امرأتان بين حجابين

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثناء زيارتها إلى لبنان، رفضت المرشحة للرئاسة الفرنسية، مارين لوبان، الدخول إلى دار الفتوى للقاء مفتي الجمهورية، الشيخ عبد اللطيف دريان، بعدما امتنعت عن الاستجابة لطلب ارتداء الحجاب، قائلة إنها قابلت شيخ الأزهر من دون حجاب، فلماذا أرتديه هنا؟

ولاحقاً، أوضح المكتب الإعلامي في دار الفتوى في بيان، أن رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبان، رفضت وضع غطاء الرأس كما هو متعارف عليه عند زيارة مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان.

وأشار البيان إلى أن المكتب كان قد أبلغ المرشحة الرئاسية عبر أحد مساعديها «بضرورة غطاء الرأس عند لقاء المفتي، كما هو البروتوكول المعتمد في دار الفتوى».

لمن لا يعرف مارين لوبان، فهي «غضيبة والدين»، كما نقول. ففي مايو 2015، أعلن جان ماري لوبان مؤسس حزب الجبهة الوطنية، المتطرف في فرنسا ورئيسه الشرفي، أنه قرر اعتناق الإسلام نكاية في ابنته رئيسة الحزب مارين لوبان، ورداً على قرارها تجميد عضويته في الحزب على خلفية تصريحات وصفت بـ «العنصرية واللا سامية»، أدلى بها وسببت لها حرجاً.

وبلغت الأزمة العائلية بين لوبان الأب ولوبان الابنة مداها، حين سارعت الأخيرة إلى عقد اجتماع طارئ للمكتب السياسي للحزب، الذي صوت بالأغلبية على قرار عقابي ضد الرئيس الشرفي للحزب ومؤسسه، ووالد رئيسته، يقضي بتجميد عضويته،.

وبدء إجراءات تجريده من صفة الرئيس الشرفي للجبهة الوطنية، ما جعل الأب يرد بشدة على ابنته، ليطالبها بعدم حمل اسمه العائلي، والبحث عن زوج يمنحها اسماً، وقال: نكاية في مارين، قررت اعتناق الإسلام، لقد بدأت محادثات مع مسجد باريس الكبير، من أجل تنظيم مراسيم حفل اعتناقي الإسلام، وبديانتي الجديدة كمسلم.

وكان جان ماري لوبان الأب، قد أدين لأكثر من 18 مرة على خلفية تصريحات عنصرية ضد المهاجرين، وأيضاً لإعلانه أن الاحتلال النازي لفرنسا لم يكن قاسياً بشكل استثنائي، وكذلك لتقليله من مصداقية المحرقة النازية لليهود تارة، ونفي وجودها أصلاً تارة أخرى.

المرأة الأوروبية الأخرى، هي أنغيلا ميركل، التي عرضت قناة ألمانيا الأولى في يناير 2015، صورة مركبة بالحجاب ومن ورائها مبنى الرايخستاغ وفوقه مآذن، خلال حلقة نوقشت فيها قضية المهاجرين الذين يتدفقون على ألمانيا. وردت ميركل في حينه على تصريحات مسيئة للإسلام، أطلقها حزب البديل اليميني الألماني، بالقول إن الدين الإسلامي هو جزء من ألمانيا ومجتمعها، ويجب عدم الخلط بين الإسلام والإرهاب.

وفي وقت لاحق، شاركت المستشارة الألمانية في برلين بمسيرة شعبية، نظمتها جمعيات ومنظمات إسلامية عدة، من بينها المجلس المركزي للمسلمين، و رابطة الجالية التركية في برلين، من أجل التعايش السلمي بين مختلف الديانات في ألمانيا.

وكانت ميركل قد شاركت في باريس، برفقة رؤساء دول وحكومات من العالم، في مسيرة، تضامناً مع مجلة شارل إيبدو، ولنبذ الإرهاب. وظهرت متأثرة كثيراً بعد مقتل 17 شخصاً، من بينهم صحافيين ورجال شرطة وفرنسيين من أتباع الديانة اليهودية.

الفرق واضح بين التربية التي نشأت عليها كل من المرأتين. مارين لوبان تربت على العنصرية في بيت أبيها. وأنغيلا تربت على احترام الأديان والعلاقات الإنسانية بين البشر، فقد ذكرت في فيلم وثائقي يتناول حياتها، أنها كانت تحاول تهدئة والدها عصبي المزاج، من خلال صنعها له قهوة تركية.

وخلال حديثها عن ذكرياتها، قالت ميركل: عندما كنت أحتفل بعيد ميلادي الـ 30، جاءني أبي وقال لي: على الرغم من أنك في الثلاثين من عمرك، إلا أنه لا يمكننا القول بأنك حققت شيئاً يستحق الذكر في حياتك، فكان والدي عصبي المزاج، بعد ما قاله لي، قمت على الفور وصنعت له قهوة تركية، ليهدأ قليلاً.

تجدر الإشارة إلى أن ميركل تمكنت من الجلوس على كرسي رئاسة الوزراء بعد 21 عاماً من كلام أبيها لها، بأنها وصلت الثلاثين من عمرها من دون أن تحقق شيئاً يذكر في الحياة.

 

 

Email