أخيراً تعترف أميركا بإرهاب «الإخوان»

ت + ت - الحجم الطبيعي

القرار الذي اتخذته اللجنة القضائية بمجلس النواب الأميركي بالموافقة على تصنيف جماعة «الإخوان» منظمة إرهابية، لا يمثل فقط تطوراً مهماً في السياسة الأميركية تجاه هذه الجماعة، لكنه قبل ذلك يثبت صحة الموقف الذي اتخذته، وتمسكت به رغم الضغوط، الدول التي أدركت مبكراً حقيقة «الإخوان»، في مقدمتها مصر والإمارات.

مصر التي شهدت ميلاد هذه الجماعة قبل ما يقرب من تسعين عاماً كانت أول من كشف إرهابها، لأنها كانت أول من عانت منه.

منذ الأربعينيات من القرن الماضي والجماعة لم تتخل عن إرهابها رغم اختلاف الأنظمة وتعدد الفرص التي أتيحت لها لكي تعود لرشدها وتتوب عن جرائمها.

لكنها رفضت كل الفرص بما فيها فرصة وصولها للحكم بعد ثورة يناير، فإذا بها تتصرف كعصابة إرهابية، وبدلاً من التوبة عن جرائمها القديمة والحديثة، اعتبرت جرائمها في قتل المعارضين لها تقرباً إلى الله! واعتبرت وصولها لحكم مصر بداية لوضع المنطقة العربية تحت سيطرتها.

حتى لو كان الثمن هو تدمير أوطان لا تعترف بها، وتسليم المنطقة للرعاة الرسميين للجماعة الإرهابية، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية!

ولعل ما كشفته الإمارات من تآمر «الإخوان» على أمنها واستقرارها، يثبت جنون الإرهاب الإخواني بعد أن سيطر على الدولة العربية الأكبر، فتصور أن فرصته قد حانت ليحرك خلاياه النائمة وتنظيماته المتآمرة لاستكمال مخططاته، دون اعتبار لأمن عربي أو لأخوة إسلامية أو حفظ لجميل من وقفوا بجانبه حين استطاع تسويق نفسه كـ«ضحية» للنظام في مصر، وهو الذي لم يتوقف عن التآمر والاغتيالات والخيانة الوطنية على مدى السنين، ومع اختلاف الأنظمة التي تعاقبت على مصر.

ولم يكن نكران الجميل شيئاً جديداً في سلوك «الإخوان» لكن الأشقاء في الإمارات والسعودية ودول الخليج كانوا يتصورون صدق ما ادعته جماعة «الإخوان» بأنها تعلمت الدرس، وتابت عن التآمر، وأقلعت عن الإرهاب.

وهو ما أثبتت الأيام أنه أبعد الأشياء عن فكر وسلوك الجماعة التي خرجت من عباءتها كل جماعات الإرهاب التي تدعي أنها تمارس الإرهاب من أجل الإسلام البريء من كل ما يفعلون!

ورغم أننا في مصر كنا نعرف الكثير عن تاريخ التواصل والتعاون بين «الإخوان» وبين أميركا عبر أجهزة مخابراتها منذ بداية الخمسينيات على الأقل، إلا أنه لم يكن من المتصور أن تتخلى أميركا عن كل التيارات السياسية المؤيدة للدولة المدنية في مصر بعد ثورة يناير، وأن تضع كل ثقلها وراء جماعة «الإخوان» وأن تمارس كل الضغط لكي توصلها إلى الحكم وهي تدرك جيداً ماذا يعني سقوط مصر في قبضة فاشية دينية تقود أكبر دولة عربية إلى مجاهل العصور الوسطى باسم الدين الحنيف.

ولم يكن من المتصور أن تقف الولايات المتحدة الأميركية ضد إرادة شعب مصر وهو يُسقط حكم «الإخوان» في 30 يونيو، وأن تمارس كل الضغوط الاقتصادية والسياسية والعسكرية لإعادة «الإخوان» للحكم، أو لإضفاء الشرعية على وجودهم حتى وهم يعلنون على الملأ أنهم وراء الإرهاب الذي كان يستوطن في سيناء، ولم يتوقف عن تهديد الاستقرار وضرب السياحة ومحاولة إيقاف المصانع، وزرع الرعب بالتفجيرات التي طالت ركاب القطارات وأطفال المدارس!

كانت جماعة «الإخوان» تقوم بكل هذه الجرائم، بينما كانت الإدارة الأميركية تواصل الضغوط على مصر، وتوقف مدها بالسلاح المطلوب لمقاومة الإرهاب في سيناء! وبينما كانت وفود من «الإخوان» تفتح لها أبواب الكونغرس ولو على استحياء.

وبينما كان الحلفاء المقربون للأميركان من دول المنطقة يواصلون دعم الجماعة الإرهابية سياسياً ومالياً، ويضعون أدواتهم الإعلامية في خدمة الجماعة الإرهابية، وفي مهاجمة كل من وضع «الإخوان» في مكانها الطبيعي باعتبارها أصل الإرهاب الذي يستغل الدين والتي خرجت منها كل جماعات الإرهاب.

من القاعدة إلى الدواعش ومن سار على دربهم من خوارج العصر!

الآن تقف أميركا أمام لحظة من لحظات الحقيقة، قرار اللجنة القضائية بمجلس النواب الأميركي حول اعتبار «الإخوان» منظمة إرهابية هو تطور مهم للغاية، القرار يطلب من وزارة الخارجية أن تتحرك لإعلان «الإخوان» تنظيماً إرهابياً، أو أن تبرر رفضها لهذا التصنيف.

الأهمية في القرار أن من اتخذوه يدركون أن الخارجية الأميركية لا تملك مبررات الرفض، وأنها ستخشى فتح الملفات، إن القضية ليست فيما جرى في منطقتنا فحسب. بل الأهم ـ بالنسبة للنواب الأميركيين ـ هو تهديد الأمن الوطني الأميركي.

وهنا قد لا يكون في صالح الإدارة الأميركية أن تعلن كل الحقائق، بل أن تكتفي بإقرار توصية اعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية، بدلاً من المحاسبة عن التقصير والمحاسبة عما ارتكبه «الإخوان» من جرائم برعاية الإدارة الأميركية في الخارج وبعيداً عن رعايتها في الداخل!

الذعر الإخواني من قرار النواب الأميركيين يؤكد طبيعة هذه الجماعة المؤسسة للإرهاب باسم الدين الحنيف. فور صدور القرار كان تهديد الجماعة مزدوجاً.

إنها ستشعل حرباً أهلية في مصر «وكأنها لم تحاول ذلك منذ سقوطها ولم تفشل بكل جدارة». ثم إن مصالح أميركا في المنطقة ستصاب بالضرر على أيدي الجماعة التي جاهدت الإدارة الأميركية لسنين لكي تقول إنها جماعة مسالمة!

صعب بالطبع على الإدارة الأميركية أن تعترف بأخطائها في دعم الجماعة الإرهابية التي خرجت من عباءتها كل الجماعات الإرهابية الأخرى التي تمارس الإرهاب باسم الإسلام.

لكن الأصعب أن تستمر الإدارة الأميركية في دعم جماعة ثبت أنها خطر على أمن أميركا نفسها! حين سقط حكم «الإخوان» الفاشي في مصر، قلنا مع غيرنا إنها النهاية، قاوم الاتباع الصغار في المنطقة بدعم أميركي. والآن يسقط الدعم.. ماذا سيفعل الأتباع؟!

Email