التعليم من جديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أشعر في هذه اللحظات بحسد لكتاب «العواميد» في الصحافة اليومية، ذلك أنهم في وضع يستطيعون فيه متابعة الأحداث التي تتغير بسرعة والتعليق عليها في أوانها، على حين أن كاتب المقال الأسبوعي لا يتمتع بهذه الميزة، ذلك أن كثيراً من الأحداث قد تتابع ويبدو الحديث عنها في المقال الأسبوعي متأخراً إلى حد كبير أحياناً، لذلك فأنا أغبط الصديق أسامة الغزالي حرب على عموده اليومي في الأهرام الذي يستطيع فيه أن يتابع الأحداث أولاً بأول وأن يعلق عليها تعليقات سديدة وموفقة وفي حينها، أقول إني أغبطه ولا أحسده . والفارق بعيد بين الأمرين.

كانت خسارة كبيرة أن يفقد العالم العربي والإسلامي خادم الحرمين الشريفين الملك «عبدالله بن عبدالعزيز». وموقفه رحمه الله من مصر في أعقاب ثورة الثلاثين من يونيه هو الذي شدّ أزر مصر وقواها، كما قلت ذلك في حينه.

كذلك ففي هذه الأيام تمر ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير، وهي ثورة عزيزة عليّ كما أنها عزيزة على كل مصري عاش التجربة. وقد أزعم أنني كنت من الذين مهدوا بكتاباتهم لهذه الثورة، وأزعم أيضاً أنني كنت من الذين خرجوا إلى الميدان حتى انتصرت الثورة ورحل النظام الذي كان قائماً آنذاك .

ومن غير شك فقد كانت ثورة 25 يناير وما أعقبها من اختطاف الثورة لمن لم يسهم فيها مقدمة لما حدث في 30 يونيه التي أزاحت الغمة وأعادت لمصر وجهها الأصيل، وصدق وديع الصافي عندما قال: عظيمة يا مصر يا أرض النعم، يا أرض الكنائس يا أرض الجوامع يا أرض الهرم.

وقد يحسن هنا أن أعود للموضوع الأصلي الذي كنت أنوي استكماله وهو «العلم والتعليم»، وكون العلم هو رافعة التقدم، والموضوع الأصلي له شعب عديدة، والذي يريد أن يعالجه لابد أن يتناول أركانه الثلاثة المدرسة والمدرس والتلميذ، ثم لابد وأن يعالج بعد ذلك أنواع التعليم في مصر من ديني ومدني ومن مصري ومن أجنبي والتعليم الأجنبي بدوره دول ودول، من ألماني إلى فرنسي إلى غير ذلك من لغات الأرض، الأمر الذي لا مثيل له في العالم كله على ما أعتقد.

وهناك مسألة أخرى بالغة الأهمية هي التعليم المهني والتعليم العام ونسبة كل منهما إلى الآخر. وهي نسبة تحددها بعض الدول ولا تتركها للمصادفات.

والتعليم المهني فيه التجاري والصناعي والزراعي.

وفي بلد مثل مصر قد لا تبدو الحاجة إلى التعليم التجاري، ذلك أن كليات التجارة عادة بآلاف الآلاف والحمد لله. وقد قيل إن كلية التجارة في إحدى الجامعات يبلغ تعدادها ما يوازي تعداد عشر جامعات في العالم المتحضر. ولكن من ناحية أخرى فإن حاجة مصر إلى التعليم الفني الصناعي والزراعي هي حاجة بالغة الأهمية.

العالم العربي كله في حاجة إلى العامل الفني الصناعي. السعودية والإمارات والكويت كلها في حاجة إلى العامل الفني الصناعي الذي يعرف العربية. أما العامل الفني الزراعي فاعتقادي أن مصر قبل غيرها من البلاد العربية في حاجة كبيرة إليه .

لقد اقترحت منذ فترة ـ ولم يسمع أحد ـ ضرورة وجود كليات للزراعة الصحراوية، ذلك أن مصر تعيش على سبعة في المئة من أراضيها، وبقية المساحة صحراوات شاسعة من الممكن استغلالها والإفادة منها.

المجالات عديدة والتقدم العلمي ممكن والكوادر موجودة، ولكن للأسف المرّ نحن نكتفي بالكلام وغيرنا يعرف كيف ينفذ.

هل أضرب المثل بالعدو القابع على حدودنا الشرقية كيف يستغل كل شبر من الأرض لزراعتها وتنميتها؟.

وهناك سؤال، هل يمكن أن يلتحق خريجو المدارس الفنية بالكليات المناظرة في التعليم العالي؟.

أمور عديدة ومعقدة وبالغة الأهمية مع ذلك.

وإلى حديث آخر.

والله المستعان.

Email