تحالف ترامب وبوتين مفيد للرأسمالية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتري منتقدو دونالد ترامب قلق شديد من إمكانية انحياز المرشح الجمهوري للرئاسة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فمنذ أن تبادل الرجلان كلمات المديح، حيث أشار بوتين إلى أن ترامب «متألق»، بينما أشاد الأخير بالقدرات القيادية لبوتين، استغل النقاد خوفهم واستياءهم لتوجيه حملة لتشويه سمعة الرجلين.

بيد أن السؤال المطروح هو لماذا يعتبر أولئك النقاد للتعاون الأميركي الروسي، المحتمل، بأنه أمر مروع للغاية؟

نشرت صحيفة «واشنطن بوست»، أخيراً، مقالاً بعنوان «سر ترامب يكمن في أنه من الأقلية الروسية، بالفعل». (هل هذا صحيح؟)

لقد كتب آن أبلباوم: «(ترامب) هو، بالأحرى، من حكم الأقلية، على غرار الطريقة الروسية، بمعنى أنه رجل غني يطمح للجمع بين الأعمال التجارية والحياة السياسية، وهو بمواقف ساخرة للغاية تجاه المجالين».

لكن ذلك يبدو وكأنه وصف أفضل لهيلاري كلينتون. وسأوضح ذلك.

حكم الأقلية، بحكم التعريف، هو الرعاية الاجتماعية تحت سقف رعاية الدولة. ولم يخفِ الرئيس الروسي حقيقة احتقاره لفئة من الأقلية الذين تم اختيارهم لصلاتهم السياسية، ليعمدوا بعدها لسوء الإدارة، فضلاً عن إساءة استخدام الثروات الهائلة والأصول الموكلة إليهم تحت قيادة الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن، وذلك إبان انتقال البلاد لاقتصاد السوق الحر.

وبشكل مماثل في أميركا، أسهمت الهيمنة على نمط وول ستريت في إفساد كل من الرأسمالية الحقيقية والسوق الحرة. ويعمل الأشخاص من ذوي العلاقات السياسية القوية، على التأثير على الممثلين المنتخبين ديمقراطياً من خلال منح الحملات الانتخابية. مما يؤدي إلى إيجاد قوانين تدعم ويستفيد منها وول ستريت، بشكل أكبر من مصالح المواطن الأميركي العادي.

يعد المرشح الجمهوري دونالد ترامب رجل أعمال عصامياً شيد امبراطورية تجارية، وهو ليس من الأشخاص الذين اتبعوا المحاباة للوصول إلى القمة. وفي حين أنه قد اعترف باستفادته، شخصياً، من جماعات الضغط وأحكام الاقتراض لمواصلة أنشطته التجارية، يقول ترامب إنه الشخص المناسب لنسف ذلك النظام من خلال نقاط تأثيره الرئيسية، وذلك في وقت أنه يعرف مكانها، بالتحديد.

دون ترامب على حسابه في «تويتر» قبل أشهر: «أنا ملك الديون، لقد كان ذلك أمراً عظيماً بالنسبة لي كرجل أعمال، بيد أنه أمر ليس في صالح البلاد. لقد حصلت على الثروة من الديون».

لذلك لماذا لا يجري تشبيه هيلاري كلينتون بحكم الأقلية، تلك التي أمضت حياتها بأكملها، تقريباً، بين نخب المؤسسة؟

كشفت رسائل البريد الإلكتروني التي أصدرتها منظمة «جوديكال ووتش» الحقوقية، أخيراً، أن مساعدة كلينتون «هوما عابدين» أوفدت طلبات مقدمة من جهات مانحة، غنية وقوية، وذلك لمؤسسة كلينتون، سعياً للوصول إلى وزيرة الخارجية، وقتها، هيلاري كلينتون.

وفي شهر أبريل الماضي، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقالاً يسلط الضوء على بعض العلاقات، المثيرة للاهتمام، بمؤسسة كلينتون. وكانت الصحيفة قد تلقت نسخة مسبقة من كتاب بيتر شفايتزر بعنوان «أموال كلينتون: القصة غير المحكية لماذا وكيف ساعدت الحكومات الأجنبية والشركات لجعل بيل وهيلاري أثرياء».

في عام 2006، تلقت مؤسسة كلينتون تبرعاً بقيمة 31.3 مليون دولار من رجل الأعمال الكندي فرانك غيوسترا، الذي يمتلك حصة كبيرة في شركة «يورانيوم ون»، التي تحوز أصولاً لتعدين اليورانيوم في كازاخستان، وفي أماكن أخرى. وبالمقابل، وبشكل يمكن افتراضه، كان الروس غير راضين عن السيطرة الأجنبية الكلية لأصول اليورانيوم في دولة تقع في الجوار.

ربما لن يحتاج الروس لإيجاد مخطط إذا لم يكونوا قد تعرضوا، باستمرار، لأشخاص يخططون ضدهم.

جاء، أخيراً، مقال بعنوان «كيف يستخدم فلاديمير بوتين دونالد ترامب لتحقيق أهداف بلاده». ألا يمكننا النظر لاحتمال أنه لا يوجد أي شخص «يستخدم» أي أحد، وأن أهداف روسيا تتماشى ببساطة مع نظيرتها لدى دونالد ترامب والعديد من الأميركيين الذين انقلبوا ضد مؤسسة تتلاعب بالنظام ضد مصالح المواطن العادي.

يظهر كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، على حد سواء، كأنصار الرأسمالية، وليس نسخة معطوبة منها كالتي نراها اليوم، في شكل السوق الحرة. ولذلك يجب على المرء أن يتساءل لماذا يخاف نقاد ترامب للغاية من هذين الرجلين. يبدو الأمر، تقريباً، كما لو أنهم يخشون من أن يكون النهج التعاوني، ناجحاً، في نهاية المطاف؟

الخوف هو صناعة مربحة للغاية بالنسبة إلى البعض. إلا أنه وبالنسبة للباقين، أمر باعث على الاستفزاز.

Email