نظرة عن قرب لرئيس وزراء كندا الجديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لدى مراجعتي بعض الرسائل الإلكترونية القديمة، أخيراً، صادفت ملاحظة مؤرخة في التاسع والعشرين من مايو عام 2001، من جوستن ترودو، البالغ من العمر آنذاك 29 عاماً..

والذي يعمل مدرساً في أكاديمية «ويست بوينت غري» في موطني مدينة فانكوفر، وهو الابن الأكبر لرئيس الوزراء وقتها بيير ترودو. (وهذه الطرفة لا تفعل شيئاً لتبديد الأسطورة القائلة إن الجميع في كندا يعرفون بعضهم البعض).

وفي تلك الفترة، كنت في السادسة والعشرين من عمري، وكنت أعمل لدى إحدى الوكالات الفدرالية الكندية، عملت عارضة أزياء لبعض الوقت. وكتبت لترودو أسأله النصيحة فيما يتعلق بالتزلج على الجليد..

حيث كان يدرس تلك المهارة أيضاً، وبدأ جوابه بقوله إن «التزلج أمر لطيف»، ومن ثم أكمل بإعطائي بعض النصائح إلى جانب بعض التفاصيل من القلب بشأن عقليته في أعقاب وفاة والده قبل ذلك بعام. ملاحظة ترودو كانت مميزة وودية ودافئة.

اليوم هو أحدث رئيس وزراء لكندا، وعلى المستوى الشخصي تحديداً، أنا أعشق ترودو. فهو يكرس وقتاً للناس. وحتى عندما تفرض عليه بعض القيود في اللحظات الأخيرة، فإنه يظل ملتزماً بوعوده. إنه أصيل وممتع ومضحك إلى حد الجنون، وليست لديه الأنا، ولا يأخذ نفسه على محمل الجد بشكل مبالغ فيه.

ترودو يميل إلى البراغماتية. وبينما يصر على الحديث عن التغير المناخي، فإنه رغم ذلك دعم خط أنابيب كيستون إكس إل في كندا. وقد أبلغ ترودو الناشط البيئي الكندي البارز ديفيد سوزوكي بأن أقواله بشأن تغير المناخ ما هي إلا حماقات.

وعلى الرغم من انتقاد سياسات هاربر المتعلقة بـ«الخوف والتقسيم» في إعلانات الحملة الانتخابية، إلا أن ترودو كانت لديه الحساسية التي دفعته للتصويت لصالح قانون هاربر للممارسات الثقافية الهمجية الذي يحظر تعدد الزوجات وجرائم الشرف وبعض الشؤون الأخرى التي تتعارض والقيم والتقاليد الكندية.

ومع ذلك ندد ترودو بمشاركة كندا في التحالف الجوي العسكري الأميركي ضد تنظيم «داعش»، مدعياً أن الدور الإنساني قد يكون أكثر ملاءمة. ترودو ليس مخطئاً تماماً عندما يندد بالضربات الجوية عديمة الفائدة التي دامت عاماً كاملاً، إلا أن النهج الحكيم قد يكون الدعوة إلى تفعيل جهاز المخابرات الذي افتقرت إليه جهود التحالف بشكل رئيسي. وعلى الجانب المشرق من المسألة.

ويبتهج ترودو جداً عندما يستمع إلى الآراء المعارضة. وبالنظر إلى أن غالبية الحكومة ترفض القيام بذلك ما، فما على المرء إلا أن يأمل أن يظل ترودو منفتحاً على أي معارضة بناءة، حتى ولوكان ذلك فقط لأن النتيجة البراغماتية التي تم التوصل إليها خدمته بشكل جيد. ويجب أن يغير من منهجه حتى يجد أناساً يتجادل معهم من داخل الحزب الليبرالي.

وبالحديث عن سلف ترودو، فإن كل الكلام الذي أعقب الانتخابات في معرض انتقاد هاربر يعد غريباً. وعموماً فإن هاربر قام بعمل ممتاز ومثير للإعجاب كرئيس للوزراء. وببساطة تعرض لوباء الغطرسة والفضائح الذي يصيب أي حزب سياسي كندي تمتع بالسلطة لفترة طويلة جداً. وعندما أقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصافحة هاربر العام الماضي في لقاء مجموعة العشرين ببريسبان في أستراليا، أخبره هاربر بقوله: «أعتقد أني سأصافحك، إلا أن لدي شيئاً واحداً أقوله لك: يجب أن تخرج من أوكرانيا». وهذا لم يكن وقاحة وموقفاً يفتقر إلى الدبلوماسية فقط، بل كان عملاً سيئاً أيضاً. وحتى توقف الرئيس الأميركي باراك أوباما عن المراوغة بشأن خط أنابيب كيستون كان يجب على هاربر أن يلعب دور الوسيط بين الولايات المتحدة وروسيا. وتوقعت أن ترودو كان سيتعامل مع الأمر بشكل مختلف تماماً.

كاتبة كندية

Email