مصير الحوثيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما هو المصير الذي ينتظر الحوثيين في اليمن؟ ليس السؤال صادراً عن أمنية بما يجب أن تكون نهايتهم، وإن كنت راغباً في أن يتخلص اليمن منهم سريعاً، بل السؤال ينبع من الواقع نفسه، من واقع اليمن وما يجري فيه الآن بسبب الحوثيين.

لن أعود إلى سرد تاريخ هذه الجماعة،وصراعاتها مع الدولة المركزية منذ نشأتها، فهذا أمر صار معروفاً ومكتوباً. وإنما يجب أن ننطلق من تحديد حقيقة هذه الظاهرة وجوهرها،لأن حقيقتها هي التي ستقرر مصيرها الحتمي.

إذاً من هم هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم أنصار الله ؟الحوثية حركة جديدة ترفع شعارات دينية طائفية، وتتوسل حكم اليمن عن طريق القوة المسلحة مدعومة عسكرياً ومالياً من دولة أيضاً ترفع شعارات دينية طائفية هي دولة ولاية الفقيه في إيران.

لنحلل هذا التعريف إلى عناصره الأساسية.هناك ثلاثة عناصر تحدد جوهر الحوثية: العنصر الديني،العنصر العنفي، التبعية لدولة دينية طائفية توسعية.

من حيث العنصر الديني هناك مسألتان: المسألة الأولى هي أن الحوثية حركة تسعى إلى إقامة دولة دينية طائفية في مرحلة من تاريخ البشرية وتاريخ العرب قد زالت فيها أية أسس قيام مثل هذه الدولة. وإن حصل وقامت، فهذا يكون من قبيل الشذوذ كدولة إيران.

والمسألة الثانية هي أن الحوثية حركة دينية طائفية أقلوية منشقة عن الطابع الديني لليمن الذي تكون تاريخياً، و مازال مستمراً حتى الآن، والمتمثل بالمذهبين الزيدي و الشافعي المتعايشين والمتشابهين من دون أي صراعات.

هذه الحركة الأقلوية المنشقة والشاذة تواجه عملياً أكثرية لا تفكر إطلاقاً بقيام مثل هذه الدولة الطائفية. فالحوثية وقد تبنت مذهب الإثناعشرية في صيغته الإيرانية، خرجت من الحقل الثقافي -الديني العام لليمن.وإذا أضفنا إلى هذا ادعاء الزعامة الحوثية انتسابها لآل البيت وطموحها لإعادة الإمامة أدركنا مدى اغتراب الحوثية عن اليمن ومستقبل اليمن. وتأسيساً على ذلك،وانطلاقاً من الواقع الموضوعي،فلا مستقبل للحوثية في اليمن إطلاقاً.

الصفة الثانية للحوثية في تعريفنا السابق هي أنها حركة مسلحة،وتسعى إلى امتلاك السلطة بالغلبة العنفية.

وهذا ما يتناقض مع منطق الدولة أصلاً، القائم على فكرة التعايش والسلم الأهلي والعقد الإجتماعي، منطق متناقض بالأساس مع دولة قائمة مهما واجهت من مشكلات.فما هذه الدولة التي ستقوم،إن قامت،وهي ثمرة عنف مسلح ضد أكثرية رافضة لها !والآن فإن النتيجة الموضوعية هي أن لا مستقبل لأية حركة أقلوية مسلحة ساعية لامتلاك السلطة سواء كانت في اليمن أو غير اليمن.

والصفة الثالثة للحوثية هي أنها حركة تابعة عسكرياً ومالياً وأيديولوجياً لدولة خارجية غريبة الوجه واليد واللسان هي إيران، وإيران لا تنظر إلى الحوثية إلا بوصفها وقود تحرقه من أجل مصالحها في التوسع.وهذا يعني بأن مصدر قوتها وبقائها ليس من داخلها،بل من عامل خارجي،وهذا مصدر ضعفها،لأن مصيرها مرتبط بعامل خارجي.وهذا أمر لا يقبله منطق الواقع،ومنطق الدولة.

إن تلك العناصر،التي حددت الحوثية، هي عناصر ضعف،ولن تسمح للحوثية أن تكون سلطة حاكمة في اليمن. بل هي عناصر حددت سلفاً مصير الحوثية ألا وهو زوالها الواقعي والحتمي، وبخاصة أن الأكثرية في اليمن لن تقبل بحكم جماعة متخلفة ساعية لإعادة الإمامة حوثياً إلى اليمن. في الوقت الذي كانت الإمامة الحاكمة تنتمي إلى صورة تاريخية من صور الحكم،وإلى الحقل الثقافي -الديني اليمني.

يضاف إلى عناصر الضعف الثلاثة التي أشرنا إليها والتي ستقود حتماً إلى زوال الحوثية، عنصر قوة للشعب اليمني يزيد من قوة حتمية زوال الحوثية، ألا وهو وجود سلطة شرعية في اليمن معترف بها عربياً وعالمياً، وتمارس شرعيتها داخلياً وعربياً ويمانياً.

أما تلك الشعارات التي ترفعها الحوثية في الساحات وتلصقها على سيارات القتل كشعارات: الموت لأميركا،الموت لإسرائيل،اللعنة على اليهود،النصر للإسلام فهي شعارات أيديولوجية لا قيمة عملية لها، وشعارات كاذبة، المراد منها تجميل القبح لحركة متخلفة شأنها شأن "داعش" و"حزب الله" وما شابه ذلك.

 

 

Email