بنك الإمارات دبي الوطني في لندن صورة مشرّفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عنّ لي أن أسطر مقالاً عن هذه المؤسسة الاقتصادية، بنك الإمارات دبي الوطني، وأنا ألج بوابة العمارة التي تشغل جزءاً كبيراً منها مكاتب هذا البنك على ناصية أحد الشوارع الرئيسية المعروفة، وهو شارع سلون ستريت SLOAN STREET في نايت بردج بالقرب من الفندق الإماراتي المشهور جميرا كارلتون تاور، وبالقرب من محال «هارودز» التي لا ينفك زوار لندن يأتون إليها زرافات ووحداناً، وخاصة العرب الخليجيين بعدما استحوذ القطريون على هذه المحال العريقة في القدم، وألبسوا بعض أروقتها لمسات عربية خليجية.

والحقيقة أن لندن بقضها وقضيضها مدينة التنوع بسكانها الذين يقال إنهم نحو ثمانية عشر مليوناً من الأنفس، إذ تصب فيها المناطق المحيطة بمئات الألوف من الآتين للعمل والتسوق بشكل يومي خلال ساعات النهار وطرف من الليل، وهي في واقع الأمر مملكة مكتملة داخل مدينة واسعة الأرجاء، ويقول العارفون بتاريخ هذه المدينة الحية، إن لندن ظلت حتى يومنا هذا كما كانت عليه من قبل عاصمة أوروبا، إن لم تكن عاصمة العالم بأسره، تتوافد الناس عليها وتمكث في ربوعها ما شاء لها أن تمكث دون ملل أو ضجر، ولعلّ من قال إن من يسأم من لندن فإنه يسأم من الحياة، صدق ولم يتعد الحقيقة.

فإذا كانت هذه المدينة لم يكن يضجر منها الإنسان قبل قرون من الزمان مضت، فكيف يضجر منها اليوم، وقد حوت من المتع الشيء الذي لا يعد ولا يحصى، المتع المادية والحسية والفكرية والثقافية، ولو قدر لأمير الشعراء أحمد شوقي، رحمه الله، أن يستبدل باريس بلندن لقال فيها ما قال في باريس:

إن كنـتِ للشـــــهـوات رِيّــاً فالعلى، شهواتهن مرويّات فيكِ..

نعم، في لندن شهوات حسية ولكن شهوات العلى من علوم ومعارف وثقافة وابتكار واختراع ومدنية وحضارة، بلغت كل المدى وفاقت باريس وغيرها.

وأعود إلى الموضوع الذي نحن بصدده، بنك الإمارات دبي الوطني، أو فرع هذا البنك في لندن، وهو كما نعرف أوّل فرع يؤسس خارج الإمارات في الثمانينات من القرن الماضي، وقد تجاوز عمر هذا الفرع الثلاثين عاماً، حيث يحتفل البنك بمرور هذه الأعوام على تأسيسه في نهاية يوليو الجاري، ويحضر كبار موظفي البنك وعملاؤه الموجودون في لندن من أبناء الإمارات ومن عملاء البنك الآخرين.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن الذكر الحسن لهذا المقر الحيوي للإمارات في لندن، ينبغي أن يتكرر على ألسنة الإماراتيين خصوصاً والخليجيين عموماً الذين أصبح هذا البنك بالنسبة لهم ليس مصرفاً عادياً ينجزون فيه أمورهم المالية وحسب، بل أصبح مجلساً ومقراً اجتماعياً عامراً يأتي إليه هؤلاء طوال ساعات العمل اليومية، زائرين وملتقين بالأحباب والأصدقاء من زوار لندن، تستقبلهم وجوه موظفي هذا البنك بالبشر والترحاب والضيافة الجميلة، ويعرف البنك اليوم في لندن بأنه الممثلية الاجتماعية والاقتصادية للإمارات بجانب الممثلية السياسية التي تمثلها سفارة الإمارات العربية المتحدة.

وإذا ذكر الشيء بالشيء أيضاً، فإننا لا نعدو الحقيقة إذا أشرنا إلى أن المسؤولين في هذا الصرح المهم لسمعة الإمارات ولإبراز وجهها الحضاري في قلب العاصمة البريطانية، يضيفون بأدائهم وحسن استقبالهم للناس، رونقاً وبهاءً خاصاً، وعلى رأس هؤلاء المسؤولين الذين ينبغي أن يشاد بهم وتكريمهم، الأستاذ عبداللطيف الملا، والأستاذ راشد الميرزا، والأستاذ غانم زعل، وبقية مساعديهم من عرب وبريطانيين.

وتهنئة لمصرفنا الكبير على تجاوزه نصف قرن من العمل المثمر في تاريخ الإمارات المصرفي، وتحية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، على جهده الدؤوب لجعل دبي الأولى وفي المقدمة لكل إنجاز نافع.

Email