قطر والإخوان.. و30 يونيو!

ت + ت - الحجم الطبيعي

أربع سنوات مرت على هذا اليوم العظيم، حين توحدت مصر لتسقط فاشية الإخوان، وانحاز جيش مصر الوطني لإرادة الأمة، ليتخلص الوطن العربي كله من كارثة كادت تضعه في قبضة الجماعات الإرهابية.

في 30 يونيو كنا أمام لحظة فارقة في تاريخ الأمة، وكنا أيضا أمام حدث كاشف لمواقف كل الأطراف الداخلية والخارجية، بعد عام أسود استولت فيه جماعة «الإخوان» على السلطة في مصر، وانفتح أمامها الطريق لتنفيذ المخطط الجهنمي للسيطرة على باقي الوطن العربي.

ولم يكن ممكناً أن تتخلى مصر عن كل تاريخها، وأن تطرح جانباً كل ثقافتها وكل موروثها الحضاري الإنساني العظيم، لكي تسلم حاضرها ومستقبلها لهذه العصابة. ولم يكن ممكناً أن تقبل مصر حكماً يدار من جماعة احترفت القتل والتدمير، ولا أن يتقرر مصيرها في عواصم إقليمية ودولية تريد شراً بعالمنا العربي!

ولم يكن ممكناً أن ترضخ مصر لحكم يفتح أبواب «المحروسة» أمام كل أعدائها وتترك حاكماً في أنقرة يتصور أن القاهرة ستكون أساساً لخلافة مزعومة يتولاها(!!) ولا أن تترك بعض الصغار يتوهمون أنهم قادرون على أن يرثوا الزعامة والمكانة بعد أن يتولى «الإخوان» الإجهاز على قلب العروبة(!!) ولا أن تترك «رئيس الصدفة والتآمر» يفتح أبوابها أمام ممثلي إيران لكي يبحث معها في تكرار تجربة الحرس الثوري بنسخة مصرية تقهر الشعب وتلغي دور أعظم جيش وطني وتفتح أبواب التآمر على الأشقاء والجيران!

ولم يكن ممكناً أن تسكت مصر عن هوس الحكم الإخواني الذي انتهج قاعدة: نحكمكم.. أو نقتلكم!

وهكذا توحدت مصر بصورة رائعة شهدها العالم كله في 30 يونيو العظيم، خرج أكثر من 30 مليون مصري في أعظم مظاهرة سلمية عبر التاريخ، ليعلنوا انحيازهم لمصر التي عرفوها وأحبوها والتي لا يبخلون عليها بالأرواح لكي يستخلصونها من قبضة الإرهاب الإخواني.

وكان طبيعياً أن ينحاز جيش مصر العظيم لإرادة الشعب فيتصدى لعصابات الإرهاب الإخواني؛ إذ حسمت مصر الموقف من حكم الإخوان بوحدة شعبها وجيشها، لتجد نفسها أمام تجمع واسع من القوى الدولية والخارجية التي كانت قد راهنت على جماعة الإخوان! وهنا لا بد أن نذكر– بكل التقدير والاعتزاز- الدور الذي قامت به دولة الإمارات مع المملكة السعودية في الوقوف بجانب 30 يونيو باعتبارها تعبيراً عن إرادة شعب مصر، وطوق نجاة من المؤامرة على الأمة العربية كلها.

وفي المقابل لن تنسى مصر ولا الأمة العربية كلها موقف النظام القطري والنظام الأردوغاني اللذين خلعا برقع الحياء ووضعا إمكانات الدولتين في خدمة عصابة الإرهاب الإخوانية، وهي ترفض حكم شعب مصر عليها، وتشن حرباً قذرة لضرب الاستقرار ونشر الدمار وتخريب الاقتصاد وقتل الأبرياء واستنزاف قوى الدولة.

والآن.. وبعد أربع سنوات، تبدو كل الأطراف أمام لحظة أخرى للحقيقة تبدأ تجلياتها مع قرار المقاطعة الخليجية العربية للنظام القطري. ففي ظل الظروف الحاسمة والدقيقة التي تمر بها المنطقة ستحدد مصيرها لعقود طويلة قادمة.. لم يعد ممكناً أن تتحمل دول الخليج العربي أو الدول العربية كلها المزيد من تآمر النظام القطري الذي ربط مصيره بمصير جماعة الإخوان وحكم أردوغان وتحالف الأطراف الثلاثة مع النظام الإيراني في استهداف صريح لأمن الخليج واستقرار الوطن العربي.

وفي سعي محموم من خيبات السنوات الأربع الماضية التي بدأت مع سقوط الحكم الفاشي الإخواني في مصر، لتسقط معه أوهام الخلافة الأردوغانية الموعودة، وهوس الصغار في الدوحة بأن يقودهم هذا التحالف إلى دور مركزي مستحيل(!!) ولتنكشف كل مخططات طهران لمد النفوذ واقتسام الغنائم مع الإخوان وحلفائهم من الذين يبيعون الأوطان بأرخص الأثمان لأنهم لا يعتبرونها إلا «حفنة من تراب عفن».. لا غفر الله لهم جميعاً على خيانتهم للوطن وخروجهم على صحيح الدين الحنيف.

جاء قرار «المقاطعة» ليقول للنظام القطري إن صبر الأشقاء قد نفد، وليمنحه الفرصة الأخيرة ليتوقف عن دعم الإرهاب ومؤازرة التآمر ضد أشقائه، لكن النظام الذي ربط مصيره بمصير «الإخوان» يرفض.

ويتصور أن الاستعانة بأنقرة أو طهران سوف تأتي بالإنقاذ ويدور على عواصم الدنيا متصوراً أن الحل عندها وليس عند الأشقاء الذين صبروا عليه سنوات وتحملوا أذاه كثيراً، ومنحوه الفرصة تلو الأخرى لكي يتوقف عن خطاياه في حق قطر وشعبها قبل أن تكون في حق الأشقاء في الخليج والوطن العربي.

لو أن النظام في قطر استوعب درس 30 يونيو وسقوط الإخوان في مصر قبل أربع سنوات، ولم يغالط التاريخ ويزور الحقائق ويتحالف مع قوى الشر.. لما كان يواجه أزمته العاصفة اليوم بالوقوع في المزيد من الأخطاء التي ترغم الأشقاء على أن يجعلوا «الفراق هو الحل».. وهو يعرف جيداً ماذا يعني ذلك بالنسبة له!

 

 

Email