الشجرة التي زرعها زايد وسقاها محمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثناء الزيارة الرسمية، التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لجمهورية الهند الأسبوع الماضي، قام سموه بغرس شجرة الصداقة، في ساحة حديقة ضريح الزعيم الهندي الراحل المهاتما غاندي، في منطقة «راج غات» في العاصمة الهندية نيودلهي.

وسقى سموه الشجرة التي غرسها المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، خلال زيارته الرسمية للهند عام 1975، وكتب سموه في سجل الزوار كلمة استذكر فيها المبادئ والقيم، التي جسدها الراحل غاندي، والتي ارتكزت على العدالة والسلام والمساواة ونبذ العنف.

وقال: ما أحوج العالم اليوم إلى تلك المبادئ التي حققت وحدة ونهضة الأمة الهندية، وهي المبادئ السامية ذاتها التي نؤمن بها في دولة الإمارات، التي غرسها فينا رجل عظيم هو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

لقطة عظيمة ومبهرة، تختصر الكثير من الكلام الذي يمكن أن يقال عن أبناء زايد، وتلخص الواقع الرائع الذي نعيشه اليوم في دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد وصول دولتنا إلى منتصف العقد الخامس من عمرها.

وهي لقطة لا يمكن أن يقتنصها ويراها على حقيقتها إلا المنصفون الباحثون عن الحقيقة، الذين لا ينحازون إلى الأوهام والباطل، ولا يتبعون الأهواء والأجندات الخبيثة، التي لا تبحث إلا عن مصالحها، ولا تسعى إلا إلى تحقيقها على حساب الأوطان والشعوب التي تعمل لتعمير أوطانها، وتحصينها ضد الرياح التي تهب عليها من مختلف الاتجاهات، لتقويض ما أنجزته على مدى سنوات من عمرها.

كي تحفظ للأجيال القادمة حقها في الحياة والأمن والخير الذي أنعم الله به عليها، فسخرته لخدمة أوطانها، ومساعدة الشقيق والصديق، وبناء جسور الثقة بينها وبين الأمم والشعوب المحبة للعدالة والسلام والمساواة ونبذ العنف، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته، التي لخصت الأسس العظيمة، التي تقوم عليها الأوطان السعيدة.

محدداً العلاقة التي تجمع القادة العظام، الذين يسعون إلى غرس هذه المبادئ والقيم في نفوس شعوبهم، ويعملون على سقايتها ورعايتها وحمايتها، حتى تكبر وتحصد ثمارها الأجيال القادمة، التي تتشرب من قادتها العظام المبادئ والقيم والأخلاق.

في مدينة نيودلهي رأينا أعلام دولة الإمارات العربية المتحدة ترفرف في الحدائق والميادين، معلنة ترحيبها بزيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للعاصمة الهندية العريقة، وفي مدينة مومباي، التي تعتبر المركز الاقتصادي والتجاري والثقافي للهند.

شاهدنا صور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تزين شوارع المدينة، احتفاء بزيارة سموه لهذا البلد، الذي تربطه بدولة الإمارات علاقات قديمة وعميقة، رسختها سابقاً الزيارات التي قام بها قادة الدولة لها، وترسخها اليوم هذه الزيارة التاريخية التي حققت من النتائج ما يضيق عن حصره المجال.

هذه الرمزية التي نلتقطها من مشهد الشجرتين؛ شجرة المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وشجرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تعطي من الدلالات الكثير، وتنقلنا إلى المعنى الأعمق، الذي نستخلصه من المشهد كله.

وهو أن نزرع نحن اليوم ليحصد أبناؤنا غداً، فما زرعه المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قبل أكثر من أربعة عقود آتى ثماره، وحصدناه احتراماً لدولة الإمارات وقادتها وشعبها، وها هم أبناء زايد، يكملون اليوم البناء الذي وضع زايد أساسه، ويسقون الأشجار التي زرعها، طيب الله ثراه، ويزرعون المزيد منها.

كي يجني أبناؤهم ثمرها الطيب عندما يكبرون، ويزرعون من جديد أشجاراً أخرى، لتجني الأجيال القادمة ثمارها، وتستمر الحياة بكل معانيها الجميلة، التي تجسد المبادئ والقيم التي ترتكز على العدالة والسلام والمساواة ونبذ العنف، كما دوّن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في سجل زوار ضريح الزعيم الهندي الراحل المهاتما غاندي.

مظاهر الحب والاحترام التي يحيط بها زعماء العالم وشعوبه أبناء زايد أينما حلوا لم تأت من فراغ، وهي ليست مصطنعة، فالعلاقات التي تربط دولة الإمارات بالدول الأخرى لم تقم على المصالح المادية فقط، وإنما قامت على القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية، التي تجمع بين قادة وشعوب الدول المحبة للعدالة والسلام والمساواة ونبذ العنف.

وقادة دولة الإمارات العربية المتحدة يؤكدون كل يوم أنهم لا ينظرون إلى المصالح المادية فقط وهم يبنون علاقاتهم مع الدول والشعوب الأخرى، وإنما ينظرون إلى المبادئ والقيم الإنسانية العليا التي تجمع بينهم وبين هذه الدول وقادتها وشعوبها.

لأن ما يقوم على المصلحة المادية فقط ينهار بانقطاع تلك المصلحة، أما ما يقوم على القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية فينمو ويزدهر، ولا تزيده الأيام إلا رسوخاً وثباتاً وقوة، مثل تلك الشجرة التي زرعها زايد قبل أكثر من أربعين عاماً، وسقاها محمد قبل أيام، وزرع إلى جوارها شجرة جديدة، ليؤكد أن أبناء زايد يزرعون الأشجار، ويقومون بسقايتها ورعايتها، كي يجني أبناؤهم وأحفادهم ثمرها.

كل هذا الحب الذي تحمله شعوب العالم وقادتها لأبناء زايد، يؤكد أننا سائرون على الطريق الصحيح، وأن ما نزرعه اليوم نجني ثماره غداً. وحدهم الكارهون للمبادئ والقيم لا يرون المشهد على حقيقته، لأن على عيونهم غشاوة، أما المحبون لهذه المبادئ والقيم فيرون المشهد مشرقاً وجميلاً ورائعاً، كما عشناه ورأيناه أثناء زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لجمهورية الهند الأسبوع الماضي.

Email