ملفات تمس أمن مجتمعنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرة أخرى تفتح جريمة مقتل طفل الشارقة ملفاً آخر من الملفات المهمة التي تمس أمن دولتنا وتؤثر على رصيدها المتميز في مجال الأمن والأمان، فتلك الجرائم التي ترتكب في الدولة بواسطة أناس ذوي سوابق تطرح مجدداً مسألة لماذا سمح لهؤلاء بالدخول أو البقاء في الدولة إلى أن يرتبكوا جريمة أكبر وأخطر تهدد أمننا الاجتماعي والنفسي.

فبعض من هؤلاء لهم في دوائر الشرطة الإماراتية سوابق عديدة، وسجلاتهم الأمنية في بلدانهم الأصلية هي الأخرى حافلة بالجرائم، وعلى الرغم من ذلك سمح لهم بالدخول وجددت إقاماتهم إلى أن قاموا بارتكاب جرائم أكبر وأخطر في بلدنا.

وعلى الرغم من ثقتنا بالعدالة الإماراتية ومن سرعة تحرك الأجهزة الأمنية حال ارتكاب جناية أو جريمة في نطاق الدولة إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يجب أن ننتظر إلى أن يتم ارتكاب جريمة كبيرة حتى يتم اكتشاف الجاني وترحيله؟

لماذا لا يتم التأكد من أن المهاجر الذي قدم للعمل في الدولة صاحب سجل نظيف، ولم يسبق له أن ارتكب جريمة أو جناية في مكان آخر من العالم خاصة أننا نعيش في زمن سهولة التواصل؟ فمعظم من ارتكب جرائم في الدولة لم تكن تلك جرائمهم الأولى.

بل هم من أصحاب السوابق سواء في بلدانهم الأصلية أو في الدولة، وبعضهم وللأسف يعملون في داخل بيوتنا أو في مجالات قريبة من الأطفال أو المسنين، وهي الفئات الأكثر عرضة للاستغلال أو الانتهاز.

كما أن الجريمة لا تفرق كثيراً بين ذكر أو أنثى، فالكثير من الجرائم ترتكبها نساء لهن سوابق سواء في بلدانهن الأصلية أو في الدولة كالخدم والسواقين ومن في فئتهم، وبعضهم يعملون في مجالات حساسة مثل دور الحضانات أو المدارس، وهو الأمر الذي يجعل من أي حادثة خطراً يهدد عدداً أكبر من الناس.

جرائم أخرى تستحق التوقف عندها بحكم أنها تتكرر في كل يوم ألا وهي تهريب وترويج المخدرات بأشكالها، فملف المخدرات من الملفات التي تثير الرعب في نفوسنا كلما تذكرنا أن شخصاً بريئاً سوف يقع فريسة بين أيديهم، وهذا الشخص قد يكون ابناً أو أخاً أو جاراً لنا أو حتى مقيماً بيننا.

وعلى الرغم من يقظة رجال الأمن إلا أننا لا نعرف كم من المخدرات يتم جلبها أو ترويجها من قبل هؤلاء المجرمين، الذين يرون في مجتمعنا مكاناً مثالياً لبث سمومهم كونها تضم جنسيات وأعراقاً وخلفيات متعددة. وفي الوقت نفسه فإن ارتفاع دخل الفرد في الدولة يعد عامل إغراء لهؤلاء المروجين.

جرائم أخرى عديدة ترتكب في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع منا، ونحن، في يقظة، غافلون عنها، لأن وسائل إعلامنا مقصرة عن التعريف بها أو التوعية بها حتى يأخذ الإنسان حذره.

هذه الجرائم التي تمس أمننا الاجتماعي والنفسي تخلق نوعاً من البلبلة والقلق والخوف نحن في غنى عنها، لأنها تجعلنا نعيش في خوف ورعب ليس فقط على حياتنا وحياة من حولنا، بل على سمعة مجتمعنا الآمن، الذي يرنو إلى أن يكون رمزاً للسلام والتناغم والتسامح والسعادة.

وفي واقع الأمر فإن الإمارات تعد واحة جذب للكثيرين ويمكن أن يكون الأمن والأمان على رأس المقومات التي تجذب المهاجر لكي يختار الإمارات مقراً لعمله وسكنه، هذا بالطبع إلى جانب توفر سبل الحياة الرغيدة. ونحن نعتد برصيدنا في مجال الأمن والسعادة وهو رصيد عملنا بجهد لكي نحققه لكي تتميز الإمارات عن غيرها من المجتمعات.

ولا نقلل من تأثير تلك الجرائم التي على الرغم من أنها فردية وقد تحدث في أي مجتمع، إلا أن مجتمعنا بما لديه من رصيد قوي في مجال مكافحة الجريمة يجب أن يكون واعياً لهذا الأمر، هذا إضافة إلى أن هذا العامل في حد ذاته يجب أن يكون رادعاً لأصحاب النفوس الضعيفة والوضيعة من خرق القوانين وارتكاب المخالفات أو الجرائم الخطرة.

إن مجتمع الإمارات اليوم وهو يدخل عصراً جديداً من عصور تميزه الإداري والاجتماعي يسعى أن يكون مجتمعاً خالياً من الأسباب التي تؤدي إلى إثارة القلاقل والنوازع الاجتماعية المسببة للخوف وعدم الاستقرار، التي تبعث القلق والتخوف، فهذه العوامل ليست فقط مثيرة للخوف الاجتماعي، ولكنها من أسباب غياب الاستقرار والأمن والسلم في المجتمع.

 وعلى الرغم من عدم وجود المجتمع الفاضل في العالم إلا أنه يجب ألا يفصلنا عن ذلك المجتمع تلك الثلة، التي جردت من إنسانيتها.

Email