إدارة الابتكار في الجهات الحكومية

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك علاقة وثيقة بين الابتكار والتميز وهنالك مداخل حديثة في الابتكار ترتبط بشكل دائم بتحقيق التميز الحكومي عن طريق تطوير مهارات المبدعين لضمان قدرتهم على تحويل أفكارهم إلى مشاريع ابتكارية. باعتبارهم دعامة التميّز المنشود في جودة وريادة وتطوير الأداء، ورغم خصوبة مصطلحات تعريف كل من الإبداع والابتكار فما زالت الجدليّة قائمة حول الفروق.

بينهما إلا إن الشيء الذي لا شك فيه اتفاق الجميع على أن عملية التفكير التي ميز الله سبحانه وتعالى الإنسان بها عن سائر الكائنات تعد من أعقد أنواع السلوك الإنساني على الإطلاق وهي الأساس في إخراج الإبداع أو الابتكار.

الابتكار ليس سهلاً طيّعاً يتعلّم من محاضرات أو نشرات أو غيرها بل يستلهم من عقيدة قيادات الجهات الحكومية في تطوير البيئة العملياتية والخدماتية، وتوفير الموارد والإمكانات للموظفين المبتكرين، وتقديم الحوافز المعنوية والمادية لهم وبتبني أفكارهم وتطبيقها ودعمها مالياً ومعنوياً وتسجيل براءات ابتكار أو اختراع لها لأن العقل النيّر هو الأصل في كل تقدم وتطوير.

قدوتنا في استشراف المستقبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فسموه حثّ موظفي حكومة دبي على تحويل الإبداع إلى هدف يومي في كل عمل يقومون به.

إن مفهوم استشراف المستقبل وتحديد الفرق بينه وبين التنبؤ يمثلان حاجة ملحة في مسيرة التطوير، لتوظيف أدواته في استباق التحديات، والعمل على إيجاد حلول تقوم أساساً على الابتكار كمنهج لتطوير الخدمات والعمل الحكومي وفق رؤية مستقبلية.

ويشمل ذلك بناء التفكير الإيجابي كأساس للابتكار والتميز والتوافق مع التحولات العالمية الجديدة وتحديات العصر وإعداد الخطط والبرامج وتقييم الأداء لتحقيق التميز الحكومي وتطبيق أساليب التخطيط الفعّال في الواقع العملي وكيفية المتابعة السليمة عن بعد.

ولا شك أن تعزيز روح الإبداع لدى الموظفين المبدعين، سيجعلهم قادرين على تطبيق الأفكار بفعالية وتطوير العمل الحكومي ليسهم في جعل إمارة دبي الأكثر ابتكاراً في العالم إضافة إلى تشجيعهم على إطلاق أفكارهم ومناقشتها مع زملائهم ورؤسائهم، بهدف تحويلها إلى مشاريع متميزة تصبّ في جهود تحسين الأداء وتحقيق سعادة المتعاملين.

كما أن إعداد الخطط الخاصة بالابتكار والتميز بناءً على سيناريوهات مستقبلية، وتدريب هذه الجهات على قراءة المتغيرات بطريقة علمية، وتصميم النظم المتكاملة لاستشراف المستقبل..

وتحليل البيئة الداخلية والخارجية وتحديد الفرص المتاحة سيعزز ولا شك الاتجاه نحو ثقافة الابتكار في التخطيط ومتابعة الأعمال ووضع التنظيم الديناميكي الفعّال لتحقيق التميز الحكومي كنتيجة للتنسيق الخلاق ودعم جودة حياة العمل QWL والقيم المحورية لها.

كما أن دراسة خصائص الشخصية المبتكرة والتركيز على أهمية الابتكار يفضي إلى تحقيق الإبداع الإداري واستيعاب مهارات حل مشكلات العمل بشكل ابتكاري يؤدي إلى تحويل الأفكار الإبداعية إلى خطط تنظيمية واستبعاد الأساليب التقليدية لحل مشكلات التنسيق واستنباط حلول استباقية للتحديات واستخدام الأدوات الابتكارية كمدخل لاستشراف المستقبل واتخاذ الابتكار والتميز كمقومات أساسية للانتقال بالعمل الحكومي إلى المستقبل.

ومع تطبيق منظومة التميز الحكومي (الجيل الرابع) تواجه الدوائر الحكومية تحدي إبراز دور الابتكار في تطوير العمليات الإدارية والمنتديات وتطوير الخدمات، ودور هذا الابتكار في رفع كفاءة هذه الخدمات وفعاليتها، وتحقيق قيم مضافة للموظفين والمتعاملين بل الشركاء والموردين والمجتمع كله.

لقد أصبح الابتكار مطلباً اجتماعياً وإنسانياً بل أصبح مطلباً حكومياً تتبناه الحكومات، فحكومة الإمارات العربية المتحدة أطلقت عام 2015م عام الابتكار، وسعت كل الجهات الحكومية أمام ذلك لتتحدث بلغة الابتكار، وباتت برامج التميز الحكومية تدرج الابتكار معياراً مستقلاً في معايير التميز الحكومي مثل:

منظومة التميز الحكومي، الجيل الرابع، وأفردت جائزة أفضل جهة في مجال الابتكار، فهو ليس مجرد ممارسات العصف الذهني ولا كلمة تُردّد في المجالس على ألسنة القادة الإداريين أو المسؤولين، بل الابتكار يطور أساساً منتجاً جديداً، خدمة جديدة وعليه، فالقائد الإداري هو من يعرف قيمة الابتكار كونه يعرف قيمة المبتكرين وأهمية توفير بيئات مناسبة لهم، ويستقطب العقول المتفتحة في مؤسسته.

 

Email