تسامح

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعايشنا مع كل أجناس البشر، بألوانهم ولغاتهم ودياناتهم ومذاهبهم، ولم نتوقف يوماً عند التفاصيل.

لم نؤزم أنفسنا، ولم نترك بناء أوطاننا وتنمية شعوبها بالسؤال عن عادات أو شعائر، ولم نراقب ممارسات وسلوكيات دينية ومذهبية لغيرنا.

وقرأنا الكتب التاريخية، وفهمنا كل ما مر بهذه الأمة، وحاولنا أن نتفقه في الدين، سألنا أهل العلم، ونبشنا في ما خلفه العلماء الأجلاء، وتقاسمت القبائل والعشائر والبلدات اتجاهاتها، استقرت قلوبها حيث تطمئن، فتكيفت مع معتقداتها، وتعايشت مع بعضها البعض.

هكذا كنا، هكذا هو الإسلام، قبل أن ندخل في النفق المظلم، نفق المذاهب والتفاصيل وإذكاء روح الشقاق، وتقييم الإنسان بموازين اصطنعها متلاعبون بالمصائر، فأصبح الفرز واجباً عند البعض، وتبدلت الانتماءات الدينية من الارتباط بالله سبحانه وتعالى، والأخذ بما يسر لنا من أساليب الحياة الكريمة، إلى إطلاق الأحكام، وممارسة الحراسة على العباد، وفرض المعتقدات بالقوة، بحد السيف بعد نشر الفتن وتمزيق المجتمعات.

كنا متسامحين، آمنا بالتعايش والتسامح ولم نخترعهما، فهي تعليمات رب الكون عز وعلا شأنه، ونبينا سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه، فنحن شعوب وقبائل وجدت لتتعارف لا لتتناحر، ونحن أمم، لم يجمعنا خالقنا في أمة واحدة، ليس لتتفاخر كل أمة على الأخرى، بل لتكمل بعضها البعض، وهذا ما نراه أمامنا، أمة تصنع، وأمة تزرع، وأمة تخترع، وأمة يستنير من ثقافتها الآخرون، وأمة تمنح العالم لغة توحده، وأمة تحمي ديناً يستظل الناس بظله، وأمة مسالمة، وأمة متسامحة، وفي مقابلها أمة مخادعة، وأمة حاقدة، وكما وجد الخير يظهر الشر، ولكنّ الخير دائماً ينتصر، لأنه من أولى دعوات الرسالات السماوية.

رسالة إمامنا الأكبر الشيخ أحمد الطيب، قبل أيام، كانت واضحة، فهو يقدم للعالم واقعاً حقيقياً للتسامح، بزيارته للفاتيكان ولقائه البابا، وليت أولئك المتحزبين المتمذهبين الخارجين على الإجماع أن يتعلموا.

Email