المشاركة في التمكين السياسي واجب على كل مواطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

ها قد دقت ساعة العمل! فمع إقرار التعليمات التنفيذية لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي، وتحديد يوم الثالث من أكتوبر المقبل موعداً للانتخابات تكون دولة الإمارات العربية المتحدة قد بدأت العد التنازلي، لتنفيذ المرحلة الثالثة من برنامج التمكين السياسي، الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، رئيس الدولة، في خطابه التاريخي لمناسبة اليوم الوطني في ديسمبر 2005.

واليوم، ونحن ندخل السنة العاشرة من هذا البرنامج الوطني الواعد والمتكامل، نسجل بفخر واعتزاز وتقدير أن الدولة ومؤسساتها، الاتحادية والمحلية، قدمت كل ما يلزم من مبادرات، سياسية وتشريعية وإجرائية لتنفيذ هذا البرنامج، وتحويله إلى واقع معاش..

وصولاً إلى التمكين الكامل للمجلس الوطني الاتحادي، حسب الطرح، الذي تبناه قائد الدولة، ورائد مسارها السياسي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وبدعم وإسناد كاملين من صاحب السمو نائب رئيس الدولة، وصاحب السمو ولي عهد أبوظبي، وإخوانهما أصحاب السمو حكام الإمارات حفظهم الله جميعاً.

ولم تتوقف مبادرات الدولة لتنفيذ برنامج التمكين السياسي عند الشعارات، والأطر العامة، بل تعدته إلى المتابعة الحثيثة والمراجعة المسؤولة، بحيث تضمن التحسين المستمر للتجربة الديمقراطية في الدولة، بما يتناسب مع خصوصية مجتمعنا وشعبنا، وبما يحقق المصلحة العليا للاتحاد وشعبه.

ولعل أبرز الأمثلة على ذلك القرار الحكيم والعصري، الذي اتخذته اللجنة العليا للانتخابات بإقرار مبدأ الصوت الواحد في انتخابات هذا العام، نظراً لأنه الأسلوب الأمثل لضمان عدالة الانتخابات، وتساوي الفرص بين المرشحين، وكذلك بين الناخبين، هذا فضلاً عن كون الصوت الواحد هو الأقرب لروح الدستور، ومنطق الديمقراطية.

لكن السؤال الطبيعي الذي يطرح نفسه هنا، إذا كانت الدولة قدمت كل ذلك، فما هو دور المواطن، وكيف يمكنه المساهمة في إنجاح تجربة التمكين السياسي الإماراتية التي لم تأت أصلاً إلا لمصلحة هذا المواطن العزيز بوطنه ودولته وقيادته.

الجواب بسيط: قم بواجبك تجاه الوطن.

نعم، فالقائد خليفة حين طرح برنامج التمكين السياسي لم يقدمه لكي يوضع على الرف أو لكي نتفاخر به أمام الناس، وإنما لكي نحوله بالعمل المشترك والتعاضد الوطني الجَمعي إلى واقع ملموس، نعيشه في الإمارات، بما يحقق مصلحة الإمارات وشعبها. لذلك فإن مشاركتك في هذا البرنامج ليست ترفاً، وإنما هي واجب وطني ومسؤولية عليك أن تقوم بها على أحسن وجه.

وفي الإطار العملي، فإن مشاركتك يمكنها أن تأخذ ثلاثة مسارات إيجابية في سبيل تحقيق الهدف الوطني السامي لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي المقبلة في شهر أكتوبر المقبل.

أولاً: الترشيح، فإذا كنت صاحب كفاءة وقادراً على خدمة أبناء دولتك، وتنطبق عليك الشروط القانونية، التي أعلنتها وزارة شؤون المجلس الوطني الاتحادي، إذاً لماذا لا تتقدم بترشيحك، وتحظى بشرف اختيارك من قبل الهيئة الانتخابية في إمارتك ممثلاً لشعب الإمارات كلها في المجلس.

إن ترشح الكفاءات وذوي الخبرات أمر مهم في إنجاح تجربة التمكين السياسي، لأنه يعلي من شأن الممارسة الوطنية في المجلس الوطني الاتحادي، ويسهم في تقديم الرأي والمشورة المستنيرة والعليمة للحكومة أثناء نقاشات المجلس.

وبالضرورة فإن هذا يعني أيضاً أن غير المؤهلين، من غير أصحاب الكفاءات، ومن لا خبرة لديهم، سيكون من الأفضل ألا يعيقوا المسيرة بالترشيح لأجل الترشيح، مع احترامنا لحقهم القانوني في تقديم أوراقهم للجنة الانتخابات.

ثانياً: الانتخاب، لا فائدة من كل عملية الانتخابات إذا لم نقم بواجبنا فيها من خلال التوجه إلى لجان الاقتراع صباح الثالث من أكتوبر لاختيار المرشح الأفضل والأصلح والأنسب.

وهذا يتطلب أن تكون معايير اختيار من ستنتخبه واضحة لك، تريد بها وجه الله تعالى، ومصلحة الوطن، وليس أية حسابات أخرى، شخصية أو مصلحية أو فرعية، فالمطلوب: مصلحة الإمارات، وليس مصلحتك أنت وحدك، أو مصلحة فريجك وحده، أو حتى مصلحة قبيلتك وحدها. مصلحة الإمارات تتقدم على كل ذلك، وهذا ما ينبغي عليك أن تضعه أمام عينيك، وأنت تختار المرشح الذي ستصوت له.

والأهم من ذلك أن تتذكر أن عضو المجلس الوطني الفائز لن يكون ممثلاً لإمارة، ولا لقبيلة، ولا لفريج، وإنما ممثل لجميع مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، فهل من ستصوت له على قدر هذه المسؤولية الجسيمة؟ وهل أنت على قدر مسؤولية الاختيار لكي تؤدي الأمانة المطلوبة منك بشرف وأمانة؟

وهذا يتطلب منك بعض الجهد. تعرف على المرشحين، ناقشهم، اسألهم، هل هم أيضاً يضعون مصلحة الإمارات فوق كل اعتبار؟ هل هذا المرشح الواقف أمامك «ابن دولة» يهتم بمصلحة الدولة وشعبها، أم مجرد ظاهرة صوتية يبحث عن الجاه والمادة؟ «شغّل» حسك الوطني يا أخي!

ثالثاً: المساءلة، وهذا يعني أن تتابع من قمت بالتصويت له، على الأقل لكي تكون لديك فكرة ماذا سيفعل في السنوات الأربع المقبلة؟ هل نفذ برنامجه الانتخابي؟ هل وضع مصلحة الدولة في اعتباره أثناء مناقشة القوانين والسياسات الاتحادية؟

إذا طرح قانون اتحادي للنقاش، وكانت لديك ملاحظات أو أفكار، اذهب إلى العضو الفائز عن إمارتك واطرح عليه أفكار، فهذه ستكون وسيلتك أنت لكي تسهم في صياغة القانون والسياسات العامة، وتوصل صوتك لصناع القرار.

إذا كانت لديك شكوى من خدمات جهة اتحادية، اذهب له أيضاً لأن هذه طريقتك الدستورية في إيصال صوتك للحكومة الاتحادية. هل تعرف الآن لماذا نقول إن برنامج التمكين السياسي يخصك أنت كونك مواطناً أكثر مما يخص الحكومة.

وختاماً، دعني أذكرك أخي المواطن، وأختي المواطنة، أنه في السياق الوطني العام، كل مواطن له دوره الذي يؤديه في بناء الدولة وصناعة مستقبلها، لا يوجد في دولتنا بحمد الله مواطن غير مهم، لكن هنالك للأسف مواطن غير مهتم.

السؤال: أنت، أين تريد أن تقف؟ أكيد في صف الإمارات.

 

Email