ما الذي ينقصنا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

دولتنا دولة الإمارات ومنذ نشوء الاتحاد وهي تحقق أرقاماً صعبة في مختلف المجالات الاقتصادية العلمية الثقافية وغيرهم من المجالات الكثيرة والعديدة، ولكن ما الذي ينقصنا لكي نحقق مثل هذه الإنجازات في عالم الرياضة وصناعة الرياضيين، وتحقيق البطولات والألقاب الفردية والجماعية، ونصل بمنتخباتنا لأن تصبح رقماً صعباً في جميع المنافسات القارية والعالمية؟!

إن كانت الأموال هي الطريق لصناعة رياضيين متميزين فالإمارات لم ولن تبخل على أي مجموعة أو فرد يحقق لقباً ويرفع علم الإمارات، وإن كانت التجهيزات والملاعب والصالات الرياضية هي العامل الأهم في حصد النجاحات الرياضية، فنحن نمتلك ما لا تمتلكه دول عديدة لها صولاتها وجولاتها في عالم الرياضة، وإن كانت الكفاءات الرياضية والإدارية هي العنصر الفعال لاكتمال المعادلة بنجاح فجيل شبابنا اليوم سواء من رياضيين وإداريين لم يمر على الإمارات مثله من قبل، إذاً ما الذي ينقصنا في عالم الرياضة لنحقق نجاحات نضيفها لمسيرة وطننا المكللة بالنجاح.

وعلى سبيل المثال منتخب كرة القدم الإماراتي الحالي يمتلك في صفوفه لاعبين أصحاب مواهب كبيرة، ولهم إنجازات كبيرة في نواديهم، ولكن على مستوى المنتخب لم نحقق تلك الإنجازات المنتظرة على الرغم من أننا دائماً ما نتغنى بهذا الجيل على أنه الجيل الذهبي للإمارات، وبعد أن فشلنا في الوصول لكأس العالم 2018، وخسارتنا في المباراة النهائية لبطولة خليجي 23، قد تساءل بعض المحللين أننا بهذا الجيل لم نصل لكأس العالم فمتى سنصل؟ وهل سيتكرر هذا الجيل أم هي طفرة لها مدة وستنتهي؟

وبعد أن حصل ما حصل هل فكرنا أننا بحاجة لمنظومة لصناعة الأبطال، أبطال قادرين على المنافسة تحت أي ظرف وفي جميع المحافل والميادين والبطولات العالمية؟ نحن لا يمكننا الاعتماد على جيل واحد نعلق عليه آمالنا وأمنياتنا، بل نريدها حلقة مستمرة لا تتوقف ولا تنتهي، لنتعلم من أخطاء أبطال العالم كالمنتخب الإيطالي مثلاً فقد فاز في عام 2006 بكأس العالم، ولكنه لم يستطع أن يصل لمونديال روسيا 2018، فهل حصل هذا لكون المنتخب الإيطالي لم يسعفه تاريخه الطويل في عالم كرة القدم من الوصول للمونديال، بالطبع لا، ولكن لم تسعفه أقدام اللاعبين الذين يلعبون في الملعب، فإيطاليا ولسنوات لم تستطع أن تنجب جيلاً جديداً ينافس على البطولات، خصوصاً أن كرة القدم وغيرها من الرياضات لم تعد مواهب فردية إنما أصبحت منظومة فكرية عقلية قادرة على توظيف الإمكانيات واستغلال المواهب للوصول إلى النجاحات المرتقبة.

بعد عام تقريباً ستستضيف الإمارات كأس آسيا 2019، فما هي الخطة ليكون منتخبنا الكروي جاهزاً للمنافسة على أرضه وبين جماهيره، هل سنغير الجهاز الفني أو خطة اللعب كالعادة، أم سنغير الفكر الكروي والرياضي الذي على إثره نحقق الإنجازات، تحديات كبيرة بانتظارنا، وتتطلب قرارات جريئة وقوية من اتحاد الكرة لتلبي طموحات شعب وقيادة تتطلع دائماً لتكون في المركز الأول.

إن كل ما ينقصنا في الإمارات هو الفكر الرياضي العملي صاحب الخطة طويلة وقصيرة المدى والتي لها أجندات وأهداف واضحة يجب تحقيقها، ولدينا كل المقومات التي من خلالها نستطيع الوصول لمنظومة رياضية متماسكة وقوية لها صولاتها وجولاتها في ميادين الإنجازات والبطولات.

إن العقلية الرياضية والأسس الناجحة التي يجب أن نتبناها لنحقق طموحاتنا الرياضية تتوجب علينا أن نُفعل عملية الاستكشاف والبحث الدقيق عن أصحاب المواهب، وعدم التعويل على جيل واحد أو بطل رياضي واحد، فالأفضل أن تكون العملية مستمرة جيل يخلف جيل، وبطل يخلف بطل، فالرياضة مسيرة إنجاب وصناعة، وليست ضربة حظ قد تتوقف بلحظة، إنما عملية مستمرة من البناء.

نحن الآن في بداية عام 2018 عام زايد، فلنجعل من هذا العام عام إضافة إلى فعالياته فعالية الاستعدادات الرياضية، ونتعلم من إرث زايد الإصرار والطموح العالي الذي يجب أن نتسلح به، والشجاعة التي تجعلنا نتخذ قرارات جريئة وقوية تصب في مصلحة الوطن ومنظوماته وتخدم أجنداته وتطلعاته، وأملنا كبير في الهيئة العامة للرياضة بقيادة محمد خلفان الرميثي، والذي جاء ليستلم مهام رئاسة الهيئة العامة للرياضة وهو محمل بكمية كبيرة من الطموحات والآمال والأهداف التي يسعى لأن يحققها في عالم الرياضة الإماراتية، وبجراءة قراراته وكفاءة تحركاته سيعمل على بذل المستحيل في سبيل إنجاح الخطة، والبداية تكمن بأن يتم التنسيق مع كافة المعنيين في الشأن الرياضي والجلوس معهم إلى طاولة الحوار لوضع أسس النظام الرياضي الإماراتي، ومشاركتها مع وسائل الإعلام، وتعميمها على الجهات كافة لإلزامهم بتنفيذ جميع ما جاء فيها.

 

 

Email