلقاء محاضرات في جامعاتها. وهو من مواليد عام 1928، وتعلم في جامعتي بنسلفانيا وهارفارد.

Email