عن الرباعية وطبعتها المنقحة!..

ت + ت - الحجم الطبيعي

أهم ما صدر عن اجتماع اللجنة الرباعية الدولية، على هامش الدورة السبعين للأمم المتحدة، هو القبول بمبدأ توسيع عضويتها، وإنشاء مجموعة اتصال رديفة لأعمالها. في سياق هذا التوجه، يدور الحديث عن إشراك عدد من الدول الأعضاء بمجلس الأمن والجامعة العربية والمجموعة اللاتينية.

بررت اللجنة، التي تضم كلاً من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، هذا التحول الفارق، إلى مزيد من التدويل، بالرغبة في قوة دفع جديدة لمحاولة إعادة إسرائيل والفلسطينيين لاستئناف المباحثات، بعد انهيارها في أبريل 2014. وحقيقة الأمر، أن اللجنة لم تملك شجاعة الاعتراف بفشلها شكلاً وموضوعاً.. والأبعد غوراً من ذلك، أن أحداً من أعضاء اللجنة المرموقين على قمة النظام الدولي، لم يصارح المعنيين في جهات الدنيا بأسباب هذا الفشل. بدون هذين الاعترافين، المتعلقين بالفشل وأسبابه، لن يكون الانتقال من الرباعية الأصلية إلى الرباعية المعدلة أو الموسعة، سوى عملية ميكانيكية شكلية قد لا تعني شيئاً على صعيدي الإنجاز والفعالية.

ربما لا يلحظ كثيرون أن هذه الآلية نشأت في الأصل، قبل ثلاثة عشر عاماً، استجابة لرغبة الراغبين في توسيع دائرة الوسطاء في تسوية الصراع الإسرائيلي العربي والقضية الفلسطينية.. أولئك الذين نسبوا جمود هذه العملية إلى انفراد الولايات المتحدة بالوساطة، فيما هي منحازة ومائلة كل الميل إلى الجانب الإسرائيلي. وهذا يعنى أن عالم اليوم، هو بصدد إصدار طبعة جديدة ومنقحة من فكرة الوساطة الموسعة، للتغطية على فشل الطبعة الأولى وتجميلها، وادعاء المضي إلى إصلاح ما فسد من مساعيها.

لقد كانت كلمة السر في خيبة الرباعية، أنها لم تفلح في الإفلات من براثن السيطرة المزمنة للوسيط الأميركي، ولا تمكنت من التقيد العملي بمرجعيات التسوية التي صدعت رؤوس الخلق بتكرار الإشارة إليها في بياناتها المملة.

وهكذا، تحولت هذه اللجنة بمواقفها وبياناتها، إلى مجرد مكلمة موسمية.. وكان المتحدث بلسانها، تونى بلير، الذي استقال بعد أن هرم في المنصب، قد اتخذ من مقامها الرفيع وموقعه فيها، وسيلة للانتفاع والانطلاق إلى شواغل أخرى غير موصولة بأهدافها.

لا يحمل الأفق نذراً لتحولات جوهرية في السياسة الأميركية تجاه عملية التسوية، الشق الفلسطيني منها بخاصة. وعليه لا يصح الاستبشار بدور أكثر جدية للرباعية بعد توسيعها، اللهم إلا إذا اقترن هذا المستجد بالتزام هذه الآلية بتطبيق مرجعيات التسوية، وفق جدول زمني صارم، وعقوبات حازمة تنتظر المخالفين والمارقين. وللإنصاف، فإن الدول العربية التي دعيت للمشاركة في اجتماع الرباعية الأخير، أكدت على هذه المعاني.

وبين ما يتعين التحذير منه، أن تقوم واشنطن باستدراج الرباعية في طورها الثاني، إلى إعادة إنتاج أسلوبها السابق، حيث المناشدات والبيانات المعلبة.. ثم البيات المطول والاختفاء من المشهدين الإقليمي والدولي، مع ترك المجال رحباً لما يسمى بالمفاوضات المباشرة بين الأطراف المعنية !.. إذا حدث هذا، فلن يشكل التوسع المزمع في عضوية هذه اللجنة، أي إضافة إيجابية لمسار التسوية الفلسطينية. بل ربما خصم هذا التوسع من مساحة التأييد الدولي المتنامي للموقف الفلسطيني، باعتبار أن المشاركين الجدد قد يكتفون بمواقفهم في هذه المكلمة، بينما كانت سياساتهم خارجها أكثر طلاقة وحرية في دعم الحقوق الفلسطينية.

الشاهد في كل حال، أن المشهد الفلسطيني محتقن إلى أبعد الحدود.. ولن يطول الوقت قبل اختبار الصورة المعدلة لهذه الآلية.

Email