عيشي بلادي

ت + ت - الحجم الطبيعي

من سنن الله في كونه أنه فضل أماكن على غيرها، وخص أياماً بفضل عن غيرها، خص شهوراً ببهاء لم تنله غيرها، وكذلك جعل لأناس فضلاً يعلو على بعضهم البعض، ولعلمه سبحانه أن تلك هي الحالة التي خلق عليها الإنسان، نعيش ذلك عندما تهب علينا كل عام نسائم الفخر والاعتزاز بوطن لم نعش فيه بقدر ما عاش هو فينا للحد الذي انعدم معه الحد بين كوننا جزءاً منه أم هو القلب فينا، وهل يقدر الإنسان على الحياة بغير نبضه وضخ سر الحياة في العروق.

في مثل هذا الوقت من كل عام تهب علينا نسائم البشر والمجد، لوطن استطاع أن يبني للخلود صرحاً يعلو كل يوم، ترتقي معه إرادتنا في الحفاظ على مكتسبات وقف العالم أمامها مشدوهاً، فرح لها الشقيق والصديق وعجز عن المساس بها المتربص الحاسد.

في هذه الأيام من كل عام تهب علينا نسائم الأمل وقوة العمل، كيف لا وهي تأتي محملة بتاريخ تليد واتحاد معجز لرجال استطاعوا أن يجعلوا للشعب مجداً قبل مجدهم فكانت أعمالهم خالدة ومحبتهم باقية، لرجال أحبوا شعبهم فبادلهم حباً بحب وعطاء بعطاء.

في مثل هذه الأيام من كل عام نردد معاً بالعقل والقلب واللسان عيشي بلادي وأنا الفداء، عيشي بلادي دمي فداء لك وروحي أبذلها دونك، عيشي بلادي فعيشك حياة لمن مات دونك، وصمودك نجاة لمن يصونك، وقوتك ومنعتك جاه لمن ناداك وطلب النصرة، عيشي بلادي فحياتنا من منعتك، وصمودنا من روح اتحادنا، وكأن أرواحنا منك فأنت أنت الحياة.

عاش اتحاد إماراتنا ذلك السياج الحامي والمنيع، اتحاد إماراتنا أمانة الآباء، وعز الأبناء، وفخر المواطن، وملاذ المقيم، وأمنية الراغب في العيش الكريم، عاش اتحاد إماراتنا عاصمة للعطاء وموطناً للإبداع والابتكار، ونموذجاً للاحتذاء، عاش اتحاد إماراتنا نجدة للملهوف، وغوثاً لمن طلب النجدة، وطريقاً لمن أراد الرفعة.

عشت لشعب دينه الإسلام الذي يجمع ولا يفرق، يبني ولا يهدم، يغرس الورود ويقتلع الأشواك، ينشر الحب ويقبر البغضاء، إسلام التعارف بين بني الإنسان وقبول الآخر، إسلام المحبة وصلة الأرحام.

عشت لشعب هديه القرآن، تلك المعجزة الخالدة مع الزمان وأنعم به من هدي.

عاش اتحاد إماراتنا محصناً باسم الله، ومحفوظاً بسواعد أبنائه المخلصين الساهرين على الحدود كما الأسود، والواقفين كالسدود العالية أمام كل متربص وحاقد، براً بالقسم على العمل والإخلاص ما دامت الحياة وما دمنا أحياء، وهل هناك حياة من دون بناء الوطن، وما قيمة الحياة إن لم تكن لعزته ورفعته.

تلك أنشودة حب، ومحددات طريق، وخارطة الفخار، وصدق القسم، حتى بات اتحاد الإمارات منيعاً، وبيته موحداً، وكلمته ينصت لها القاصي قبل الداني، وعلى أرضه تحولت الأحلام إلى حقائق، ومسيرته أدهشت كل من تابعها.

وطن بات للشباب وجهة للعيش المفضل، حفر في القمم اسمه وفي القلوب رسمه، وطن أطفاله رجاله ونساؤه سند وعون وشبابه قادة وشيبته منبع الحكمة، اتحاد الإمارات الذي يزيد مع الزمن رسوخاً ومع مرور الأيام تألقاً، ومع توالي الأجيال يزداد وثوقاً، اتحاد الإمارات يقف شامخاً صلباً رغم ما تمر به منطقتنا من تحديات وما يجري على أراضيها من تجاذبات ولكن تظل الإمارات منيعة أبية قوية فتية نابضة بالحياة مستندة إلى جذور تمتد إلى باطن الأرض وترفع رايات النصر تعانق عنان السماء، اتحاد يرفل في ثوب العزة والسؤدد يوماً بعد يوم، عطره يملأ الأركان، وخيره يغمر أبناءه والقاطنين على أرضه والطالبين عونه، اتحاد في منعته للعرب منعة، وقوته لهم قوة، غاياته خيرة، ومقاصده فرشت لها في النبل طريقاً، على المحبة أسس، ومن عطاء قادته استوى العود، وللعلا يسير، وفي القمة مكانه، والصدارة عنوانه، دام الأمان وعاش العلم رمز الأخوة لمن صادقنا وصدق معنا ورمز الفتوة والوحدة.

في مثل هذه الأيام من كل عام ننظر إلى مسيرة البناء وسيرة الرجال الذين عاهدوا وأوفوا، والذين حافظوا ونموا، والذين أحبوا وصدقوا، مسيرة وطن معطاء، وسيرة رجال شجعان أخذوا القرارات رغم الصعوبة، وساروا في الطريق الصحيح رغم الوعورة، وبذلوا من دون ملل وعملوا من دون كلل، لم يعرف القنوط لهم طريقاً، ولم يكن اليأس بهم لصيقاً، فانتفضوا ينثرون الخير وينشرون النور، أضاؤوا الشموع ولم يلعنوا الظلام، أفعالهم سبقت أقوالهم، وآثارهم دالة على نبل طباعهم، وإسعاد شعوبهم غاية سعيهم، ينشدون نشيد العزة، ويردد الشعب عيشي بلادي عاش اتحاد إماراتنا.

Email