مجلس أعلى للتعليم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن المنخفض الجوي الذي تعرضت له البلاد الأسبوع الماضي، وأدى إلى هطول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة، لم يمر على الميدان التربوي، إذ ارتفعت درجة الحرارة في الميدان والمناطق المتصلة به من طلبة وأولياء أمور يتأثرون بما يحدث في الميدان، ولم تعد الحرارة إلى معدلها الطبيعي إلا بعد أن تدخلت جهات عليا، وفقاً لما جاء في الأخبار التي تداولتها الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، وبثتها شبكات الأخبار العاجلة للمشتركين في خدماتها الهاتفية.

كان الخبر الذي رفع درجة حرارة الميدان التربوي والمناطق المحيطة به، يقول إن وزارة التربية والتعليم اعتمدت يوم الأحد الموافق 16 أغسطس المقبل لبدء دوام الهيئات التدريسية والفنية لجميع المراحل الدراسية لمختلف أنواع التعليم، ويوم الأحد الموافق 23 من الشهر نفسه لدوام الطلبة في رياض الأطفال ومرحلتي التعليم الأساسي والثانوي لمختلف أنواع التعليم، وذلك إيذاناً بانطلاق العام الدراسي 2015 – 2016.

أما الخبر الذي أعاد درجة الحرارة إلى معدلها الطبيعي قبل الارتفاع المفاجئ، فهو صدور توجيهات عليا بإلغاء القرار، وتشكيل لجنة عليا لبحث التقويم الدراسي للعام المقبل 2015 – 2016، يراعي مصالح جميع فئات المجتمع، على أن ترفع اللجنة توصياتها إلى مجلس الوزراء، تمهيداً لإصدار قرار بذلك، وفقاً لما صرحت به مصادر رسمية، كما جاء في الأخبار.

أما القضية الثانية التي ساهمت في ارتفاع درجة الحرارة، فهي قرار إلغاء امتحانات نهاية الفصل الثاني في الصفوف من السادس إلى الثاني عشر، وهو القرار الذي ما زال يدور حوله جدل كبير، طرفه الأول الطلبة وأهاليهم، وطرفه الثاني وزارة التربية والتعليم، وميدانه برامج البث المباشر في إذاعات الدولة، التي يحاول مذيعوها فهم أبعاده دون جدوى، كما يبدو لي من خلال متابعتي لهذه البرامج، ويبحثون عمن يفك لهم شيفرته من مسؤولي وزارة التربية والتعليم دون جدوى أيضاً، كما بدا لي خلال الأيام القليلة الماضية التي استمعت فيها إلى أكثر من شكوى في هذه البرامج، ولم أستمع إلى رد أو تفسير يريح المذيعين والمستمعين.

هذه الحرارة التي ترتفع بشكل متواتر، تحتاج، في رأينا، إلى أكثر من منخفض جوي لتلطيف أجواء الميدان التربوي والطلبة والأهالي الذين يتأثرون بما يحدث فيه، وأولى وسائل تلطيف هذه الأجواء، هي التواصل بين قيادات الوزارة والمناطق التعليمية والعاملين في الميدان، من مديري مدارس ومعلمين وإداريين، إذ يبدو أن أحداً لم يأخذ رأي المناطق التعليمية في قرار انطلاق العام الدراسي الذي ألغي بعد ساعات من بث خبره، وهو ما اتضح من إجابات هذه المناطق التي عادة ما يتوجه إليها العاملون في الميدان التربوي والطلبة والأهالي عند صدور قرارات من هذا النوع، أو انتشار أخبار من هذا القبيل، لأنها الجهة التي يُفترَض أن ترد على استفساراتهم، فكيف تستطيع القيام بهذا الدور إذا لم تشارك في اتخاذ هذه القرارات؟!

مع كل الاحترام والتقدير للقيادات العليا في وزارة التربية والتعليم، الحالية منها والسابقة، ومع الاعتراف بكفاءتها وإخلاصها وحرصها على الارتقاء بالتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أننا نعتقد أنه قد آن الأوان لإنشاء مجلس أعلى للتعليم، تشارك فيه كل الوزارات والهيئات والجهات ذات العلاقة والاختصاص، يناط به التخطيط لمستقبل التعليم في الدولة، لا تتأثر خططه بتغيير الأشخاص، لأن التعليم هو الركيزة الأولى التي يقوم عليها التخطيط لمستقبل الوطن، وما لم تكن هذه الركيزة قوية وصلبة، فإن أي بناء سيكون هشاً، ونحن نعيش في دولة ذات سمعة عالية في التخطيط، اعتاد العالم منها الخطط السليمة، لأن قادتها يملكون نظرة طموحة ذات بصيرة ثاقبة، يشهد لها الجميع، ويشيدون بها.

لقد أعلن وزير التربية والتعليم في أوائل شهر نوفمبر من العام الماضي، تفاصيل خطة تطوير التعليم 2015 – 2021، المعتمَدة في صيغتها النهائية، وتضمن الإعلان خططاً تنفيذية وبرامج ومشروعات، تستهدف الوصول إلى نظام تعليمي من الطراز الأول، وفق ما أكدت عليه رؤية الإمارات 2021 التي تم إطلاقها من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عام 2010، والتي تهدف لأن تكون دولة الإمارات ضمن أفضل دول العالم بحلول اليوبيل الذهبي للاتحاد.

وأوضح الوزير توجهات الوزارة في المرحلة المقبلة، والمحاور التي ترتكز عليها في عمليات التطوير الشامل والمتكامل، مؤكداً أن الخطة تمس عمق الواقع التعليمي في الدولة، وأن إعدادها وصياغتها جاء بمشاركة من مختلف المؤسسات والأطراف العلمية والتعليمية، وشرح المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها.

الحق يقال إن الخطة شاملة وطموحة، ونأمل أن تكون محققة للآمال المرجوة، وللمستوى الذي نتمنى أن يصل إليه تعليمنا، ولكن، من يضمن لنا أن يتم تنفيذها بالشكل الذي وضعه من أعدها، ومن يضمن لنا ألا يتغير الحال بتغير الوجوه، مثلما تغيرت خطط كثيرة قبلها، بُذِلت فيها جهود كثيرة، وصُرِفت عليها أموال طائلة، ذهبت كلها أدراج الرياح، وبقيت هي قابعة في الأدراج؟

Email