نحن وقطر.. سعادة البشر أم زرع الدمار؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما إن انتهى المؤتمر الصحافي الذي عقده وزراء خارجية الدول العربية الأربع «مصر والسعودية والإمارات والبحرين» عقب اجتماع القاهرة لبحث الأزمة مع قطر، حتى انطلقت الأبواق الإعلامية المسعورة التابعة لقطر والإخوان، تواصل حملات التضليل، وتقسيم الأدوار فيما بينها.. بينما ادعاء المظلومية من جانب فريق، وتصعيد اللهجة من جانب فريق آخر لزوم الاستهلاك المحلي!

أصبح الأمر متكرراً ومقززاً لدرجة تثير الغثيان من إعلام لم يستح يوماً أن يخصص برامج «الجزيرة» الموجهة لمصر على مدى النهار والليل للاحتفال بـ«أم المصريين» التي اختارها أماً مثالية في هذا اليوم الذي كان يصادف «عيد الأم».

ولم تكن هذه الأم المثالية إلا امرأة «اسمها سامية شنن» التي صدر عليها الأسبوع الماضي الحكم بالسجن المؤبد في قضية ذبح ضباط وجنود أحد أقسام الشرطة «قسم كرداسة» التي قال الشهود إنها ذهبت إلى ضباط طلبوا شربة ماء وهم يسلمون الروح لبارئها، فجاءت لهم بزجاجة من «ماء النار» تسكب ما فيها في حلوقهم لتحرقهم وهم يستشهدون!

تذكرت ذلك وأنا أتابع بعض المجندين في إعلام الانحطاط والتضليل القطري والإخواني، وهم يعلقون على اجتماع وزراء الخارجية العرب الأربعة ومؤتمرهم الصحافي، وبعيدا عن الضلالات المعتادة استرعى الانتباه تعليقهم على حديث وزير الخارجية الإماراتي سمو الشيخ عبد الله بن زايد.

وهو يؤكد أن قطر لا تهتم بأشقائها قدر اهتمامها بالإرهاب، وأنها قد أثبتت خلال العقدين الماضيين أن هوايتها هي رؤية الدم والخراب، متسائلا: لماذا تريد الفوضى والتدمير، ولا تريد أن تسعد برسم الابتسامة على وجوه البشر؟!

لم يفاجئني إعلام الضلالة والانحطاط «القطري- الإخواني» وهو يشير إلى ذلك باعتباره ابتعاداً عن الواقع، وحديثاً ينزع إلى الرومانسية!

بالطبع.. لا يمكن أن يهتم القتلة ومن يدعمونهم بالحديث عن سعادة البشر التي هي غاية كل سياسة وهدف كل حكم رشيد وكل رسالة سامية!!

ولا يمكن أن يهتم نظام تنكر للعروبة وتحالف مع الأعداء، بأن يجيب عن سؤال سمو الشيخ عبد الله بن زايد: لماذا لا يسعد النظام في قطر إلا برؤية الدماء تسيل من ضحايا إرهاب يدعمه بكل الوسائل، وبرؤية الخراب الذي يلحق بدول عربية شقيقة بفضل سياسة حكام الدوحة على مدى عشرين عاماً؟!

ولا يمكن لنظام يجعل من «الدوحة» العزيزة على الجميع ملاذاً لزعماء عصابات الإرهاب، وفي مقدمتهم قيادات «الإخوان» الهاربة بجرائمها من وجه العدالة.. لا يمكن لهذا النظام أن يدرك أن سعادة البشر «وليس ترويعهم» هو أسمى الغايات.. وأن بناء الأوطان «وليس السعي لتدميرها» هو رسالة الإنسانية الذي أرسله الله لعمران الأرض لا لزرع الخراب في أنحائها!

ولا يمكن لحكام قطر أن يفهموا أن أشقاءهم في الخليج العربي قد صبروا عليهم لأنهم كانوا على الدوام يحتفظون بالأمل في أن يعود العقل ليحكم في الدوحة فيدرك أن التآمر ضد الأشقاء لا يجوز، وأن التحالف مع الأعداء إثم عظيم، وأن الشراكة مع الإرهاب هو حكم بالإعدام الأكيد وإن تأجل تنفيذه!

ولا يمكن لحكام قطر أن يتصوروا حجم الأذى الذي يلحقونه بشعبنا العربي في قطر «دون الاعتذار لحمد بن جاسم الذي بشرنا بأن العروبة خرافة!» وهو الشعب الشقيق الذي لا يمكن أن يتنكر لما قدمته مصر من تضحيات على مدى السنين يقابلها حكام قطر اليوم بهذا النكران للجميل.

وهذا التآمر مع إخوان الإرهاب في محاولة يائسة لنشر الدمار في مصر، بدلاً من رد الجميل لشعب مصر، والمساعدة في زرع الابتسامات على وجوه البشر بدلاً من زرع القنابل وتصدير الكراهية ودعم الإرهاب.

وتصور أن شيئاً من ذلك يمكن أن يجعل الأقزام تكبر، أو يرغم الكبار على أن يسلموا مقادير شعوبهم لحماقات من يتصورون أن التحالف مع الأعداء سوف ينقذهم من غضب الشعوب، أو أن الطريق لكي يكبروا لا بد أن يمر بطهران أو أنقرة.. أو تل أبيب!

تسعون عاماً من التجارب المريرة مع «الإخوان» وتوابعهم «بمن فيهم النظام القطري» تقول إن الكراهية كانت على الدوام هي وسيلتهم وأن العنف والتدمير والخراب كان يقيناً مؤكداً لديهم بأنه الطريق إلى «التمكين» في المجتمع، والاستيلاء على مقادير الدول، وأن سفك الدماء كان- وما زال- عهدهم هو دليل النجاح، وأن خداع البشر «وليس إسعادهم» هو المطلوب لكي يسودوا ويحكموا.. كما يتوهمون!

لا «الإخوان» ولا جماعات الإرهاب الخارجة كلها من عباءتهم، ولا النظام القطري الذي انحاز ضد شعبه وأمته.. يفهمون حديث سمو الشيخ عبد الله بن زايد، وهو يسأل حكام الدوحة: لماذا تزرعون الفوضى والدمار، بدلاً من أن تسعدوا برسم الابتسامة على وجوه البشر؟!

المشكلة أنهم لا يسعدهم رسم الابتسامة على وجوه البشر كما يتوقع كل الأسوياء.. والمشكلة أيضا أنهم يتصورون أن تحالفاتهم الكارثية تضمن لهم الصعود، وتؤكد لهم الاستمرار! ونقول لهم: اقرأوا التاريخ إن كنتم ما زلتم قادرين على ذلك (!!) ستدركون أن التحالف مع الإرهاب «وعنوانه الأساسي هو الإخوان» ليست له من نتيجة إلا السقوط! وأن هذا هو دور «الإخوان» في مخططات الشر التي أطلقت على المنطقة.

تحالف «الإخوان» مع الملكية في مصر حتى أسقطوها! وحاولوا نفس اللعبة مع عبد الناصر لكنه هزمهم(!!) وتحالفوا بعد ذلك مع السادات حتى اغتالوه(!!) وعقدوا الصفقات مع نظام مبارك ثم شاركوا في إسقاطه(!!) وزعموا أنهم جزء من ثورة يناير حتى استولوا على الحكم(!!) وتصوروا أنهم سيحكمون مصر لألف عام حتى استفاقوا على ثورة الشعب في 30 يونيو..

وهو ما لا يريدون أن ينسوه، لا هم ولا من دعموهم وفي المقدمة النظام القطري الذي يدرك -حتى الآن- أن تحالفه مع «الإخوان» وباقي المنظمات الإرهابية هو طريق النهاية.. لو قرأ التاريخ، ولو أدرك العواقب! ولو فهم أن ابتسامة البشر هي الأغلى، وأن زرع الكراهية سهل لكن نهايته محتومة.

 

 

Email