ساعة الصفر في اليمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

دقّت وكالات الأنباء أمس الاثنين، خبر اغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بأيدي الميليشيات الحوثية، فتحركت عقارب ساعة الصفر تجاه مستقبل الدولة اليمنية، فبعد أن أطلق صالح ثورته ضد الحوثيين يوم 2 ديسمبر الجاري، وأعلن حربه الواضحة ضد هذه الميليشيات، وسيطرة قواته على معظم المؤسسات والهيئات بالعاصمة صنعاء وتحقيق ضربات متلاحقة ضد الحوثيين.

جاءت عملية اغتيال صالح على يد هذه الميليشيات المدعمة من نظام الملالي الإيراني بدم بارد بعد أن اشتبكت مع موكبه وقتلته ومعه عدد من مرافقيه، حيث كان برفقته الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر عارف الزوكا، والقيادي ياسر العواض، واللواء عبدالله محمد القوي، ونجل صالح العقيد خالد علي عبدالله، وأثناء اتجاه الموكب من الستين في اتجاه سنحان، لاحقته أطقم حوثية تقدر بـ 20 مركبة عسكرية، وتم إطلاق النيران نحو السيارات التي كان يستقلها صالح وقيادات حزبه.

مشهد الاغتيال يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الحوثيين يحترفون ممارسة تنفيذ العمليات الإرهابية والإجرامية، بما يفوق كثيراً تنظيمات إرهابية مثل القاعدة.

لم يكتب القدر للرئيس السابق علي عبدالله صالح أن يستكمل الحالة الثورية التي قادها خلال الساعات القليلة الماضية لاستعادة صنعاء. لكن لا شك أن اغتياله سيكون حداً فاصلاً في توحيد الشعب اليمني في مواجهة هذه الميليشيات، بل إن نهاية صالح ستكون بداية تطهير اليمن، وضرب هذه الخلية الحوثية.

وإن قتله بهذه البشاعة سيكون بمثابة المشنقة التي تتعلق عليها رقاب الحوثيين، لا سيما أنه ليس لديهم حاضنة شعبية في اليمن، وإن هدفها وهدف من يرعاها ويمولها هو زرع القلاقل والفتن في المحيط العربي، مثلما تفعل هذه الميليشيات من إطلاق صواريخ بالستية على المملكة العربية السعودية، بإيعاز من النظام الإيراني.

هنا تأتي عملية اغتيال صالح لتدفع جميع القوى الوطنية لتقول كلمتها، سواء من التحركات الداخلية لليمن أو التحركات العربية والإقليمية لمواجهة النفوذ الإيراني متمثلاً في وكيلها الحوثي.

هذا فضلاً عن أن المشهد الحالي في اليمن يحتاج إلى قرارات أممية سريعة وفاصلة للتعامل مع فوضى هذه الميليشيات الإرهابية. هذه اللحظة لا تحتاج إلى مناورات الحلول الوسط، لكنها تحتاج إلى وقفة حاسمة لما يشكله اليمن من أهمية جغرافية على الأمن القومي العربي يحاول النفوذ الإيراني اختراقها والعبث بها.

برحيل صالح لم يعد سوى الحوثيين يحاولون الاستمرار والسيطرة، وبالتالي فالتحرك لا بد أن يكون قوياً ومباغتاً وعاجلاً حتى لا تترك لديهم فرصة لاستعادة قوتهم التي أضعفتها تحركات 2 ديسمبر.

الرئيس علي عبد الله صالح يظل حياً وميتاً رقماً مهماً في المعادلة اليمنية.

تحالف مع الحوثيين ودخل معهم معارك شهيرة منذ 18 يونيو 2004، وحتى جاءت المعركة الثامنة أمس الاثنين 4 ديسمبر 2017، لتسجل نهاية الرقص مع الأفاعي، وتصدق توقعات مسؤولين في الحكومة الشرعية. قتل صالح قرب سنحان التابعة لصنعاء، التي ولد بها في 21 مارس من عام 1942، وعايش صالح أحداث اليمن الساخنة في السبعينات.

حيث شهد الحرب بين الملكيين والجمهوريين عام 1970، وبعدها بخمس سنوات أصبح قائداً عسكرياً على خلفية انقلاب عام 1974. وفي عام 1978 أصبح رئيساً لليمن الشمالي، بعد سلسلة اغتيالات طالت مسؤولين كباراً في السلطة.

وظل في منصبه حتى عام 1990 عندما قامت الوحدة، فأصبح رئيساً لليمن الموحد وفي السنوات التالية شهد اليمن اضطرابات متصاعدة ومخاطر مختلفة، أهمها تنامي نفوذ الحوثيين، وبدء ظهور الجماعات المتطرفة وعلى رأسها القاعدة، استغلالاً لانشغال القوات الحكومية في صراعات داخلية.

 

Email