المرأة التي قالت لا لعنصرية إسرائيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهر استطلاع إسرائيلي أن ثلث اليهود (27 في المئة)، يرغبون بترك إسرائيل، لو سنحت لهم الفرصة، أغلبهم ممّن ليس لهم شريك حياة (أعزب، مطلق، أرمل).

وأجرى الاستطلاع معهد «مدغام» -عيّنة، لصالح ما يسمى مشروع «مسار إسرائيلي»، الذي يهتم من خلال تنظيم جولات لمجموعات يهودية بالأساس في أنحاء فلسطين المحتلة، وفي مواقع أثرية وتاريخية، وفي أحضان الطبيعة، بهدف رفع منسوب الانتماء للهوية الإسرائيلية.

ونقل على لسان «أوري كوهين» مدير عام المشروع، قوله: «النتائج المذكورة في الاستطلاع، بأن الثلث يرغبون بترك إسرائيل لو أتيحت الفرصة، هو مؤشر مقلق، بعدم شعور هؤلاء بالانتماء للدولة، الأمر الذي لا بدّ من معالجته، نتائج الاستطلاع تشير إلى مشكل كبير في الشعور بالانتماء أو الهوية أو الارتباط بالشعب أو الأرض أو الدولة الإسرائيلية».

ما يقلق حكام إسرائيل وسدنة الصهيونية، أن اليهود أنفسهم يدركون انهم أقاموا «دولتهم» على أرض فلسطين، وتأكدوا أنها ليست «أرض بلا شعب»، وأن «العروس جميلة لكنها متزوجة»، حسب ما نقل موفدو هرتسل الذين أرسلهم لاستطلاع الوضع قبل إنشاء الكيان الإسرائيلي. لذلك، فإنهم يتحسسون دولتهم وهويتهم و.. حقائب الرحيل.

الكاتب اريئيل بولشتاين، يقول في صحيفة «إسرائيل اليوم»، إن الربيع الذي يقترب، سيجلب معه الحدث اللا سامي الأكبر لهذا العام. في شهري آذار ونيسان، سيركز النشطاء المعادون لإسرائيل في أرجاء العالم «أكاذيبهم»، حول ما يسمونه أسبوع الابرتهايد الإسرائيلي.

وسيتركز الجهد على الجامعات، ولا يوجد بالنسبة لمن يكره إسرائيل أي شيء مرغوب فيه أكثر من غسل أدمغة جيل المستقبل. كأن الصهاينة لم يغسلوا أدمغة العالم، حين أنكروا وجود الشعب الفلسطيني في أرض فلسطين!

هل يكفي ذلك لنعرف الآن أهمية الخطوة التي قامت بها ريما خلف الفلسطينية الأردنية العربية، المولودة في الكويت، حين قدمت استقالتها من منصب الأمين العام للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، احتجاجاً على طلب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، سحب تقرير للإسكوا، يصف إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري.

بدأت ضجة كبيرة مع صدور التقرير الذي أدى إلى انقسام دولي في الآراء حوله بين مؤيد ومعارض لنتائجه، لا سيّما لخصوصية الجهة الصادر عنها. ويعتبر التقرير بمثابة مرجعية بحثية ودراسة رفيعة المستوى، وفق معايير نظام القانوني الدولي.

الأمين العام للأمم المتحدة، نأى بنفسه عن التقرير، وقال الناطق باسم الأمم المتحدة، ستيفن دوجاريك، إن «التقرير كما هو لا يعكس آراء الأمين العام، وتم وضعه من دون مشورة مسبقة مع الأمانة العامة في المنظمة الدولية! لكن د. ريما خلف كشفت المستور، وأعفت الأمين العام من الإحراج، حين قالت في كتاب استقالتها:

لقد فكرت ملياً في الرسالة التي بعثتها لي من خلال مديرة ديوانك. وأؤكد أنني لم أشكك للحظة في حقك بإصدار تعليماتك بسحب التقرير من موقع الإسكوا الإلكتروني، كما لم أشكك في أن علينا جميعاً كموظفين لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة، أن ننفذ تعليمات أمينها العام.

وأنا أعرف على وجه اليقين، التزامك بمبادئ حقوق الإنسان عامة، وموقفك إزاء حقوق الشعب الفلسطيني خاصة. وأنا أتفهم كذلك القلق الذي ينتابك بسبب هذه الأيام الصعبة، التي لا تترك لك خيارات كثيرة.

وليس خافياً علي ما تتعرض له الأمم المتحدة، وما تتعرض له أنت شخصياً، من ضغوط وتهديدات على يد دول من ذوات السطوة والنفوذ، بسبب إصدار تقرير الإسكوا (الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الأبارتهايد).

وأنا لا أستغرب أن تلجأ هذه الدول، التي تديرها اليوم حكومات قليلة الاكتراث بالقيم الدولية وحقوق الإنسان، إلى أساليب التخويف والتهديد، حين تعجز عن الدفاع عن سياساتها وممارساتها المنتهكة للقانون».

ريما خلف.. امرأة عربية قالت لا: للضغط الأميركي على الأمم المتحدة، لانصياع الأمين العام للإرادة الأميركية والبريطانية، للهيمنة الصهيونية على القرار الدولي، للمنصب الرفيع في المنظمة الدولية.. أثبتت أن الرجولة ليست ذكورة فقط، واختارت أن تكون: مع الحق العربي الفلسطيني. ومع.. نفسها!!

 

Email