الروح الوطنية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل الربيع بثلاث سنوات، في صيف 2007، سألني كبير مستشاري رئيس دولة عربية »ما الذي لديكم وليس لدينا؟« وأكمل »أنتم تقودون التحضر في العالم العربي، فكيف توصلتم إلى هذه المكانة؟«.

وبعد الربيع بخمس سنوات، قبل بضعة أشهر من الآن، سألني رئيس وزراء إحدى دول الربيع »كيف استطعتم أن تحافظوا على بلدانكم وتماسك شعوبكم في الخليج، وخاصة في الإمارات، حيث ما زلتم تقدمون نموذجاً للاستقرار والبناء وسط كل هذه الأحداث حولكم؟«.

قلت للأول »إنها القيادة يا سيدي، هي سر كل ما تراه وتسمع عنه، فهي التي وضعت القواعد، ورسخت مفاهيم العطاء والبناء، وحافظت على وشائج العلاقة التي تربط الحاكم بالمحكوم، فنحن بهم، وتحت مظلة حبهم، أسسنا لمفهوم جديد في إدارة الدول«.

»نحن ننظر إلى المستقبل، ونستند على الماضي، ظهورنا محمية، ورؤيتنا واضحة، لا نخلع أرديتنا ونلبس ما لا يليق بنا، ولا ندعي بما ليس فينا، لا نتفاخر على الورق وفي المؤتمرات، لم تكن المنابر الخطابية من فلسفتنا ونحن نلج أبواب التقدم والتحضر، بل وضعنا أهدافاً، ومشينا بخطوات ثابتة ومحسوبة، لم نقفز، ولم نهرول، لكننا خططنا ودرسنا، واستعنا بالخبرات، واخترنا الأفضل والأسلم والأكثر فائدة لبلادنا، ولم نخش السقوط، ولم نسمح للمعوقات بأن توقفنا عن إكمال مسيرتنا، نكرر المحاولة بعد أن نطور الفكرة، ولا نجمد عقولنا، ولا نضع خطوطاً أمام أحلامنا، كان العالم برحابته ساحتنا، ولا يزال كذلك، منفتحون، لا يداخل أنفسنا غرور أو كبر، طيبون، لا نعادي، ولا ننتفع بالخير منفردين، نتشارك اللقمة مع الأخ والصديق والجار والإنسان«.

أعدت نفس الكلام لرئيس الوزراء المهموم بتداعيات الربيع، وأضفت إليه ما استجد بعد فوضى 2011، قلت له »نحن اشترينا أوطاننا يا سيدي بالتضحيات، وعاصفة الحزم خير مثال، وحصنا مجتمعاتنا، ورصصنا الصفوف خلف قيادتنا، ولم نسمح لأحد بالعبث بنا، ومنعنا كل الأفكار المنحرفة من النفاد إلى عقولنا وقلوبنا، محمية هي عقولنا وقلوبنا بفضل القواعد والأسس التي قامت عليها أوطاننا، وقمة القواعد التي رسختها قيادتنا هي الروح الوطنية، روح تنتج ما تراه يا سيدي وتسأل عن أسبابه«.

Email