الإمارات المتحدة والمملكة المتحدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

Ⅶمع التصويت البريطاني للخروج من الاتحاد الأوروبي.. نؤكد احترامنا لخيارات الشعب البريطاني تجاه علاقته مع الاتحاد الأوروبي..

Ⅶ كما نؤكد إلتزامنا بتطوير علاقاتنا التاريخية القوية سياسياً واقتصادياً مع المملكة المتحدة والتي استمرت تنمو بقوة على مدار العقود الأربعة الماضية..

محمد بن راشد

بدأ الحزن والكآبة على وجه المستر ديفيد كاميرون وهو يعلن النتائج التي تمخض عنها الاستفتاء الخاص بخروج بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، وكان المستر كاميرون من أشد المتحمسين لبقاء بريطانيا ضمن هذا الاتحاد، اتحاد الممالك الأوروبية التي تبلغ 28 مملكة وبلداً.

وهو الذي أي مستر كاميرون دعا إلى هذا الاستفتاء ظناً منه أن فوز بريطانيا في الاستفتاء الخاص باسكتلندا والذي استعاد هو منها بعضاً من قوته، سوف يدعم رأيه في وجوب الإبقاء على منزلة بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وكان الحزن البادي على محيّا كاميرون وهو يخطب يوم الجمعة 2016-6-24 دليلاً على خيبة الأمل، وخاصة قراره التنحي عن رئاسة الوزارة في القريب العاجل..

والواقع أن الإنكليز من أكثر الشعوب الأوروبية لجوءاً إلى الاستفتاء كلما حدث حادث ودعي داع نحو أمر يتعلق بمصير ما يكون عليه المستقبل البريطاني بحيث أصبح هذا النوع من الاستفتاء وأخذ رأي رجل الشارع العادي سُنّة مؤكدة لا محيدة عنه، وجاء كاميرون ليكون رمزاً يمثل هذه الاستفتاءات.

وأصبح من الواضح والجلي أن الرجوع إلى العامة واستفتائهم في المسائل المصيرية لا تخلو من العيوب والمخاطر، فهناك جزء كبير من عامة الناس يكون تفاعلها في مثل هذه المسائل مبني على العواطف وتدلي برأيها في غمرة الأحاسيس العاطفية التي غالباً ما تكون غير محمودة العواقب.

وفي رأيي أن المجتمعات التي تسودها الأنظمة النيابية والبرلمانية، من الأفضل أن تناقش من خلالها أمورٌ كهذه لاسيما إذا كانت تتعلق بمستقبل الأمة، ويكون قرارها أقرب إلى الصواب لأنها صادرة عن جماعة الحل والعقد كما يسميها الفقهاء.

ونحن في الإمارات تهمنا شؤون المملكة البريطانية أكثر من أي دولة في الغرب والشرق نظراً للعلاقات الضاربة في القدم بأكثر من قرنين ونصف القرن من الزمن، صحيح أننا لسنا من شعوب الكومنولث أو رابطة الشعوب البريطانية ذات الترابط ببريطانيا ولكننا من الناحية الثقافية والتاريخية نعتبر من أكثر الشعوب احتكاكاً وتعاملاً وترابطاً مع الإنكليز منذ بدايات القرن التاسع عشر وحتى الآن.

وبخلاف بعض المواقف السياسية التي اتخذتها بريطانيا والتي لم تكن ملائمة للمصلحة الوطنية الإماراتية في بعض مراحل تاريخ الوجود البريطاني، فإن التاريخ لا يشير من قريب أو بعيد أن بريطانيا لجأت إلى التعسف في فرض ثقافتها واتجاهها العقائدي على شعب الإمارات كما فعلته فرنسا على سبيل المثال في الأقطار العربية التي خضعت لنفوذها الاستعماري.

ومن نافلة القول إن قرار بريطانيا البقاء أو خلافه في الاتحاد الأوروبي قرار يخص الشعب البريطاني، وعلينا نحن الإماراتيين أن نستمر في التواصل والعمل على تمتين العلاقات والارتباطات السياسية والثقافية والاقتصادية مع بريطانيا.

وفي رأيي أن التعاون المشترك على أسس قوية مع دولة مثل بريطانيا ذات الخبرة الطويلة في التكتيك السياسي والأمن سيجعل بلادنا أكثر قدرة على بناء المصدات الواقية من هبوب العواصف الهوجاء، وبريطانيا المستقلة بسياستها وغير المرتبطة بالاتحاد الأوروبي وبتاريخ علاقتها الحسنة والعريقة مع شعوب دول التعاون الخليجية عامة وشعب الإمارات خاصة، ستكون خير عون ومعاضد لتطلعات هذه الشعوب وأمانيها في العيش الآمن والسليم ونبذ الكراهية والعدوان والمشاركة مع الشعوب المتقدمة في بناء الحضارة الإنسانية.

 

Email