معركة سيناء والخائفون من ضرب الإرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما إن بدأت معركة «سيناء 2018» التي تخوضها مصر، لتطهير أرضها من الإرهاب، حتى انطلقت «الولولة» وارتفع الصراخ من «الجزيرة» وأخواتها من منصات الصرف الإعلامي غير الصحي التابعة لقطر والإخوان!

كانت الأسباب المعلنة لسرادق العزاء الذي أقاموه مبكراً على منصاتهم الإعلامية تدعو للعجب وللقرف معاً! مرة يقولون إن الحشد العسكري أكبر من اللازم لمواجهة عصابات الإرهاب التي يعرفونها جيداً! ومرة يقولون: إن المواجهة تأخرت، ليعودوا بعد ساعات فيقولون: إنها جاءت مبكرة، ومرة ينشرون الأكاذيب عن ضحايا مدنيين وهم يعرفون جيداً أن جيش مصر هو الأحرص على كل روح بريئة، وأن السلطات في مصر لم تفعل ما فعله حكام قطر، وهو يطردون قبيلة قطرية من وطنهم، ويجردون الآلاف من أبنائها من حقوق المواطنة!

على أن سرادق العزاء المبكر الذي أقامه إعلام قطر والإخوان على «الجزيرة» وأخواتها كان أحد المؤشرات القوية على صواب القرار المصري بالتحرك الشامل لاجتثاث بؤرة الإرهاب، وعلى أن هذا التحرك يوجع الكثيرين ويكشف أن مصر واعية بما يخططه الأعداء، وأنها قادرة على سحق كل مخططاتهم.

لم يكن تحرك جيش مصر مدعوماً بقوات الشرطة والأجهزة المعاونة تحركاً مفاجئاً، كانت تعليمات الرئاسة المصرية قد أعطيت علناً لقيادة الجيش المصري بسحق الإرهاب في سيناء عقب المجزرة البشعة، التي ارتكبتها عصابات الإرهاب في مسجد «الروضة» شمال سيناء وراح ضحيتها مئات المصلين، وكان طبيعياً أن يمتد الأمر إلى المنطقة الغربية، حيث الحدود مع ليبيا وبعد تسلل عناصر إرهابية إلى الصحراء الغربية والاقتراب من الوادي وارتكاب جرائم بشعة كان آخرها حادث الواحات.

ويبدو أن عصابات الإرهاب كانت تراهن على استمرار العمليات ضدها بالنسق القديم، وكانت تستعد بإنشاء المواقع التبادلية لها، وبالانتقال السريع على جبهات متعددة تشتت جهد قوات مكافحة الإرهاب، بل وكانت تحاول مد شبكة عملياتها إلى داخل الوادي معتمدة على الجماعات المسلحة التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي.

ولعل المفاجأة الأساسية في عملية «سيناء 2018» كانت حشد هذه القوة الضاربة من ناحية، واتساع وقت التحرك لتشمل مواجهة بؤر الإرهاب في كل مواقعها في الوقت نفسه وبالضراوة نفسها، وبقدر ما فقدت العصابات الإرهابية توازنها إزاء ضربات الجيش المصري، فقد الداعمون للإرهاب ـ وفي مقدمتهم قطرـ صوابهم، فأقاموا سرادق العزاء المبكرة في قنواتهم الإعلامية، وأدركوا أن ما كانوا يخططون له من أعمال إرهابية لضرب استقرار مصر قد تم كشفه واستهدافه بهذه الضربات الاستباقية، وهذا التحرك الشامل الذي يبدو أنه يفقد الكثيرين صوابهم حين يقرأون المعنى الصحيح له، وتصلهم الرسائل التي يبعث بها جنود مصر وهم يجتثون الإرهاب، وشعب مصر وهو يقف صفاً واحداً وراء جيشه الوطني.

يدرك الآن الداعمون للإرهاب أن كل مخططات استنزاف قوى مصر لم تنجح، وأنها الآن أقوى من أي وقت مضى على مواجهة التحديات، ويدرك هؤلاء أن مصر التي أجهضت محاولة الإخوان لتحويل سيناء إلى مركز للإرهاب أثناء فترة حكمهم الفاشي، قادرة بلا شك على مواجهة مخططات نقل جماعات «العائدون من سوريا والعراق» ليتمركزوا في سيناء وليبيا بتواطؤ من أطراف دولية وإقليمية لم تعد تخفي عداءها لمصر، ولا استهدافها للمنطقة العربية، ولا عداءها لكل ما هو عربي، ولا رغبتها في مد النفوذ ونهب الثروات والسيطرة على مقادير المنطقة.

ويدرك الداعمون للإرهاب الآن أن اجتثاث بؤر الإرهاب في مصر مسألة وقت وليس أكثر، كما يدرك الأهم: وهو أن جيش مصر لم يكن ـ وهو يتحرك بقوته الرادعة ـ يستهدف فقط هذه البؤر الصغيرة، ولكنه كان ينبّه الغافلين حتى لا يخطئوا الحسابات(!)، ومن هنا كان تحرك جيش مصر يشمل جانباً من التدريبات المشتركة بين كل أسلحته، وكان اللافت هنا هو تحرك القوات البحرية والجوية في عرض البحر المتوسط، ليس فقط لتأمين الشواطئ ومنع تسلل الإرهابيين أو دعمهم بحراً.

، وإنما لكي تكون هناك رسالة واضحة أن المياه الإقليمية لمصر والحدود البحرية الاقتصادية هي في أمان كامل، وأن حقول البترول والغاز المصرية ستظل بعيدة عن أي تهديد، وكذلك الملاحة في قناة السويس التي تحرسها القوات المسلحة وتؤمن مداخلها سواء في البحر المتوسط أو في البحر الأحمر وباب المندب، وأنه لا مكان هنا أو هناك لأي تفكير في اللعب في الممنوع!

ويعرف العالم كله أن مصر التي حاربت الإرهاب ولم تستسلم، هي الآن أقدر على المواجهة وأشد تصميماً على حسم الأمور واجتثاث بؤر الإرهاب، وضرب كل محاولات نقل الدواعش، الذين انتهت مهمتهم في سوريا والعراق إلى أرضها(!) ويعرف العالم كله أن مصر لا تريد العدوان على أحد ولكنها لن تسمح بأي مساس بأرضها أو مصالحها.

وتعرف مصر أنها تخوض المعركة ووراءها عالم عربي يدرك أن استقرارها هو ضمان لاستقرار العرب، وأن قوتها هي حماية لهم، وأن انتصارها على عصابات الإرهاب يعطيها المزيد من القدرة على أداء دورها العربي الأساسي في مرحلة يتقرر فيها مصير المنطقة لعقود طويلة.

أما من رهنوا مصيرهم بدعم الإرهاب، ووصفوا مقدرات شعوبهم رهن تحالفهم المريض مع عصابات الإخوان والدواعش فليس أمامهم إلا البقاء في المستنقع الذي اختاروه في انتظار النهاية التي تليق بهم. وليس أمامهم إلا منصات الصرف الإعلامي غير الصحي التابعة لهم، يواصلون التحريض على جيش العرب فلا يلقون إلا المزيد من احتقار مواقفهم، ويواصلون العويل على مصير إرهاب دعموه، فلا يجدون إلا وطناً عربياً يدعو لجيش مصر بالانتصار، ويدعو لمصر بالأمان والاستقرار، لتواصل دورها درعاً للعرب وحصناً تنكسر أمامه كل قوى الشر والعدوان.

Email