مظلومية الدوحة الكاذبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوماً بعد يوم، تثبت القيادة القطرية عمق العلاقة بينها وبين جماعة الإخوان، التي هي أصل الإرهاب ومنبع البلاء الذي أصاب الأمة وأساء للعرب والمسلمين.ويوماً بعد يوم، تثبت القيادة القطرية أنها قد استوعبت كل ما زرعته جماعة الإخوان في الأرض العربية من سموم فكرية، وانتهازية سياسية، ومتاجرة بالدين، وسير على طريق الكراهية، وبث الفتنة بين شعوب شقيقة.

على الطريق ذاته، سارت القيادة القطرية على مدى عشرين عاماً وحتى الآن، تدعم فصائل الإرهاب، وتدعي أنها تهديهم إلى الصراط المستقيم، تفتح أبواب عاصمتها لتكون ملاذاً للإخوان وباقي العصابات التي تنفذ مخططات القيادة القطرية، ثم تقول إنها تفعل ذلك ليكونوا تحت رقابتها «كما ادعى وزير خارجية الدوحة!».

تصرف المليارات لتدمير دول عربية، وإسقاط أنظمتها، والتآمر على شعوبها، ثم تدعي أنها لم تقدم دعماً إلا لحكومات.

كأنها تحدث عالماً من غائبين عن الوعي، لم يروا كيف ذهبت أموال الشعب القطري للمساعدة في تدمير دول عربية، وكيف كان الدعم بلا حدود من النظام القطري لمجرمي الإخوان وهم يقفون على منصة رابعة، يهددون بقتل شعب مصر لأنه أسقطهم.

ثم كيف توالى الدعم القطري للجماعة الإخوانية وهي تقتل وتدمر وتحرق الكنائس، وتغتال أشرف أبناء مصر من الجنود المدافعين عن الوطن، ومن القضاة والصحافيين، ومن المواطنين الأبرياء الذين كانت كل جريمتهم أن رفضوا التجارة بالدين، وأسقطوا نظاماً عميلاً، وأوقفوا مؤامرة كان النظام القطري طرفاً أصيلاً فيها.

على مدى تاريخهم، كان الإخوان حريصين على التمسك بالمظلومية والاتجار بها، وتصوير أنفسهم على الدوام بأنهم ضحايا، حتى وهم يرتكبون أبشع الجرائم، يغتالون ويدمرون ويثيرون الفتن والحروب الأهلية، ويحرقون دور العبادة، ويتآمرون على أوطان لم يؤمنوا بها، بل اعتبروها «حفنة من تراب».

كما علمهم سيد قطب، الذي ظلوا على مدى عشرات السنين يقولون لنا إنهم أبرياء من فكره الإجرامي، فإذا استولوا على الحكم في مصر، وقف مرشدهم ليقول بأعلى صوته إنه «قطبي»، نسبة إلى سيد قطب، مفكر الإرهاب الإخواني الأبرز والأشهر.

نفس الشيء يفعله النظام القطري وهو يدعي المظلومية، يشكو الجوع، ويدعي زوراً أنه تحت الحصار، بينما يعلم الجميع أن كل ما فعله الأشقاء بعد أن صبروا طويلاً على جرائمه في حقهم، هو أنهم استخدموا حقهم في مقاطعته، ومنعوه من استخدام أرضهم أو مياههم الإقليمية للتآمر عليهم، بينما تركوا مياهه وأجواءه مفتوحة يتحرك فيها كما شاء ويتعامل مع العالم كله، كما يريد..

فلا حصار ولا اعتداء من جانب الأشقاء، بل تدابير لحماية أمنهم، بعد أن ذاقوا الأمرين من دولة شقيقة، حولت أرضها ملاذاً آمناً لعصابات الإرهاب، واستخدمت أموال الشعب القطري لدعم الإرهاب ضد أشقائها والتآمر عليهم.

ولأنه منهج الإخوان في إطلاق الأكاذيب وادعاء المظلومية لإخفاء الإرهاب، فقد سارع النظام الأردوغاني في تركيا، للانضمام لكتيبة الأكاذيب والاتجار بالدين والعداء للعروبة، ولم يكن ذلك فقط إثباتاً لواقع الشراكة في ما وقع من جرائم ضد العرب والمسلمين.

وإنما كان أيضاً تخوفاً من أن يقترب سيف المحاسبة من رقبة النظام الأردوغاني، بعد أن سمع الرئيس الأميركي ترامب يقول إن المقاطعة التي فرضت على قطر، هي بداية النهاية للإرهاب، ويؤكد أن أميركا كانت على دراية كاملة بتاريخ طويل للنظام القطري في دعم الإرهاب.

يردد النظام الأردوغاني نفس الأكاذيب والادعاء بالمظلومية، كما فعل في مسرحية «رابعة»، وهو يحاول تبرير دعمه لإرهاب الإخوان، بأنه صادر عن موقف إنساني وتراحم مع ضحايا مسلمين، غير عابئ بأن الأقنعة قد سقطت.

والحقائق انكشفت، وأنه يقف في صف واحد مع النظام القطري في أحضان جماعة الإخوان، بكل تاريخها الإرهابي، وبكل حاضرها المتآمر على الدين وعلى الأوطان.

لم يكن غريباً كما يعتقد البعض أن ينضم النظام الإيراني إلى الجوقة التي تردد مسرحيتها الهزلية عن «المظلومية» التي وقعت على النظام القطري، و«الحصار الذي يتعرض له الشعب القطري الشقيق»، الذي يدرك جيداً أن من يحاصره بالفعل ويهدد أمنه واستقراره، هو نظامه الذي رهن البلاد لجماعات الإرهاب الإخواني، وللتآمر على الأشقاء، والتحالف مع أعدائهم.

يردد نظام إيران نفس الأكاذيب، لأنه يبحث عن أي ثغرة جديدة لمد نفوذه وتوسيع تآمره، وإضافة عواصم عربية جديدة إلى قائمة العواصم التي قال إنها تحت سيطرته، ولأنه بالطبع يخشى من الحديث عن «بداية النهاية» للإرهاب، وعن حساب قادم ضد كل من يدعمونه.

يسير النظام في قطر وراء نهج الإخوان في ادعاء المظلومية وإطلاق الأكاذيب، ويتصور أن الجماعة التي أسقطها شعب مصر، وكتب نهايتها الحقيقية في 30 يونيو، قادرة على إنقاذه، أو أن دعم أردوغان أو الحرس الثوري الإيراني سوف يخرجه من ورطته!،

بينما الشعب الشقيق في قطر، الذي يدرك جيداً أن الإخوان وأردوغان أو السلطة الإيرانية، يلعبون أدواراً تضاعف المصاعب أمام الدوحة، لأن الثلاثة يستغلونها لغير مصلحة الشعب القطري وشعوب الخليج والعرب، ولأن الحل لن يكون عند الأشقاء الذين يقاطعون و«لا يحاصرون» نظاماً يعادي شعبه.

 

Email