مبادرة غذاء العقول

ت + ت - الحجم الطبيعي

»كلا، لستُ أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لأزداد عمراً في تقدير الحساب، وإنما أهوى القراءة، لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني..

ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة. والقراءة دون غيرها، هي التي تعطيني أكثر من حياة واحدة في مدى عمر الإنسان الواحد، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق، وإن كانت لا تطيلها بمقادير الحساب«.. هكذا قال الكاتب العربي الكبير عباس محمود العقاد.

مما لا شك فيه، أن التقدم العلمي والفكري والحضاري في شتى مناحي الحياة، يدين لأفراد ساهمت مبادراتهم الإنسانية الخلاقة، في ازدهار الحياة وتقدمها في مجتمعاتهم التي ينتمون إليها ويعيشون فيها، وأيضاً في تقدم وازدهار وتنمية المجتمعات الأخرى..

ففي شهر رمضان من عام 2015، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مبادرة »سقيا الإمارات«، لتوفير مياه الشرب لخمسة ملايين شخص عبر العالم، بحفر الآبار وتوفير المضخات، وتزويد المناطق المحتاجة بأدوات تنقية المياه، معلناً سموه إطلاق الحملة مع رمضان..

حيث إن الإمارات تستقبل الشهر الفضيل، كعادتها، بمبادرات الخير، وبأيد ممدودة لكل محتاج وملهوف، مضيفاً أن أبناء الإمارات هم أبناء زايد الخير، ودولة الإمارات عاصمة الخير، وقلوب أهل الإمارات ظلت وما زالت مفتوحة دائماً لعون كل محتاج.

ومما لا شك فيه، أن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في مضمونها، استطاعت أن تغيّر الواقع المؤلم الذي يعيشه الملايين من المحتاجين للعون والمساعدة، للحصول على المياه التي تعد »عصب الحياة«، وخاصة في بلدان ومناطق أكثر عرضة للمحن والكوارث الطبيعية، وهو أمر ليس مستغرباً على قيادة دولة الإمارات، الذين يشهد لهم القاصي والداني بالإنسانية والعطاء..

وها هو سموه مع إطلالة الشهر الفضيل. شهر الخير والتآلف والعطاء والرحمة. يطلق حملة »أمة تقرأ«، والتي تهدف إلى توفير 5 ملايين كتاب للطلاب المحتاجين في مخيمات اللاجئين وحول العالم الإسلامي، عبر توفير 2 مليون كتاب للأطفال والطلاب في مخيمات اللاجئين، بالإضافة لإنشاء وتزويد 2000 مكتبة حول العالم الإسلامي، بمليوني كتاب أيضاً، ودعم البرامج التعليمية للمؤسسات الإنسانية الإماراتية في الخارج بمليون كتاب.

مبادرة »أمة تقرأ«، تحمل في مضامينها ومفاهيمها معاني الهداية والنور والارتقاء بالعقل الإنساني. لما لهذه الكلمة بالذات في نفوس جموع المسلمين من تأثير عقائدي حسي ثابت في وجدانهم إلى أبد الآبدين، عندما نزل الوحي عليه السلام، في بداية عهد الإسلام، على سيد الخلق والأنام، محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، مخاطباً إياه »اقرأ«،

»اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ«، لقد أكد سموه، حرصه على زرع الأمل في طريق شباب منطقتنا العربية، قائلاً في تدوينات عبر صفحته على شبكات التواصل الاجتماعي »منطقتنا العربية تمر بتحديات ضخمة، ولن ندير ظهرنا لمنطقتنا، بل سنكون لهم عوناً، وسنزرع للشباب أملاً«.. إنه القائد الذي يستشرف المستقبل..

ويراهن على العنصر البشري، متخذاً من الثقافة والعلم والتنمية أجنحة للطيران نحو المستقبل، إن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، تستطيع أن تغيّر الواقع المؤلم الذي يعيشه الملايين من المحرومين من »القراءة والاطلاع والمعرفة« في شتى أنحاء العالم.

وبكل المراحل العمرية المختلفة، وقد تفاعل أبــناء الإمارات مع هذه المبادرة الملهمة والمحفزة، لأنهم على يقين وثقة تامة بأن مبادرة »أمة تقرأ«، ما هي إلا رسالة إنسانية أخلاقية وإبداعية ملهمة.

تجسد وتعمق في آن واحد لدى الشعوب الشقيقة والصديقة، مفهوم الإيمان الكبير بدور مبادرات الإمارات الإنسانية التضامنية التنموية. عبر رسالة مضمونها تجسيد وتكريس القراءة والاطلاع والمعرفة. مستهدفة إحداث نقلة تنويرية في حياة الملايين من أطفال العالم العربي والإسلامي.

بينما يرى المسؤول الأممي بان كي مون، أن »دولة الإمارات تصدرت قائمة الدول المانحة للمساعدات على مستوى العالم، قياساً بدخلها الوطني..

وأثبتت من خلال بعثاتها الإنسانية »ومبادراتها المبدعة والبناءة« على هذا الصعيد، أنها جديرة باحتضان المبادرات الأممية أيضاً، لما تمثله من مكانة عالية لدى الشعوب التي تواصلت معها بعثاتها، واستفادت من مساعداتها، ولما تتمتع به أيضاً من مصداقية دولية، تمنح العمل الأممي من دولة الإمارات على وجه العموم، ومن إمارة دبي بوجه خاص، ما يحتاج إليه من عوامل النجاح والاستدامة«.

هذه هي دولة الإمارات، أقامها المؤسسون على عمل الخير، ولن يتوقف خلفهم عن إطلاق مبادرات العطاء ومساعدة الآخرين، لأنهم تربوا ونشؤوا على قيم إنسانية أخلاقية عربية أصيلة، داعية لعمل الخير والتآزر والتراحم وإغاثة الملهوف أينما وجد، حفظ الله دولة الإمارات، قيادة وشعباً، وكل مقيم على أرضها، وقدّر قادتها على عمل الخير والإحسان دوماً وأبداً..... وكل عام أنتم بخير.

 

Email