وطن قائم على الخير.. وسيبقى

ت + ت - الحجم الطبيعي

رحم الله «زايد الخير» الذي قاد – مع إخوانه المؤسسين للاتحاد – مسيرة البناء والتقدم بالدولة، كما قاد أيضاً مسيرة العطاء الإنساني بكل صوره، وبلا حدود أو قيود إلا مصلحة البشر.

في عز الصراعات الدولية والحرب الباردة، ورغم أعباء بناء الدولة ومتطلباته، كانت قوافل الخير والعطاء تخرج من الإمارات إلى حيث تكون الحاجة إليها، وكانت تصل إلى دول تختلف في توجهاتها لكنها جميعاً تقدر أن الإمارات لا تقدم الخير لأغراض سياسية، أو لأطراف تتآمر ضد أوطانها.

وإنما تسعى فقط لكي تكون عوناً لكل من يحتاج للمساعدة بتقديم العلاج أو الغذاء، أو إنشاء المستشفيات والمدارس، إيماناً منها بأن زرع الخير هو الذي يمنع التطرف، وأن مساعدة الناس على تحقيق إنسانيتهم هي التي تحصنهم من إخوان الإرهاب وأفكار الخوارج على الدين والوطن.

تذكرت ذلك، وأنا أتابع وقائع تفجير «قندهار» الإرهابي، الذي راح ضحيته عدد من أبناء الإمارات الأعزاء، وهم يقومون بعملهم الإنساني تجاه الشعب الأفغاني، وينفذون سياسة الإمارات في زرع الخير والعطاء التي يواصلها خلفاء زايد بإيمان عميق بأن طريق الخير هو الذي ينتصر، وأن كل مخططات الشر والإرهاب لا مصير لها إلا الهزيمة المنكرة.

كان الشهداء من أبناء الإمارات في أفغانستان ليساعدوا شعبها المنكوب على تجاوز المحن التي يقاسي منها منذ سنوات، كانوا هناك ليبنوا المدارس والمستشفيات.. وليس ليزرعوا القنابل، أو يمولوا العصابات الإرهابية أو يستبيحوا دماء الأبرياء في صراعات لا يقرها دين ولا تستهدف إلا تدمير الأوطان لكي يمر المتآمرون على أطلالها ويحققوا أهدافهم في الهيمنة والاستحواذ.

كان الشهداء من أبناء الإمارات في «قندهار» يشرفون على تنفيذ المشروعات الخيرية التي أمر بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد لتعويض شعب أفغانستان عن سنوات الحرب والدمار ومآسي القتل والتخريب التي لا يريد لها البعض أن تنتهي.. سواء أكان هؤلاء من المتاجرين بالدين، أم من الداعين لهم لتحقيق مخططاتهم في إبقاء المنطقة كلها في أتون الحروب وجحيم استباحة الدماء وتدمير الأوطان لحساب الآخرين!

كان الشهداء من أبناء الإمارات هناك يمثلون الوجه المضيء بالإنسانية لدولة قامت على الخير، ورفضت الانسياق إلى الفتن المذهبية والطائفية، واعتنقت رسالة المحبة والتسامح التي أمر الدين الحنيف، ولم تسمح لجماعات الإرهاب بأن يكون لها مكان على أرضها، ولم تنخدع بحكاية أن هناك إرهاباً «معتدلاً» التي حاول البعض تسويقها.

ثم اكتشفوا أخيراً ما اكتشفته الإمارات مبكراً من أن الإرهاب ملة واحدة، وأن الحرب عليه لابد أن تكون حرباً شاملة لا تستثني جماعة لأنها أكثر خيانة للوطن وأكثر عمالة للأعداء، وأشد تآمراً على كل ما هو جميل وخير وإنساني في هذه الحياة!

كان الشهداء من أبناء الإمارات، الذين راحوا ضحية العمل الإرهابي الحقير في «قندهار»، يحملون رسالة المحبة والإنسانية في وجه أعداء الظلام، وكانوا يمثلون وطناً بني على الخير والعطاء، ولن يتخلى عن ذلك، ونهض وتقدم وأصبح نموذجاً للحداثة، دون أن يتخلى عن مبادئه السابقة أو يبتعد عن فهمه الأصيل لصحيح الدين، وإيمانه الذي لا يتزعزع بقدسية تراب الوطن، وانفتاحه الكامل على العصر، وعطائه بلا حدود للخير والإنسانية.

الآن يدرك العالم صحة ما ذهبت إليه الإمارات «ومعها مصر» بأن الإرهاب ملة واحدة، وأنه لا تعامل مع أي جماعة إرهابية حتى إن ارتدت قناع «الإصلاح» طريقاً للإرهاب، كما رأينا على مدى تسعين عاماً من عمر «الإخوان»! ها هي أميركا تقر أخيراً بذلك، وتفتح الباب لإدراج الجماعة ضمن الجماعات الإرهابية، وتؤكد أن الدور عليها في الحرب بعد القضاء على داعش.. ولعل «الرعاة!» من الأطراف العربية والإقليمية لإرهاب جماعات مثل «الإخوان» أو «طالبان» أن يفهموا الرسالة!

سوف يدرك العالم حتماً الوجه الآخر لسياسة الإمارات في هذا الشأن.. وهو أن زرع الخير هو الذي يمنع التطرف، وأن مساعدة الشعوب على تجاوز المشكلات التي تعانيها هي صمام الأمان، وأن تقديم العون في مجالات التعليم والصحة والغذاء أفضل من تقديم السلاح لجماعات الإرهاب!

ولعل ما صدر من تصريحات رسمية بعد جريمة «قندهار» الإرهابية من قادة الإمارات جميعاً، من تأكيد لاستمرار مسيرة الخير والعطاء، ومن تأكيد لأن الإرهاب – بكل انحطاطه – لن يمنع الإمارات «شعباً وحكومة» من التمسك بمبادئها الإنسانية، ولن يثنيها – في الوقت نفسه – عن التصدي للإرهاب بكل جماعاته وفصائله، مهما تخفت وراء أقنعة زائفة.. لعل ذلك كله هو الرد على جريمة «قندهار» ومن ارتكبها، ومن دعّمها مع غيرها من الجرائم الإرهابية.. بالمال والسلاح والدعم السياسي والإعلام المنحط!

ولعل ذلك أيضاً هو الرد الذي يريح أرواح الشهداء الأبرار، حين يعلمون أن الرسالة التي وصلت للعالم كله، أن وطنهم العزيز سيمضي على الطريق نفسه الذي بذلوا أرواحهم من أجله، وسيظل عنواناً للخير والعطاء والإنسانية ولو كرهت كل عصابات الشر وجماعات الإرهاب.

Email