قارئ المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

‏{‏‏اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ‏} بهذه الآية المباركة انطلق القرآن الكريم في معجزته الخالدة جاعلا القراءة مفتاح الدخول إلى عالم الكمال والرقي وغذاء الروح اللامتناهي، والأمر نفسه ينطبق على أهمية القراءة للأطفال. فهم الحجر الأساس لبناء المستقبل وبجودة الفكر الذي يزرع في عقولهم تكون الآثار الإيجابية والنتائج السعيدة على المجتمع والوطن وعلى قول المثل: «العلم في الصغر كالنقش على الحجر».

لكن يتساءل الكثير لماذا كل هذا الاهتمام بالقراءة عند الطفل فهو في كل الأحوال يذهب إلى المدرسة ويتعلم القراءة والكتابة؟

القراءة المقصودة هنا هي القراءة المعرفية والقراءة القصصية والتي تنطلق بالطفل وخيالاته إلى عالم الإبداع والابتكار. فعندما تتحول القراءة إلى شغف يتغير تعامل الطفل مع كل كلمة ويضع نفسه مكان البطل تارة ومكان القائد تارة أخرى وبذلك تتفجر المواهب.

فآثار القراءة الإيجابية على الطفل لانهاية لها. فالقراءة تساعد في رفع نسبة ذكاء الطفل عبر تكوين شبكة أعصاب جديدة في دماغه. كذلك تثري القراءة من المفردات اللغوية للطفل والنتيجة هي تحسن مستوى التواصل الاجتماعي للطفل مع محيطه. أيضا تهذيب الأخلاق وزرع القيم النبيلة هي من حسنات القراءة متى ما كان اختيار الكتاب إيجابيا وذات منفعة.

من إيجابيات القراءة زيادة ثقة الطفل بنفسه. فعندما يطلع الطفل المتحمس على معارف جديدة ويقرأ القصص الملهمة يزداد ثقة في تطبيق ما قرأه في الواقع وينطلق بكل حماس في السلوك الإيجابي المنشود. من التحديات التي يتعرض لها طفل الجيل الحالي هو طغيان وسائل التقنية الحديثة واستيلائها على معظم وقته. لكن يمكن جعل هذا التحدي إيجابية بتشجيعه على قراءة الكتب الإلكترونية الاستفادة منها في إشباع أوقات فراغ الطفل.

من منافع القراءة تعويد الطفل على ثقافة الاطلاع والاعتماد على القراءة كوسيلة بحث. وبالتالي عندما يكبر سيعتمد على منهاج البحث العلمي في التأكد من أي معلومة او إشاعة ولن يكون عرضة للمعارف المغلوطة. تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بقادة يعشقون الريادة والمركز الأول. ومن خصائص القائد القدرة على الخطابة وتوجيه فريق العمل لصالح الوطن. والقراءة بدورها تنمي قدرة الطفل على الخطابة والتي تعتبر خصلة هامة لقادة المستقبل.

من إيجابيات القراءة تقوية العلاقات الأسرية وخصوصا عند وجود ثقافة قراءة قصص ما قبل النوم من قبل الأم أو الأب. فمع تسارع وتيرة الحياة وانشغال الوالدين في أعمالهم تتقلص فرص التواصل الأسري خلال اليوم. ومن خلال قراءة القصة تتكون علاقة حميمة لأن صوت الأم الدافئ مثلا وهي تروي القصة للطفل له مفعول مريح على نفسية الطفل ويحسسه بالأمان والحب.

وللبعض تعتبر القراءة مفتاح الدخول إلى عالم الأدب والنواة لملكة الكتابة والتأليف. وهناك الكثير من الدول التي تميزت بكتابها وعمالقة الأدب عندها وهذا يعود إلى طفولتهم والتي كانت فيها القراءة جزءاً من أسلوب الحياة اليومي.

وانطلاقا من كلام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم – حفظه الله- عندما قال في خلوة القراءة «نريد القراءة في كل مدرسة ودائرة ومكتب وبيت، وفي كل مرافقنا وحدائقنا وشوارعنا» تم تخصيص عام 2016 بعام القراءة وتم حشد جميع الموارد في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة في جعل ثقافة القراءة أسلوب حياة يومي لكل فرد على أرض الإمارات الحبيبة، وأخص بالذكر فئة الأطفال الذين يعتبرون أمل الغد وشعلة المستقبل المضيئة.

واختم مقالي بمقولة رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان – حفظه الله -“سيبقى مفتاح الازدهار هو العلم، وسيبقى مفتاح العلم هو القراءة، وستبقى أول رسالة من السماء للأرض هي اقرأ”.

 

Email