الإمارات واقتصاد التريليون

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشير إحصائية مؤسسة النقد الدولي إلى أن الناتج القومي لدولة الإمارات عام 2015، بلغ 346 مليار دولار ومصنفة في المرتبة 31 بين الدول، أما دائرة الزراعة الأميركية فنشرت توقعاتها عن أكبر 20 دولة من حيث الدخل القومي في عام 2030.

وكانت السعودية الدولة العربية الوحيدة بينها، بمعدل دخل قومي 1.3 تريليون دولار، وأتت في المركز الثالث قبل الأخير، فإذا أرادت الإمارات أن تتربع بين العشرين الكبار اقتصادياً، فهذا يتطلب نمواً في الناتج القومي خلال الخمسة عشرة سنة المقبلة إلى 3.7 أضعاف، أما الناتج القومي للدولة فما هو إلا المجموع الكلي في حجم المبيعات للبضائع والخدمات فيها، فإذا أرادت الدولة الوصول بدخلها القومي إلى 1.3 تريليون، فعليه أن يتزايد خلال الخمسة عشرة سنة المقبلة بوتيرة مستدامة بنسبة 7 %.

من المتعارف عليه أن الدخل القومي لأي دولة يرتبط برخائها، وهذا ما تصبوا إليه الدول، إن الاستدامة تتطلب تسارعاً في نمو الاقتصاد الإماراتي بنسبة 7% سنوياً، وهدف كهذا يتطلب تفعيل استراتيجية اقتصادية، وهناك نظرية في الاقتصاد تسمى (الدفعة الكبرى)، وهي مدرسة اقتصادية أسست في الأربعينيات من القرن الماضي.

وتدعو إلى القفز المتسارع في مراحل التطور الاقتصادي حتى لو كان الاقتصاد يمر بدورة النزول، وهذه الدفعة الكبيرة تتطلب مستوى ضخماً من الاستثمار في البنية التحتية والتعليم، مصحوباً بالاستثمار الخاص..

وهناك العوامل المساندة التي تعزز هذا النمو الاقتصادي ومنها التطور المستمر في التكنولوجيا واستخداماتها والمعرفة والابتكار وتزايد العدد السكاني بالدولة، أما إذا رجعنا إلى المكونات الرئيسية للاقتصاد، فهي المبيعات من القطاعات الاقتصادية المختلفة في الدولة، ومنها قطاع السياحة الذي يتكون من أسطول الدولة في الطيران والفنادق والمطاعم وسيارات الأجرة والمعارض التجارية..

ولقطاع التجزئة ارتباط كبير مع السياحة، ذلك أن السائح لابد أن ينفق في الدولة، وينعكس هذا التزايد في الطفح السكاني الذي يشكله السائحون ويتطلب استثمارات بمليارات الدولارات في مراكز الترفيه والتسوق والمدن الطبية والمناطق الحرة والتجمعات المالية أو غيرها، فكلها تهدف إلى الرقي بالدخل القومي للدولة..

وتشكل التغيرات الديموغرافية الأثر الكبير في ديناميكية مستقبل نشاط البيع والشراء في الدولة، ومن فتره إلى أخرى يتأثر الدخل القومي ولدرجة كبيرة بظروف خارجية كتباطؤ الاقتصاد العالمي وتقلبات أسعار النفط، ويشكل قطاع السياحة نافذة للتسارع الاقتصادي، فقد أبرزت منظمة السياحة الدولية، أن السياحة تزيد من: 1- مستوى العمالة في الدولة 2- تأسيس المؤسسات التجارية الخادمة للسياحة 3- حجم مبيعات البضائع والخدمات في الدولة 4- الاستثمار في البيئة التحتية وعدد المباني.

تأتي أهمية الجانب الثقافي والترفيهي في التطور الاقتصادي والاجتماعي، لتكوّن جذب حضاري له خصائصه الخاصة بدولة الإمارات، ولا يمكن لدولة أخرى استنساخه ولهذا الجانب التأثير المباشر في الاقتصاد، وتعد التكتلات الاقتصادية من أهم قطاعات النمو الاقتصادي، يتميز التكتل الاقتصادي بالموقع الجغرافي وتشابه المؤسسات الاقتصادية فيه، والتكتل المالي في مركز دبي المالي خير مثال لذلك ويصب في المنظومة المالية في الدولة من أهمها:

1- التوازن بين الطلب والعرض المالي في الدولة 2- استقرار الأسعار في الدولة 3- تطوير سوق رؤوس الأموال للدولة 4- التزايد في عدد المؤسسات المالية ونموها، وهناك المنطقة الحرة في جبل علي وسوق الجملة (تحت التنفيذ)، وهناك ارتباط بين قطاع الصناعة والنمو والاستقرار الاقتصادي، والتسارع في هذا القطاع مطلب استراتيجي..

وهو يسهم مباشرة في المبيعات سواء داخل الدولة أو خارجها وله سياساته الاقتصادية الخاصة به، ويشكل القطاع التجاري أهمية خاصة في الدولة ويصب في التسارع الاقتصادي، ولسكان الدولة في المشتريات أهمية كبيرة تتطلب سياسات اقتصادية لإثراء المجتمع ككل كحافز لنمو هذا لقطاع.

وللحكومة دور فاعل في هذه الاستثمارات المختلفة منها البنية التحتية ومراكز المعارض التجارية والمطارات والطائرات ومراكز المؤتمرات، وكل هذه المكونات تصب في الطاقة التوسيعية للاستيعاب أكثر وأكثر، وهذا يتطلب المال الهائل والجهد الكبير..

وهنا تبرز أهمية دبي وأبوظبي اللتين تشكلان 88 % من الناتج القومي لدولة الإمارات، يخفي المستقبل الكثير من الأسرار، ليشرق بنور الرخاء والأمن والأمان، تتألق فيه المعرفة والتكنولوجيا وتبرز فيها القوة الاقتصادية للدولة، إن الاقتصاد الوطني ما هو إلا لفيف من القطاعات الاقتصادية المختلفة كل منها يتفاعل مع الآخر وتتحكم سياسات الدولة الاقتصادية بشكل كبير في توجيهه.

تعتمد الحكومات الذكية إخراج استراتيجية طويلة المدى في فترات مستقبلية تشوبها التغيرات والحوادث المختلفة، فلهذا يجب أن يكون نصب الأعين على تلك الاستراتيجية وأهدافها مهما كانت هذه التغيرات، ما يتوجب صياغة استراتيجية تنفيذية مرنة تستوعب تلك التغيرات غير المتوقعة، وهكذا فإن صناعة الاستراتيجية وإخراجها وثم صياغة استراتيجية تنفيذية لها يتطلب الخبراء في مجال الاستراتيجية..

وما أسهل الكلام وما أصعب التنفيذ، إننا في استراتيجية تتطلب استدامة في النمو الاقتصادي بوتيرة 7% لمدة خمسة عشرة سنة، تنشلنا من المركز 31 إلى عضوية أكبر عشرين دولة اقتصادية في العالم، وهنا تأتي أهمية قادة الدولة لتبني سياسة التسارع الاقتصادي ويأتي ذلك بتصريح صريح يهدف إلى رفع الدولة إلى المراكز العليا بين دول العالم.

وأخيراً، هل سنرى المزيد من التكتلات الاقتصادية؟ وهل سيتحول مركز إكسبو إلى تكتل اقتصادي؟

 

Email