تطلعات دبي.. «بلاحدود»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أوفت دولة الإمارات بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي، في سياق توجهات الدولة وواقعها التنموي سعياً للقضاء على الفقر والجوع والارتقاء بالتعليم وتمكين المرأة، وتحسين الظروف البيئية، وتفعيل الشراكة العالمية وغيرها من أهداف.

كان ذلك رغبةً منها لتحقيق الأهداف التنموية الثمانية للألفية التالية في مجملها، كالقضاء على الفقر المدقع والجوع، تعميم التعليم الابتدائي، تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، تخفيض وفيات الأطفال الرضع، تحسين صحة الأمهات، مكافحة فيروس نقص المناعة المكتسب، حماية البيئة، وإقامة شراكات عالمية.

إن الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات تخطت بكثير طموحات أهداف الألفية، ويتفق خبراء الاجتماع الإداري على أن التنمية بمفهومها الشمولي، وبأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية، صارت مطلباً لا غنى عنه ولا سبيل للتراجع دونه، ذلك أن التنمية أصبحت الجسر الذي تعبر من خلاله المجتمعات النامية والناشئة، للمضي قدماً لبلوغ الرفاهية الاجتماعية بحسبانها الهدف النهائي للتنمية المستدامة.

تعد التنمية البشرية أهم ركائز التنمية المستدامة برأي العلماء والخبراء وأصحاب الشأن المختصين بذلك.

لقد تأكد منذ مطلع الألفية الجديدة أن الدول التي انطلقت من كونها دولاً نامية إلى مستوى دول متقدمة، ما كان لها أن ترتقي إلا لأنها ركزت على بناء القدرات البشرية.

ولا يخفى على أي مواطن أو مقيم أن دولة الإمارات استطاعت بفضل، قيادة رشيدة وحكيمة، أن تعبر جسر التخلف وتتعدى مرحلة الدول الناشئة للحاق بالدول المتقدمة.

مما لا شك فيه أن دولة الإمارات قطعت أشواطاً بعيدة لتحقيق تنمية شاملة مست كافة مجالات الحياة، فأصبح للإمارات بنى تحتية تفوق المتاح في دول سبقتها في هذا المضمار.

تكفي الإشارة إلى التحسن المطرد في موقع دولة الإمارات العربية المتحدة في التقرير الدولي للتنمية البشرية، أيضاً؛وكما أشرنا في مقال سابق تصدرت أبوظبي ودبي، منطقة الشرق الأوسط في قائمة أفضل المدن، حسب تقرير مؤشر المدن المتطورة والذي يرصد 180 مدينة، بينها 73 عاصمة، وتمثل جميعها 80 دولة.

كما استحوذت تجربة وإنجازات دبي الذكية، على أنظار العالم خلال مشاركتها أخيراً في «مؤتمر المدن الذكية 2017» بمدينة نيويورك، علماً بأن مبادرة دبي المدينة الذكية، تسهم في وضع معايير دولية بهذا المجال، بفضل نهج شامل يقوم على دمج ومتكاملة تقنيات المعلومات والاتصالات، ليكون مرجعاً في تطوير المدن الذكية.

كانت دراسة أخرى صدرت أخيراً بعنوان «حالات دراسة المدن الذكية»، اعتبرت مدينة «مصدر» في أبوظبي، نموذجاً لانتشار المدن الذكية في منطقة الخليج العربي، وذلك ضمن الكتاب المعنون «أطلس المدن الذكية: المجتمعات الذكية الغربية والشرقية»، الصادر عن مؤسسة سبرينغر للنشر الدولي في عام 2017.

يؤكد الكتاب أن منطقة الخليج العربي تعد الأكثر تأهيلاً في منطقة الشرق الأوسط لتبني تطبيقات المدن الذكية، إذ تتمتع دول الخليج العربية ببنية تحتية متقدمة، تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في تقديم الخدمات العامة، إضافة إلى وجود معدلات مرتفعة من الرضا العام، والتركيز على سعادة المواطنين، ضمن منظومات متكاملة للابتكار والإبداع والاستدامة البيئية.

إذن، لتلك المقومات والأسباب المحفزة والمقنعة، تم الإعلان في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، اختيار مدينة دبي لتكون مركزاً إقليمياً لبيانات المدن، وإحدى المدن الرائدة التي تقود الجهود نحو تحقيق أهدف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة «أجندة 2030 للمدن والمجتمعات المحلية».

تجري حالياً مشاورات ما بين الأمانة العامة للمجلس التنفيذي لإمارة دبي والمجلس العالمي لبيانات المدن لتوقيع مذكرة تفاهم يتم بموجبها تسمية دبي مركزاً إقليمياً، لبيانات المدن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، وأيضاً بين المجلس العالمي لبيانات المدن وعدد من المدن في مختلف القارات، للعب دور شبيه في مناطق أخرى من العالم، منها جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، وبوينس آيرس بالأرجنتين، ولوس أنجليس بالولايات المتحدة الأميركية، وماكاتي بالفلبين، وروتردام بهولندا، ومينا بنيجيريا، وذلك إدراكاً من الأمم المتحدة بأن تحقيق الأهداف الإنمائية لا يمكن أن يتم بمعزل عن تفعيل دور المدن والمجتمعات المحلية.

حيث من المتوقع أن تلعب إمارة دبي دوراً قيادياً في عدد من المحاور الهامة مثل الترويج للمبادرة وتحفيز مدن المنطقة للانضمام للمبادرة، وإنشاء نظام بيانات مفتوحة يجمع بيانات كافة المدن المنضوية تحت المبادرة في المنطقة.

بالإضافة إلى إصدار تقارير دورية بشأن التقدم المحقق في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في المنطقة، واستعراض دور البيانات المعيارية لتحفيز العمل على تحقيق هذه الأهداف، علاوة على المساهمة في تنظيم لقاءات دورية تجمع ممثلي مدن المنطقة لمشاركة تجاربها والدروس المستفادة محلياً وإقليمياً وعالمياً.

يرى عبد الله الشيباني، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، أهمية هذه الاتفاقية بين إمارة دبي والمجلس الدولي لبيانات المدن تحت مظلة الأمم المتحدة، بما يؤكد مكانة الإمارة في مجال قيادة الجهود العالمية الرامية إلى تعزيز دور المدن في بناء وتأهيل بيئة مستدامة للأجيال القادمة، وبما يتطابق مع رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في العمل على خطط استراتيجية طويلة المدى تستهدف التحسين في جميع المؤشرات، بهدف بلوغ غايات خطة دبي 2021 وأهداف التنمية المستدامة 2030.

Email