انتبهوا لتصريحات «ليبرون جيمس»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أغلب الظن أن المجتمع الأميركي بات في الوقت الراهن في أمس الحاجة إلى ما هو أكثر بكثير من قرار إدارة موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بحجب عدة صفحات يديرها أشخاص من مؤيدي الجماعات العنصرية اليمينية البيضاء المتطرفة الذين شاركوا في أحداث عنصرية بمدينة شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا مؤخرا وانتهت بأعمال عنف مميتة، وفي تبريرها لهذا الإجراء رأت في حجبها تسع صفحات على الأقل على صلة بالحركة العنصرية أن تلك الصفحات تنتهك سياسات «فيسبوك» فيما يتصل بنشر مواد تحض على الكراهية.

مارك زوكربيرج، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك كتب على صفحته الشخصية أيضا يقول: لا مكان للكراهية في مجتمعنا ولهذا السبب نحجب أي منشور يروج لجرائم الكراهية أو أعمال الإرهاب بما في ذلك ما حدث في شارلوتسفيل، وأنه مع إمكانية انطلاق مزيد من التجمعات نراقب الوضع عن كثب وسنحجب أي تهديدات يمكن أن تسفر عن إحداث أضرار، مؤكدا ان فيسبوك يؤمن بتشجيع النقاش، لكن الهجوم على آخرين بسبب معتقداتهم أو خلفياتهم هو أمر غير مقبول.

للتذكرة، فالحادث وقع أثناء احتشاد أعداد كبيرة من المؤيدين للجماعات العنصرية البيضاء واليمينية المتطرفة بينها كوكلوكس كلان و النازيون الجدد في شارلوتسفيل، قابلها خروج مظاهرة لأعداد أخرى من مناهضي العنصرية في المدينة، قبل تعرض الأخيرة للهجوم، وجاء احتشاد مؤيدي الجماعات العنصرية البيضاء احتجاجًا على قرار المدينة إزالة تمثال الجنرال روبرت لي أحد رموز الحرب الأهلية الأميركية والمتهم بالعنصرية وتأييد العبودية، وأعقب ذلك مشاركة مئات الأشخاص في مراسم تأبين الشابة الأميركية هيذر هاير التي قتلت جراء عملية دهس استهدفت المتظاهرين المناهضين للعنصرية في المدينة.

كان من الممكن أن يمر الحادث مرور الكرام وتسجل الواقعة على أنها عمل من أعمال الكراهية العنصرية كغيرها من آلاف الوقائع المماثلة التي تعرضت لها الولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية في سياق مظاهر التمييز العصري القائمة في البلاد، إلا أن ردود فعل الرئيس ترامب جعلت للحادث تبعات وتداعيات في منتهى الخطورة وأثارت ردود فعل غاضبة في الاتجاه المضاد على الصعيدين الداخلي والخارجي، وليس خافيا أنه ابتعد عن إدانة العمل العنصري بشكل صريح والأخطر انه ساوى بين الجماعات العنصرية المتطرفة والجماعات المناهضة له، وفي ذلك خروج جسيم على قواعد اللعبة السياسية الحاكمة لسلوكيات البيت الأبيض تجاه هذه الممارسات العنصرية، وكانت دوما تشكل ضمانة لحفظ الوحدة الوطنية بإدانة ورفض تلك الممارسات.

تلك الحالة المفعمة بأحاسيس مريرة قد نجد انعكاساً واختزالاً لها في واقعة وتصريحات لاعب السلة الشهير ليبرون جيمس الذي انفجر غضبا بسبب العنصرية بعدما كشفت وسائل الإعلام الأميركية عن محاولة تخريب بكتابة عبارات عنصرية عند مدخل منزله قبل ساعات فقط من انطلاق مباراة مهمة لدوري السلة الأميركي للمحترفين.

شرطة لوس أنجلوس قالت إن العبارة العنصرية التي رسمت على مدخل منزل جيمس تمت بواسطة بخاخ بينما المحققون يبحثون عن أي مشتبه في تورطه في أعمال التخريب، وأنها بأي حال من الأحوال ترفض العبارة العنصرية التي كتبت على بوابة منزله، وعقب ذلك محوها وطلاء البوابة مجددا علما بأن جيمس لم يكن موجودا في منزله في غرب لوس أنجلوس وقت وقوع الحادث، أما ليبرون جيمس نفسه والذي ينحدر من أصول افريقية فقد رد على محاولة تخريب منزله بالعبارات العنصرية بتصريحات كاشفة جاء فيها انه بغض النظر عن مقدار المال لديك ومهما كانت شهرتك ستظل حياة السود في أميركا صعبة، العنصرية ستظل جزءا من العالم وجزءاً من أميركا، والكراهية في أميركا - وخاصة بالنسبة للأفارقة الأميركيين - موجودة بشكل مستمر، وأصبحنا معتادين على ذلك يومياً، ورأى جيمس في محاولة التخريب بكتابة العبارات العنصرية على بوابة منزله أنه مازال أمامنا طريق طويل لنسلكه كمجتمع وبالأخص كأميركيين أفارقة حتى نشعر بالمساواة مع غيرنا في الولايات المتحدة.

لا شك في أن هذه الواقعة كاشفة لكثير من حقائق الممارسات والتصرفات العنصرية التي يعاني منها ملايين السود ميدانيا على أرض الواقع، ومن هذا المنطلق تبرز خطورة تصريحات ترامب وردود فعله تجاه الأحداث الأخيرة، وبالفعل يحتاج الأمر إلى معالجات ومقاربات تتجاوز بكثير حجب المواقع اليمينية المتطرفة على الفيسبوك.

Email