إيجابية أمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقول دراسة إننا بحاجة لشخص واحد إيجابي مقابل خمسة أشخاص سلبيين لنعادل حجم الطاقة التي تنتج من كلا الطرفين، وربما يستغرب البعض من هذه الدراسة فباعتقادنا أن الطاقة السلبية أكثر تأثيراً، ولكن الحقائق والدراسات تفيد بأن العكس هو الصحيح.

كل ما يحدث لنا اليوم هو ما فكرنا به في الماضي، فنحن من نجذب الأشياء لحياتنا، وهذا أساس قانون الجذب الذي تمحور على أساسه آلاف الكتب والمؤلفات والأفلام والبرامج والدراسات، ولو تساءلنا في أي شيء يحدث لنا ورجعنا إلى الوراء قليلاً فسنجد بأننا فكرنا بهذا الواقع ودار هذا الحديث داخل مخيلتنا فجذبناه لنا وأصبح واقعاً نعيشه.

عندما راح البعض في البحث عن أمور تسعدهم وقاموا بتأليف الموسيقى والأغاني كانت توجهاتهم أغاني حزينة وبكلمات وألحان قاسية تمزق القلب من قسوتها، وبدلاً من أن تصبح الموسيقى غذاء للروح كما يحب أن يسميها البعض، أصبحت وسيلة لتذكر بالآلام والمواقف السلبية في الحياة.

في تاريخ الأمة العربية ملايين المؤلفات بمختلف المجالات والمواضيع، ولو فتشنا عن مفردات هذه المؤلفات سنجد بأن 90% منها يحاكي الماضي بدلاً من أن يحاكي المستقبل، وبدلاً من أن نضع قواعد وأسساً تمضي عليها أمتنا في المستقبل وننقل خبرات الأجيال لمن يلحقها قمنا بسرد التاريخ ومقارنته بتاريخ الحاضر دون أن نستفيد من هذا التاريخ.

لو تفكرنا قليلاً بما حدث خلال السنوات الماضية وما يحدث اليوم من صراع في بعض الدول العربية، سنجد الإعلام والأخبار والمؤلفات والأحاديث في المقاهي والمجالس، والنقاشات داخل صالات وقاعات المؤتمرات، والكثير من الخطب على المنابر جميعها كانت تبشر بنشوب حروب أهلية أو ثورات بين الشعوب.

فجميعنا كان تراوده هذه الأحاديث حتى أصبح واقعاً عشناه وتعايشناه، فنحن من نجلب الأشياء لأنفسنا على المستوى الشخصي ونحن من نجلبه لأمتنا بأكملها.

الإيجابية تساعد على إبداع النظم الجديدة التي تدفع البشرية إلى الأمام لا أن ترجعهم إلى الخلف، ولن تقوم لنا قائمة كأمة عربية وإسلامية إلا إذا تسلحنا بالإيجابية التي تجذب السعادة والرقي لأمتنا فرداً فرداً، وعلينا أن نجعل هذه الإيجابية عادة في نفوس النشء والشباب، لنحول أمتنا من أمة سلبية إلى إيجابية.

من أجمل صور الإيجابية التي نشهدها في هذا الزمان ما نجده عندما نراجع ونناظر مبادرات وحكم ومقولات ومؤلفات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي؛ رعاه الله، فسنجد بأن جميعها تحث على الإيجابية والابتعاد عن السلبية.

فمن تحدي القراءة العربي إلى آخر المبادرات «مليون مبرمج عربي» جميعها تنظر للمستقبل نظرة إيجابية، بخلاف ما عهدناه من أمتنا العربية والإسلامية والتي عملت خلال السنين الماضية على نشر مفاهيم السلبية، ولم نجد من يقوّم معاني الإيجابية، وهذا ليس تشاؤماً أو سلبية إنما هنا نقوم بمراجعة تصرفاتنا وما بثته أقوالنا ومؤلفاتنا من طاقة سلبية.

في كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قال فيها: «الخطاب الإعلامي الإيجابي يقي الأمة المخاطر المتربصة بها»، وهذه الجملة تختصر الكثير من الأمور والمنهجيات التي علينا اتباعها كمؤسسات إعلامية وكأصحاب رأي وقلم، أن نعبر عن الإيجابية التي ينشدها سموه ويريد أن يثبتها في نفوس من يقيم على أرض الإمارات لكي تنعم هذه الأرض الطيبة بطاقة إيجابية تحميها من المخاطر التي تعرض لها أصحاب الفكر السلبي الذين جلبوا لأنفسهم ولأممهم ولبلدانهم الدمار والدماء والتشتت والتشرد.

الاستمرار في الفكر السلبي يعني جلب السلبيات إلى حياتنا ومجتمعاتنا وإلى أمتنا، ومن الخطأ، إن راحت أفكارنا إلى التخوف من نشوب حروب عالمية أو غزو من الفضاء أو غيرها من التنبؤات المقيتة، أن نأتي بهذه الأفكار وتحدث الكوارث التي لا تحمد عقباها والسبب أننا ما تخوفنا من شيء حتى حدث ونقولها بالعامية البسيطة «اللي يخاف من العو يطلعله».

فمن أجمل الجمل التي لا يمكنني نسيانها في كتاب «السر» هي «نحن نفكر فيما لا نريد أكثر مما نريد فيحدث ما لا نريد»، فتخوفنا من المستقبل وتفكيرنا السلبي حوله قد يجلب فعلاً السلبية.

لو فتحنا التلفاز لوجدنا الكثير من وسائل الإعلام تركز في نشرات الأخبار على حوادث القتل والدمار والدماء، وتتغاضى عن مئات الحوادث الإيجابية، وهذا ما يحدث في عناوين الكثير من الصحف والمجلات، فكل مصيبة تجدها بالبنط العريض وباللون الأحمر مما يجعل الطاقة السلبية تنتشر بسرعة البرق، فكل ما نسمعه ونقرأه هو سلبية بكل المقاييس، ولهذا نستمر وتستمر الحكاية في جلب السلبية إلى حياة الشعوب، وحينما نتخلص من هذه السلبية ونستبدلها بالإيجابية فسننعم بالخير والرخاء على هذه الأرض.

 

Email