أستراليا تحارب مهرّبي البشر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تقوم أستراليا بإجراءات للحد من الهجرة غير الشرعية يراها البعض ولا سيما منظمات حقوق الإنسان أنها انتهاك للالتزامات الدولية الواقعة على عاتق أستراليا بخصوص توفير الحماية للاجئين. في الوقت الذي ترى فيه أستراليا أن هؤلاء مهاجرون غير شرعيين، ترى منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) أنهم لاجئون يستحقون الحماية والرعاية.

وتقوم أستراليا بوضع مهاجري القوارب في جزر بالمحيط الهادي (مانوس ونورو) حتى يتم البت في طلبات لجوئهم. يأتي معظم هؤلاء من دول آسيوية مثل الهند وسريلانكا والعراق وإيران وغيرها، وهي دول تعاني من مشكلات اقتصادية وسياسية عديدة، ويسعى بعض مواطنيها الوصول إلى أستراليا وهي أرض الأحلام بالنسبة لهم.

تقوم السلطات الأسترالية باعتراض قوارب المهاجرين وإرسالهم في معسكرات بجزر مانوس ونورو حتى ينظر في أمرهم. وهذا على العكس من أوروبا حيث تقوم منظمات غير حكومية بمساعدة قوارب المهاجرين وإنقاذهم وتوصيلهم إلى إيطاليا، وهي بهذا تساعد المهربين على الاستمرار في عملهم باستغلال البشر وتعريض حياتهم للموت.

وتقول منظمة مراقبة حقوق الإنسان يجب على أستراليا عدم إجبار اللاجئين المرفوضة طلباتهم العودة إلى بلدانهم صوناً لكرامتهم وسلامتهم. وقد انتجت الحكومة الأسترالية فيلماً لتحذير طالبي اللجوء من القدوم بالقوارب لأستراليا.

وحذرت من قيام بعض الأستراليين بالذهاب إلى نورو ومانوس للزواج من طالبي اللجوء لمساعدتهم على الدخول لأستراليا، فهل نجحت أستراليا في محاربة مهربي البشر والحد من الهجرة بالمقارنة بالدول الأوروبية؟ وهل تعد السياسة الأسترالية انتهاكا لحقوق اللاجئين؟ وكيف يتم التعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية؟

تمضي السلطات الأسترالية في سياستها لمواجهة مهربي البشر دون النظر إلى الانتقادات الموجهة من بعض المنظمات مثل منظمة مراقبة حقوق الإنسان. وتتمتع تلك السياسة بشعبية بين المواطنين بصورة كبيرة.

ومن هنا فقد حققت تلك السياسة نجاحاً في الحد من دخول المهاجرين غير الشرعيين إلى البلاد. قد تكون هناك حالات لجوء تستحق الدخول وتضطر إلى السير عبر الهجرة غير الشرعية ولكن الأغلبية في وجهة نظر السلطات الأسترالية هم مهاجرون غير شرعيين.

ولا تتعدى أرقام الهجرة غير الشرعية وحالات اللجوء المزيفة الآلاف، ولهذا فهناك سيطرة كبيرة من قبل أستراليا على حدودها. أما إذا نظرنا إلى أوروبا فهناك رواج للمهربين الذين يضعون حياة المهاجرين واللاجئين في خطر من خلال قوارب الموت. ومع ذلك تعاني السلطات الأوروبية من عدم القدرة على مواجهة المنظمات الإنسانية التي تنفذ هؤلاء وتقوم بتوصيلهم إلى الشواطئ الأوروبية ولا سيما إيطاليا.

هناك مئات الآلاف الذين يعبرون على تلك القوارب ويتربح منهم المهربون بملايين الدولارات. في أستراليا تواجه تلك القوارب بتحويلها إلى جزر بالمحيط الهادي وفي أوروبا يتم الترحيب بهم، وهو ما يشجع تجارة مهربي البشر ويسهم بصورة غير مباشرة في غرق بعض هؤلاء الأبرياء.

أعتقد أن ما تقوم به أستراليا يجب أن تطبقه الدول الأوروبية وهو عدم انتاهك قواعد اللجوء وغيرها. إن السياسة الأسترالية تحد من تجارة المهربين التي تقدر بمليارات الدولارات، وتقلل من موت هؤلاء الأبرياء في رحلة الموت من بلدانهم إلى «أرض الأحلام».

يضاف إلى ذلك أن تلك السياسة قد تساعد على انتقاء اللاجئين الحقيقيين والذين لا يدعون الاضطهاد ويحملون التقارير المزيفة والهويات غير الحقيقية والكذب. هناك لاجئون يستحقون أن يجدوا الملاذ الأمن ولكن المزيفين يأخذون أماكنهم.

أخيراً يجب التعامل مع السؤال الأكبر وهو الهجرة وليس اللجوء. هناك نسبة كبيرة من الذين يدعون صفة اللجوء هم مهاجرون يسعون إلى تحقيق مستقبل اقتصادي أفضل وهي بالتالي هجرة اقتصادية. يجب أن تكون هناك قواعد واضحة للهجرة واللجوء بحيث لا تجبر بعض الأفراد على التزييف لتحقيق أملهم بوضع اقتصادي أفضل.

من ناحية أخرى يجب التعامل مع أوضاع الدول الفقيرة ومساعدتها علي التنمية حتى لا تكون طاردة لمواطنيها وتشجعهم علي الاستثمار بدلاً من اللجوء إلى رحلة الموت. هناك حاجة ماسة للتعامل مع شروط التجارة الدولية غير المتكافئة بين العالمين المتقدم والنامي. إذا تم توفير أوضاع اقتصادية صحية في البلدان النامية والفقيرة قد يقلل ذلك من الهجرة، ويساعد على الحد من تهريب البشر.

 

 

Email