هموم وتطلعات

ت + ت - الحجم الطبيعي

تفصلنا أيام قليلة عن بدء العام الدراسي لعام 2016/‏2017، أيام فقط عن أزمة الطرقات، والزحمة في المكتبات، وشح الناس في المولات، أيام قليلة بيننا وبين بدء عام جديد في حياة كل طالب، فماذا حضرنا لهم في هذا العام، وهل مدارسنا ومعلمونا مستعدون لاستقبال أجيال المستقبل.

مع بداية كل عام دراسي نواجه العادات والتقاليد المدرسية نفسها، من استلام الكتب وترتيبها، إلى همُّ الأقساط، وأيضاً من الطلاب أنفسهم جراء كثرة الطلبات.

مرحلة التعليم مرحلة ليست سهلة، وهي أساس تكوين الشخصية، والتي ستحدد الطريق الذي سيسلكه الطالب مستقبلاً، والتهاون فيها أبداً غير مسموح، لذا علينا كل عام أن نعيد النظر فيما قدمناه وما سنقدمه سواء أكنا أسراً أم معلمين، وأيضاً كمسؤولين، فحصيلة التعليم لا يتحملها الطالب وحده، بل جميع الأطراف تقع على عاتقها المسؤولية، وسواء أكانت النتائج سلبية أم إيجابية فكلتا الحالتين ستحدد إما الاستمرار أو تبديل الاختيار.

العامل الأول الذي يحدد مستوى الطالب هي الأسرة، فهي الحاضنة له، وهي التي تقوم برعايته والاهتمام بتعليمه، والأمر لا يقتصر على تخصيص مبالغ ضخمة لتسجيله في المدارس ، إنما بالاهتمام بتدريسه وتبسيط المعلومات، وإيجاد طرق مبتكرة للتدريس المنزلي، وتحويله من واجب أسري إلى خطة أسرية على أن تكون ممنهجة وليست متبهرجة.

والعامل الثاني يقع على مؤسساتنا التعليمية ، وقد جاءت استراتيجية وزارة التربية والتعليم 2010-2020 بهدف تأهيل الطالب وتسليحه بمعارف ومهارات متوازنة، ليصبح قادراً على تحقيق طموحات شعبه، ولكي يحققها علينا أولاً تحديد طموحات الدولة وأهدافها، وأن نبني أجيالاً متفهمة لأدوارها في هذه المسيرة.

وقد وضحنا في مقالنا الأخير «الرياضة وصناعة الأبطال»، عن كيفية صناعة بطل أولمبي، وكم هو فخر للوطن عندما نجد من يرفع اسمه في محافل الرياضة، فهل خصصنا لهذا الطموح مكانة في استراتيجياتنا، أم أنها مقصورة على التحصيل العلمي فقط، وهنا سؤالي:

هل تفرحنا الميدالية الأولمبية، وهل سيفرحنا وصول منتخبنا إلى كأس العالم، بالطبع ستكون إجابتنا بـ «نعم». إذاً يجب أن تحتوي استراتيجيات التعليم على مثل هذه الطموحات، فمواهب أبناء الإمارات الرياضية موجودة في المدارس وعلينا اكتشافها.

أتساءل أيضاً.. لماذا ينصب جلّ تفكيرنا في إنشاء أجيالٍ تلعب الدور نفسه كـ (أطباء، ومهندسين... إلخ)، ولا نفكر في صناعة موسيقار إماراتي، أو فنان تشكيلي، أو ممثل مسرحي، أو حتى نحات، فهل لأن المجتمع لا يهتم بمثل هذه الطموحات الفنية، أم أن إصرارنا على التثقيف العلمي قد ألغى مثل هذه التخصصات، مع أننا عندما نزور أي متحف أو دار أوبرا عالمية ننبهر بهذه الفنون وجمالياتها، وأيدينا ستصفق بعد انتهاء العرض؟!.

كان لوزارة التربية قرار بزيادة مدة الحصة الدراسية من 45 إلى 50، وبهذا ازدادت عدد ساعات التدريس، مما وفر لنا 17 يوماً دراسياً، وهذا أمر جيد، لكن مع كثرة مثل هذه القرارات شكلت عبئاً على الطلاب والمدرسين، وسواء أكانت عدد أيام الدراسة داخل الإمارات أقل بكثير من الدول إلا أنه من الملاحظ أنها لم تناسب الكثيرين.

والمشكلة ليست بعدد الأيام ولا الساعات إنما بالأسلوب والطريقة، وأقصد أسلوب التدريس، وللأسف مازال أسلوبنا واحداً وهو (التلقين)، مع أن هناك الكثير من الطرق مثل (التعليم مع اللعب)، والتي تتم عن طريق تقمص الطالب لشخصيات أو محاكاة للعبة معينة يخرج من خلالها بفائدة ومعلومة، وأيضاً نظرية «كولب» التعليمية نسبة للعالم «ديفد كولب» التي وضحها في كتابه «التعلم التجريبي:

التجربة هي مصدر التعلم والتطور» والتي ترتكز على ثلاثة محاور: بناء التعليم على أساس التجربة، وأهمية النشاط في أثناء التعلم، وأن الذكاء هو نتيجة تفاعل بين المتعلم والبيئة، والعديد من الطرق الأخرى التي يجب أن تتبناها مؤسساتنا.

علينا الآن أن نحدد الأجندات التعليمية ونستعد لها، شاركونا كأولياء أمور بقراراتكم، ولا تجعلوها تقتصر على احتفالات التخرج ودفع الأقساط، فمصلحتنا ومهمتنا واحدة وعلينا أن نتشارك.

 

Email