أشعة الشمس لمواجهة التغيّر المناخي وتلبية الطلب على الطاقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

التغير المناخي مشكلة متفاقمة يعاني منها العالم أجمع، وتنعكس أضرارها على جميع الكائنات والعناصر البيئية والتنوع الحيوي التي تعيش على كوكب الأرض، وتأتي هذه المشكلة الكبرى لتدق ناقوس الخطر.

وليتضح العالم أننا أمام تحديات جدية يتعين علينا جميعاً التكاتف لمواجهتها والتغلب عليها، وأن ما حدث ويحدث ليس بجسامة ما قد يأتي في المستقبل إذا تقاعسنا عن التحرك لكبح سرعة عواقب التغير المناخي، ويعد الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة - كونه المصدر الأساسي للغازات الدفيئة - من أهم الخطوات الجدية لمواجهة التغير المناخي.

وذلك من خلال استخدام حلول بديلة كالطاقة المتجددة؛ مثل الشمس والرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الجوفية لحرارة باطن الأرض وطاقة حركة الأمواج والمد والجزر، مع ترشيد استخدام الطاقة وتعزيز كفاءة استخدامها.

ولا يقتصر ذلك على قطاع إنتاج الكهرباء فحسب، بل باتت الحاجة ملحة لزيادة حصة الطاقة المتجددة في مختلف القطاعات بما فيها النقل والتدفئة والتبريد وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى.

وعلى الحكومات أن تتغلب على التحدي القائم أمامها حالياً في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، بما لا ينعكس سلباً على البيئة التي نعيش فيها، والموارد الطبيعية التي تعد رصيداً مهماً للأجيال القادمة، من خلال وضع السياسات والقوانين والتشريعات الداعمة للطاقة المتجددة، والاستثمار في هذا القطاع الهام.

ويتوقع أن تصل الاستثمارات العالمية في مجال الطاقة المتجددة إلى 7.8 تريليونات دولار بحلول عام 2040، وذلك وفقاً لأحدث تقارير مؤسسة بلومبرج لتمويل الطاقة الجديدة.

ويدرك العالم أن تعزيز استخدام الطاقة المتجددة يعني توفير إمدادات طاقة مستدامة وآمنة ونظيفة، والحد من الانبعاثات الكربونية، ودعم نمو إجمالي الناتج المحلي، فضلاً عن توفير المزيد من الوظائف في هذا القطاع المتنامي، إذ يتوقع - حسب الإحصائيات - أن يوفر قطاع الطاقة المتجددة ما يزيد على 24 مليون وظيفة حول العالم بحلول 2030.

الطاقة الشمسية

وتعد الطاقة الشمسية أحد الحلول الرئيسية لتوليد الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة حول العالم، حيث تشير الدراسات إلى أن نسبة أشعة الشمس التي تصل سطح الأرض تكفي لتأمين حاجة العالم من الطاقة بـ 3000 مرة.

ويتعرّض كل متر مربع من سطح الأرض للشمس بمعدل يكفي لتوليد 1700 كيلووات/‏الساعة من الطاقة كل سنة. كما أن الطاقة الشمسية هي المصدر الأكثر شيوعاً في مصادر الطاقة النظيفة في دولة الإمارات العربية المتحدة لوقوعها ضمن نطاق الحزام الشمسي.

ففي دبي يصل الإشعاع الشمسي الكامل الذي يمكن استخدامه لتقنية الخلايا الكهروضوئية إلى 2150 كيلووات ساعة/‏متر مربع في العام، في حين أن الجزء المباشر من الإشعاع الذي يمكن استخدامه في تقنية الطاقة الشمسية المركزة حوالي 1850 كيلووات ساعة/‏متر مربع في العام، ومن شأن هذه الميزات أن تعزز تطبيقات الطاقة الشمسية في دبي.

وتبلغ القدرة الإنتاجية الحالية من الطاقة الشمسية في العالم 301 جيجاوات بزيادة بلغت نحو 33% خلال عام 2016 فقط، ومن المتوقع زيادة هذه القدرة أكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 983 جيجاوات بحلول عام 2030 أي أكثر من 10% من القدرة المركبة المتوقعة على مستوى العالم.

وساهمت تقنية الألواح الكهروضوئية (PV) بنحو 295 جيجاوات في عام 2016، ومن المتوقع أن تصل إلى 949 جيجاوات في عام 2030، فيما ساهمت تقنية الطاقة الشمسية المركزة (CSP) بحوالي 5 جيجاوات في عام 2016، ومن المتوقع أن تصل إلى 34 جيجاوات في عام 2030.

وتبلغ القدرة الإنتاجية الحالية لمشروعات الطاقة الشمسية التي يجرى العمل عليها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 5360 ميجاوات، منها 4050 ميجاوات باستخدام الألواح الكهروضوئية و1310 ميجاوات باستخدام تقنية الطاقة الشمسية المركزة.

وقد بدأت دولة الإمارات الاستعداد مبكراً لوداع آخر قطرة نفط، من خلال الاستثمار في مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام تقنيات الطاقة الشمسية المختلفة وتقليل الهدر واستنزاف الموارد الطبيعية.

وفي هذا الإطار، ساهم اهتمام الدولة بإنتاج الطاقة المتجددة في تراجع تكلفتها عالمياً، وانخفاض أسعار مناقصات مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في أوروبا والشرق الأوسط إلى مستويات قريبة جداً من تلك المتخصصة في إنتاج الطاقة الحرارية باستخدام الفحم، حسب دراسة يابانية نشرتها مؤسسة نيكاي الاقتصادية.

وتجلى النهج الاستشرافي لقيادتنا الرشيدة في دفع عجلة التنمية الشاملة بعد حصولنا على أدنى سعر عالمي بلغ 5.6 سنت/‏دولار لكل كيلووات في الساعة للمرحلة الثانية من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية.

كما حققنا أيضاً نجاحات لافتة تمثلت في حصولنا على سعر تنافسي عالمي قدره 2.99 سنت من الدولار لكل كيلووات/‏ساعة للمرحلة الثالثة بقدرة 800 ميجاوات، حيث يؤشر ذلك للمستقبل الواعد للطاقة النظيفة.

مبادرات

وقد أطلقت الهيئة في إطار جهودها لدفع مسيرة الاستدامة في دبي مبادرات ومشروعات كبرى في مجالات الطاقة المتجددة والاستدامة والبيئة؛ أبرزها مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي يؤكد اهتمام قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة بالتنمية المستدامة، وإدراكها لأهمية الطاقة المتجددة في تحقيق التوازن بين التنمية والمحافظة على بيئة نظيفة وصحية وآمنة.

ويعد المجمع أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم في موقع واحد وفق نظام المنتج المستقل، حيث ستبلغ قدرته الإنتاجية 1,000 ميجاوات بحلول عام 2020، وصولاً إلى 5,000 ميجاوات بحلول عام 2030، باستثمارات إجمالية تصل إلى 50 مليار درهم. ويسهم المجمع عند اكتماله في تخفيض أكثر من 6.5 ملايين طن من انبعاثات الكربون سنوياً.

 

 

Email