«الإخوان» وأحكام الإعدام.. أكاذيب وحقائق

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تكون هناك أكثر من 120 دولة ألغت عقوبة الإعدام في قوانينها، فمن الطبيعي أن يهتم الرأي العام هناك حين يقال له إن عشرات الأحكام بالإعدام قد صدرت في يوم واحد من محكمة واحدة في مصر! لكن غير الطبيعي أن يتم تجاهل الحقائق التي يعرفها جيداً الكثير من حكومات هذه الدول ومن قادة الرأي والإعلام فيها..

وأن يترك الإرهابيون من جماعة الإخوان وأشباههم لكي يثيروا حملة كراهية على مصر في محاولة لإظهارهم بمظهر الضحايا، وهم القتلة المحترفون منذ ظهروا إلى الوجود قبل ما يقرب من تسعين عاما. وأولى الحقائق أن الرئيس المعزول مرسي ورفاقه في الجماعة لم يصدر بعد الحكم عليهم في القضيتين محل الضجة الأخيرة، وهما قضية التخابر، وقضية اقتحام السجون وقتل الضباط والجنود العاملين فيها..

بل وبعض المساجين من غير أعضاء الجماعة. القرار وليس الحكم الذي أصدرته المحكمة يحيل القضية لمفتي الديار المصرية طلبا للرأي الشرعي، وبعد أن تتلقى المحكمة هذا الرأي- وهو استشاري وليس ملزماً- تصدر أحكامها في أوائل الشهر القادم.

الأمر الثاني: أن غالبية المتهمين هاربون. ومن هنا ضخامة العدد الذي تعرض أوراقه على المفتي، حيث إن القانون يقضي بأن المتهم الهارب ينال أقصى العقوبة إذا ثبتت في حقه الجرائم المنسوبة له، لكن العقوبة تسقط تلقائياً عند القبض عليه أو تسليم نفسه وتعاد محاكمته من جديد.

الأمر الثالث: أننا في كل الأحوال أمام حكم ابتدائي عندما تصدر الأحكام. وبعدها سيرفع الأمر بحكم القانون إلى المحكمة الأعلى، وهي محكمة النقض. فإذا لم تؤيد الحكم تعاد المحاكمة بكل خطواتها من جديد. وفي كل الأحوال يستغرق الأمر أعواماً لحين الوصول إلى حكم نهائي.

الأمر الرابع: أنه رغم فظاعة الجرائم التي ترتكبها الجماعة وحلفاؤها من جماعات الإرهاب فإن من نفذ فيهم حكم الإعدام حتى الآن هم: الشاب الذي ألقى بالأطفال من فوق مبنى بالإسكندرية، ثم هؤلاء الستة الذين اشتهرت قضيتهم باسم «عرب شركس» والذين قاموا باغتيال عدد من ضباط وجنود الجيش في إطلاق نار على سياراتهم، ثم في زرع الألغام ونسف نقطة شرطة عسكرية..

وعندما تم اكتشاف مقرهم في إحدى القرى تبين أنهم حولوها إلى ثكنة عسكرية وبادروا بإطلاق النيران مستخدمين أحدث الأسلحة ومنها مدافع «آر. بي. جي» وقتلوا ضابطين وأصابوا عددا آخر من الجنود. الأمر الخامس:

أنه في نفس اليوم الذي أصدرت المحكمة قرارها بإحالة أوراق قضية مرسي ورفاقه إلى المفتي طلباً للرأي الشرعي، كان أنصار الجماعة وحلفاؤها يقومون بعملية خسيسة اغتالوا فيها ثلاثة من القضاة وأصابوا آخرين وقتلوا أيضا سائق الأوتوبيس الذي يقلهم إلى عملهم في سيناء. الأمر السادس:

أن ثورات مصر في العصر الحديث لم تعرف الدم إلا على أيدي الإخوان وحلفائهم. ثورة يوليو التي قام بها جيش مصر كانت حريصة على أن تكون بيضاء، حتى بدأ الإخوان في التآمر ومحاولة إشعال النيران في البلاد.

وثورتا يناير ويونيو خرجت فيهما الملايين إلى الميادين في أكبر تظاهرة سلمية عرفها التاريخ، ولم يبدأ الدم إلا عندما بدأ الإخوان في استغلال الثورة التي رفضوا المشاركة فيها في البداية. الأمر السابع: أنه لا يوجد تيار أضاع كل الفرص التي أتيحت له كما فعل «الإخوان»..

كان شعب مصر متسامحاً معهم لأقصى درجة، ومنحتهم القوى الوطنية الفرصة تلو الأخرى لكي يلتحقوا بتيار الوطنية المصرية ويشاركوا في الكفاح معها من أجل غد أفضل. ومنحته القوى القومية الفرصة ليمحو آثار عدائه القديم للعروبة وتآمره عليها وانضمامه لأعدائها..

ومع ذلك كله ما إن لاحت له الفرصة للوثوب إلى الحكم بعد ثورة يناير استغلالاً لضعف تنظيم الثورة واستقواء بالتأييد الأمريكي الذي لم يعد خافياً على أحد.. حتى تنكر للجميع وكشف عن وجهه الحقيقي الكاره للوطن والمنكر للعروبة والمستعد لإهدار الدم لكي يحقق مشروعه الوهمي. الأمر الثامن: أن مصر 30 يونيو انطلقت من نقطة أساسية هي وحدة الوطن وعدم إغراقه في صراعات مدمرة.

وفي اجتماع 3 يوليو الشهير كان «الإخوان» بين المدعوين لكنهم رفضوا الدعوة، وبادروا بالإعلان عن استمرارهم في طريق الإرهاب وفي نهج الخيانة اعتماداً على وعود خارجية ترجموها علانية بالتأكيد من «رابعة» أن الإرهاب لن يقف في سيناء إلا إذا عادوا هم إلى الحكم!

ثم بالتكبير الذي دخل التاريخ كدليل خيانة حين أعلنت المنصة في رابعة أن البوارج الأجنبية اقتربت من السواحل المصرية تمهيداً لإعادة إخوان الإرهاب لحكم مصر! لكن السؤال يبقى: هل يمكن لمن رضعوا فكر الإرهاب بدلاً من حليب أمهاتهم أن يسلكوا هذا الطريق؟!

وهل يمكن لمن احتفلوا في عيد الأم قبل أسابيع بـ«أم المسلمين» التي شاركت في مذبحة قسم كرداسة، والتي طلب منها قائد القسم الذي رفض إطلاق الرصاص عليهم وهم يهاجمون القسم.. طلب منها شربة ماء قبل أن يلاقي ربه، فأعطته زجاجة من «ماء النار»!! هل يمكن لهؤلاء أن يعودوا لرشدهم، وأن يستعيدوا عقلهم، وأن يتوبوا عن ذنوبهم، وأن يسمعوا لصوت شعب مصر الذي طالما ناداهم:

استقيموا يرحمكم الله.. ويغفر لكم الشعب!

 

 

Email