إلى عرفات الله.. أم إلى طهران وأنقرة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

ربما لو أزيحت العوائق التي وضعها حكام قطر أمام مواطنيهم، لوجدنا كل أشقائنا من مواطني قطر ومواطناتها يؤدون فريضة الحج هذا العام، يقفون بين يدي الله وينعمون بالحج إلى بيت الله العتيق وزيارة قبر رسوله الكريم، يسعدون بلقاء أشقائهم من أبناء الخليج والوطن العربي والمسلمين من أنحاء العالم، يستنشقون هواء ليست فيه رائحة تآمر «حمد وحمد» ولا خيانة أنصار «الإخوان» .

وباقي جماعات الإرهاب التي حولت «الدوحة» العزيزة إلى ملاذ لكارهي الإنسانية ودعاة التطرف وقيادات عصابات الإرهاب التي تنشر الدمار في العالم كله. ولو حدث ذلك لقضى حكام قطر العيد في الدوحة وحدهم في حراسة عساكر أردوغان، وفي صحبة قيادات جماعات الإخوان الإرهابية التي لا تسر عدواً ولا حبيباً!!

ولو حدث ذلك لعاد الأشقاء القطريون لبلادهم وهم يدركون حجم الأكاذيب التي يطلقها عليهم نظام احترف الكذب والخداع والتآمر على الأمة منذ عشرين عاما. ويعرفون الثمن الفادح الذي تدفعه بلادهم ثمنا لممارسات حكم الحمدين الذي مازال يمسك بالسلطة ويخون الأمانة ويدفع بقطر الشقيقة إلى المجهول.

من أفلتوا من حصار حكام قطر لأبناء شعبهم في طريقهم للوقوف بعرفات في يوم يجسد وحدة المسلمين، حيث يقفون خاشعين بين يدي الرحمن بعيدا عن دعاوى الكراهية ودعاة الإرهاب.. وفي نفس الوقت كان النظام القطري «بالمشاركة مع حلفائه الإيرانيين» يطلق الحديث عن قرب انسحاب قطر من مجلس التعاون الخليجي.

يكشف النظام القطري عن حقيقة أهدافه التي سعى لها على مدى عشرين عاما منذ انقلاب التسعينيات، كان التخريب ونشر الفوضى في العالم العربي ودعم جماعات الإرهاب الإخواني ـ الداعشي إحدى المهام الموكولة للنظام ضمن مخطط الشرق الأوسط الجديد.

وقد تفانى النظام القطري في أداء هذه المهمة متحالفاً بصورة مع الإخوان الذين كانوا بدورهم جزءاً أساسياً من هذا المخطط الشرير، إلى جانب كل القوى المعادية للعرب والساعية لمد نفوذها في أرجاء الوطن العربي.

لكن مهمة أساسية أخرى كانت موكولة للنظام القطري، وكان يؤديها بحذر شديد على مدى سنوات التآمر التي جاوزت العشرين، إنها مهمة ضرب وحدة دول الخليج العربي ودق أسافين الخلاف بينها ومحاولة زرع الفتنة بين شعوبها.

هذه المهمة التي انكشفت تماما مع افتضاح الحقائق في التآمر على مملكة البحرين، وفي المؤامرة المشتركة بين حكام قطر والقذافي لاغتيال العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله، وفي محاولة زرع الفتنة في الإمارات وباقي دول الخليج، هذه المهمة لم تتوقف مع إرغام الحمدين على ترك الحكم رسمياً، ولم تتوقف مع تعهدات تميم التي لم ينفذها، ولم تتوقف ـ للأسف الشديد ـ حتى بعد الموقف الحاسم من دول المقاطعة العربية الأربع، والذي كان ـ ومازال ـ يستهدف أن يعود العقل ليحكم قطر، وأن يتوقف النظام عن العداء للأشقاء في الخليج والوطن العربي، والإساءة لقطر وشعبها الذي يستحق بالتأكيد نظاماً للحكم أفضل وأكثر رشداً، وأشد انتماء للعروبة وحرصاً على الإسلام.

وبدلاً من انتهاز الفرصة للتطهر من آثار سنوات التآمر ضد شعوب الخليج والوطن العربي، ها هو النظام القطري يثبت أن مصيره ليس بيد حكامه، وأنه ماض في المهام «أو الجرائم!!» الموكولة إليه وفي مقدمتها محاولة ضرب الوحدة بين دول الخليج العربي وشعوبها التي تجمعها روابط الأخوة والتاريخ الواحد والمصير المشترك.

تبدأ «جوقة» التآمر القطري الآن في ترديد الحديث عن الانسحاب من مجلس التعاون ويشاركها فيلق التخريب الإيراني، وليس المقصود هو انسحاب الدوحة، فهذا أمر قد يجنب المجلس مخاطر وجود المتآمرين في الداخل!! لكن المقصود هو أن يكون حديث «تفكيك» المجلس بديلاً عن حديث عن تعاون كانت شعوب الخليج تأمل أن تراه وقد تحول إلى «وحدة» حقيقية تزيد استقرار المنطقة وتحافظ على أمنها وعروبتها!!

والمقصود هو أن يفتح حكام قطر أبواب اللجوء إلى أحضان الأعداء والمتآمرين على مصراعيها ويتصور حكام قطر أن التحالف مع إيران وتركيا يمكن أن ينقل الآن من عالم السرية إلى العلن، ليكون عامل هدم لمجلس التعاون بين دول الخليج العربي، وليكون النهاية الطبيعية لمسيرة أوضح معالمها حمد بن جاسم قبل سنوات، وهو يؤكد أن العروبة خرافة، ثم وهو يحتضن جماعة «الإخوان» التي لا تعترف بوطن ولا بعروبة أعزت الإسلام.

ليكون نظام قطر مع الإخوان خنجراً في ظهر دول الخليج والوطن العربي، وليكون أردوغان من ناحية والحرس الثوري الإيراني من ناحية أخرى هما رفاق الطريق المشبوه لحكام قطر الحالمين بدور «الكوبري» بين جماعات الإرهاب الإخواني الداعشي، وبين كل القوى الإقليمية المعادية للعروبة من تركيا لإيران «ولا تنسى إسرائيل التي تدعي الغضب!!». ليكون كل ذلك جزءاً من مخطط الفوضى المدمر سبيلاً لشرق أوسط جديد يحقق مصالح الجميع على حساب العرب!!

حين يلوح النظام القطري بحديث الانسحاب من مجلس التعاون، فإنه لا يفعل إلا أن يؤكد أن عشرين عاماً من التآمر لا يمكن أن تنتهي إلا إلى هذه النقطة التي تسقط فيها كل الأقنعة، وتتأكد فيها حقيقة أن استمرار نظام «حمد وحمد» في القبض على مقاليد السلطة في الدوحة قد أصبح خطراً على الجميع وأولهم شعب قطر الشقيق المحكوم بأيديولوجية الإخوان التي لا تؤمن بوطن ولا تعرف طريقاً إلا الإرهاب.

كشف سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، قبل أيام في مؤتمره الصحافي مع وزير الخارجية الروسي لافروف، عن رؤية لابد أن تصل لأصحابها، حين قال إن إيران وتركيا قوتان استعماريتان.

بالتاريخ وبالأطماع وبما يحدث في سوريا وفي العراق ودول عربية عانت طويلا من هذا الاستعمار الذي أصبح هو الحضن الدافئ «وربما الوحيد!!» لحكام قطر!!

إلى متى يتحمل شعب قطر الشقيق عار نظام فقد الرؤية حتى أصبح يتـآمر على شعبه، ويبيع مستقبل وطنه ليبقى في حكم سطا عليه قبل عشرين عاماً؟!.. سؤال ينتظر الإجابة من شعب قطر الشقيق وأثق أن الانتظار لن يطول!!

 

 

Email