ربكة أداء مهمتين بآن واحد

ت + ت - الحجم الطبيعي

نشر أطباء باحثون أمس، ما لم يكن في حسبانهم، إذ بينما كانوا يختبرون أموراً مرتبطة بإصابات العمود الفقري اكتشفوا بالصدفة، وهم يحللون مجموعة من المشاركين، الذين طلبوا منهم المشي على جهاز السير treadmill بسرعات متفاوتة، ويحلون مشكلات عقلية محددة، أن مشيتهم أظهرت اختلافات بين الجنسين، بسبب أدائهم لأكثر من عمل في آن،

فقد توقف مشاركون معظمهم من الرجال عن تحريك يدهم اليمنى، وهو ما اعتبره الباحث كيلين من جامعة مستشفى بالغزيست السويسري «أمراً مدهشاً»، يتماشى مع دراسات سابقة، وهو أن الاستخدام الشديد للعقل الأيسر المسؤول عن الأنشطة الذهنية الصعبة (تشبه ما أعطي لهم في التجربة) بأنه كان وراء التأثير على حركة اليد اليمنى. أي ارتبكوا قليلاً، إن جاز التعبير، فكما هو معروف بأن الأعمال، التي يؤديها الفص الأيسر من الدماغ مرتبطة بأعضاء الجسم اليمنى.

وتبين في دراستهم المنشورة في دورية الطب البريطانية BMJ ونشرتها التايمز اللندنية أمس (الأربعاء)، أن هذا الأمر لم يحدث لنساء عديدات تحت سن الستين عاماً، وهو ما اعتبره العلماء اختلافاً بيولوجياً جلياً بين الجنسين، بمعنى أن معشر النساء يمكنهن تأدية أكثر من مهمة (منها المشي وعمل شيء آخر) بأريحية ملحوظة بعكس الرجال، وأن الأمر ليس مرتبطاً بأمور ثقافية، بل باختلافات بيولوجية.

قصة عمل أكثر من مهمة في وقت واحدة شغلت أدبيات الإدارة وعلم النفس، غير أن عدداً ليس بالقليل يحض على التركيز على مهمة واحدة لرفع معدل الإتقان وسرعة الإنجاز.

منهم الطبيب النفساني الشهير إدوارد هالوويل، خريج جامعة هارفارد، الذي قرأت ذات مرة أنه يرى أن «اعتقاد الإنسان أن لديه المقدرة على أداء مهمتين أو أكثر بالجودة نفسها، التي يؤدي فيها مهمة واحدة هو مجرد خرافة».

هذا ما تميل إليه نتائج دراسة الباحثين جونكو وكوتون عن «الأداء الأكاديمي واستخدام الرسائل النصية»، حيث أظهرت أن «أداء أكثر من مهمة في وقت واحد يؤثر سلباً على النجاح الأكاديمي للطلبة».

صحيح أن المرأة لديها مقدرة تتفوق فيها على الرجل في مسألة أداء أكثر من مهمة في وقت واحد، ربما لطبيعة مهامها الأسرية والحياتية، لكن تبقى حقيقة لا ريب فيها، وهي أن «راعي البالين كذاب»، كما نقول باللهجة الخليجية، فكل عمل نقحمه في آخر لا بد أن ينتقص شيئاً من جودة العملين.

Email