أبناء المواطنات

ت + ت - الحجم الطبيعي

«أعطني وطناً معطاءً، أعطِك مواطناً معطاءً»...

هذا كلام يجري مجرى الامثال، لا يختلف عليه أحد، وهو أنه كلما كان الوطن أكثر عطاء أو سخاء في حق مواطنيه يبادله المواطن بنفس المعاملة ان لم يكن اكثر، واذا تقاعس الوطن عن العطاء يتسرب الى نفسية المواطن الشعور بالتقاعس ايضاً، وعند ذلك يحدث الخسران المبين، وتتولد ما لا يحمد من المشاعر والاحاسيس، وقد يدفع بالانسان الى التشاؤم والى التمنيات السلبية في أن يتغير وضعه بأي شكل من الاشكال طالما ليس له في هذا الوضع، وضع حاضره، نصيب، وفي هذا المعنى يقول شاعر عربي قديم..

إذا لم يكن للمرء في دولة امرئٍ... نصيب ولا حظ تمنى زوالها

وما ذاك من بغض لها، غير أنه... يُرجي سواها، فهو يهوى انتقالها

ومن الإنصاف أن نذكر أن كبار المسؤولين في الدولة، دولة الامارات العربية المتحدة، ادركوا منذ البداية أن نصيب المواطن لا بد أن يأتي في الأولويات، وأهم هذه الانصبة الأمور الاساسية التي لا غنى للانسان عنها، وهي التعليم والصحة والبنية التحتية والفوقية الاساسية، ومساعدة الشؤون الاجتماعية والمسكن العصري المناسب..

 فاذا توفر كل هذا فان معنى ذلك أن نصيب المواطن في عطاء الوطن قد تحقق بشكل تعدى الحد المطلوب الى الحد الأعلى، وفي رأيي أنه لا يوجد مجتمع تحقق له كل ما يصبو اليه حتى في أرقى الدول والمجتمعات الانسانية، إذن، فنحن بخير عميم، ونبارك للدولة وللحكومات المحلية ما تحققه لنا في هذا المجال.

والحقيقة أن هناك شيئاً واحداً يثير القلق ويجعل جمعاً من ابنائنا في هذا الوطن الغالي غير مستقري النفوس وتراودهم خيالات قد يؤدي تراكمها الى السلبية التي اشرنا اليها في بداية هذا الحديث، وهؤلاء الابناء هم الذين نشؤوا وولدوا على هذه الأرض من أُم مواطنة وأب غير مواطن والذين نسميهم ابناء المواطنات، ولقد شاءت ظروف هؤلاء أن تقترن امهاتهم بآباء لا يحملون جنسية البلاد، ومثل هذا الظرف كثير الحدوث في أي مكان على وجه هذه الارض، وإنّي، كاتب هذه السطور، قد تطرقت الى هذا الموضوع في أكثر من مناسبة سابقة، مطالباً بالنظر في هذه المشكلة المقلقة.

والحق أن رئاسة الدولة قد قامت بخطوات ايجابية في الماضي فأصدرت قراراتها بمنح العديد من هؤلاء جنسية الدولة شأنهم شأن ابناء المواطن، ولكن مازال هناك عدد كبير ينتظرون دورهم لتنفيذ ما تقرر في حق زملائهم وزميلاتهم..

ومن نافلة القول التكرار أن ابن المواطنة إن لم يكن اكثر ولاء للوطن فانه لا يقل ولاء بأي حال من الاحوال عن ابناء المواطن، بل عندي أن اللبن الذي أرضعته امه المواطنة يُنبت فيه من الزرع ما يأتي اُكُلاً طيباً لا يبخل بخيره عن وطنه. ولا بد من الاشارة الى نقطة هامة وهي أن المجتمعات المتقدمة في كل مكان لا تفرق بين مواطنيها بسبب الانتماء الى أم معينة أو أب معين.

وقد أثبتت دولة الامارات العربية المتحدة أنها لا تقل في أي شأن كان من شؤون الحياة عن هذه الدول المتقدمة في الاخذ بأسباب المدنية والحضارة.. فلنعمل جميعاً على غرس القيم الصالحة في نفوس أبنائنا ونجعل حب الوطن والولاء له يمشي في عروقنا كالدم وكَنَفَسِ الروح ونردد على الدوام هذا الشعر الجميل لأحد ابناء الامارات الذين هاموا في حب بلدهم وهو المرحوم سلطان بن علي العويس..

وطني دمي ينساب بين جوانحي ** فكأنه والروح فيه سواءُ.

Email