لن نخيّب ظن زايد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تغب ذكرى المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد عن ضمير الأمة رغم مرور إحدى عشرة سنة على رحيله، وذلك بلا شك يعود لسبب بسيط واضح وهو أن المغفور له الشيخ زايد ترك بصمته الإنسانية عميقاً في القلوب وأرسى دعائمها بعيداً في النفوس لأنه كان ينطلق في حياته ومسيرته وعمله من منطلقات إنسانية ممتدة ترى في المستقبل أمانة، وفي العمل لخير الشعوب واجباً مقدساً، وفي النهوض بحال جميع أبناء الإمارات والوصول بدولتنا إلى مصافّ العالمية حلماً قابلاً للتحقيق وقريب المنال إذا صادف إخلاصاً من الجميع.

واليوم أصبح الحلم حقيقة، وها نحن في دولة الإمارات نجني ثمار إخلاص زايد رحمه الله تعالى، وعمله الدؤوب، وننعم بالراية المخلصة التي حملها القادة خير خلف لخير سلف، والعمل بذات الروح البناءة التي أشعل وميضها الآباء المؤسسون.

بين الماضي القاحل والمستقبل المخضرّ المشرق وقف المغفور له الشيخ زايد حاملاً همة لا تلين وعملاً لا يعرف الراحة ليضع القافلة على الطريق الصحيح، ويقول للمخلصين هذا هو الجسر فلتعبروا بأمان، ويقول للعالم إن أبناء الإمارات قادرون على صنع مستقبلهم بأيديهم، والنهوض والمنافسة على صدارة الإنسانية العالمية.

وقد حرص، رحمه الله تعالى، على ترك جذوة هذه الأمانة حية في ضمير أبناء الإمارات، وأوصى بأن تبقى ذكراها حاضرة في النفوس لا سيما في الأجيال التي عاشت حقبة جني الثمار، وسمعت من الآباء والأجداد عن صعوبات الحياة، ليؤكد رحمه الله ضرورة إشعالها باستمرار في قلوب الشباب حتى لا تفتر مسيرة قافلة الخير والنماء والتطور، فها هو ينظر بعين البصير الحكيم لمستقبل الأجيال فيقول: «يا شعب الإمارات العزيز لقد مرّت علينا نحن كما مرّ على أهلكم، وعلى البعض منكم ظروف قاسية وحياة صعبة وحال عسير، والآن نحن في خير من الله وفير، لذلك عليكم ألا تدّخروا جهداً من أجل العمل بكل ما أوتيتم من طاقات وإمكانيات.

وإياكم والكسل والتقاعس والتهاون فإن النعم لا تدوم إلا بالجهد والنشاط والعمل الجاد وشكر الله وحمده، فلا تخيبوا ظنون أهلكم وأبنائكم ووطنكم بكم وكونوا حسبما نتوقعه منكم رجالاً ونساءً تعملون من أجل بلدكم وقيمكم بكل جد وتفان».

ما أعذبها من وصية أبوية نحتاج إلى تذكرها على الدوام، وهي مغموسة بالحب والرأفة من المغفور له الشيخ زايد، والمناشدة الأبوية المؤثرة حين يخاطب أبناء الإمارات رجالاً ونساء: «لا تخيبوا ظنون أهلكم وأبنائكم ووطنكم بكم».. فكل واحد من أبناء الإمارات والمقيمين على أرضها ممن نالوا من خير هذا البلد وعاشوا تحت ظله مطالبون بأن لا يخبوا الظنون الحسنة فيهم، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.

فالوطن الذي منحك الأمان عار عليك أن تسوق إليه الفتن والاضطراب والإرهاب.. والوطن الذي تساوى على ترابه الجميع بعقائدهم وأديانهم، ليس من الأمانة أن تزعزع هذا التناغم بين أبنائه تحت أي دعاوى أو أفكار.. والوطن الذي أعطى للعالم درساً في الإنسانية والعطاء حتى غدا أكبر مانحي المساعدات على مستوى العالم لكافة الشعوب، فليس من الوفاء أبداً أن تنعدم هذه الروح النبيلة بين أبنائه، فالتسامح والعطاء والخير رسائل إنسانية عظيمة تخلد به الشعوب وتدوم بها الدول.

أكبر عهد نقدمه ونجدده للمغفور له الشيخ زايد رحمه الله تعالى، هو أن نعاهده على التمسك بروحه الإنسانية المعطاءة، المحبة للخير والتسامح، البعيدة عن العصبية والإقصاء، القادرة على إعطاء النموذج الإماراتي الناصع لشعب لا يرضى دون أعلى مراتب الإنسانية والتسامح لأنها مبادئ إسلامنا الحنيف، وتقاليدنا الأصيلة وموروثنا النبيل.

Email