المرأة الإماراتية محل اعتزاز قادة العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

انطلق الراحل المقيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من قناعة ثابتة بأن المرأة نصف المجتمع، وأن المجتمع لا يمكن أن يصعد سلم التطور من دون المشاركة الفاعلة للمرأة.

وهكذا استطاع «زايد الخير» أن يتخطى رواسب التفكير القبلي والعشائري، الداعي لحبس المرأة وإبقائها داخل خيمة البداوة ترعى الماشية وتربي العيال، انطلاقاً من قناعة فكرية بأن مجتمع دولة الاتحاد لا يمكن أن ينهض ونصفه معطل.

وما إن تولى زايد شؤون الحكم حتى رأى أن نهضة وتطور المجتمع يتوقفان، أولاً وقبل كل شيء، على توفير الرعاية الصحية والتعليم، فعمل على تأسيس أركان دولة الخدمات الأساسية، التي استمرت حتى مطلع السبعينيات، وخلالها تم الاجتماع بالرعيل الأول من نساء ناشطات، حيث تم تأسيس الاتحاد النسائي العام ليقود الحراك النسوي على مستوى الدولة، عبر فروع له في إمارات الدولة كافة.

ورأى أن ترأسه رفيقة دربه «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حفظها الله، التي حملت بدورها لواء حركة نهضة وتطوير المرأة، هذه السيدة و«القائدة الاستثنائية»، التي شقت طريق الريادة من البدايات الأولى، برؤية نافذة، وبحس فطري بالغ الشفافية والحضور، والتي سجلت اسمها في كتاب التاريخ عن جدارة واستحقاق.

ولم تمضِ سنوات حتى انتظمت مراكز تحفيظ القرآن ومحو الأمية، ومراكز لتعليم المرأة طرق إدارة شؤون المنزل والتدبير المنزلي، فضلاً عن أساليب المحافظة على الصناعات التقليدية للمجتمع، وذلك حفاظاً عليها من الاندثار.

وفي مرحلة تاريخية لاحقة تم إنشاء مراكز للتنمية الاجتماعية، عندما انتقلت الدولة بقيادة زايد الخير من مرحلة توفير الخدمات إلى بناء الدولة الحديثة، دولة الرعاية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية بمشاركة المرأة.

وهكذا شقت المرأة الإماراتية طريقها في اتجاه النهضة والتقدم، يصاحبها التوسع في إنشاء مدارس البنات في مختلف المراحل التعليمية، التي ترافقت معها الحملة التي قادها الشيخ زايد، طيب الله ثراه، لحث الآباء على تعليم بناتهم، وأصبحت المدارس تشجع الطالبات على الاستمرار في الدراسة عوضاً عن الزواج المبكر.

ولم تمض سنوات على دخول البنات للجامعة، حتى انفتح الباب على مصراعيه لتدخل المرأة ميادين العمل العام كافة، فأصبحت شريكاً للرجل، تعمل مهندسة، وطبيبة، ومحامية، ومعلمه، وإعلامية، وكاتبة، وأستاذه جامعية، وجندية ومحاربة في القوات المسلحة، وعضواً برلمانياً، ووزيرة، وسفيرة تمثل بلادها خارج الحدود.

وهناك مئات الفتيات اللائي يواصلن تعليمهن لنيل درجات عليا في التخصصات العلمية والأدبية.. إلخ.

ولم تكن لتحدث هذه الطفرة التنموية غير المسبوقة، من دون المتابعة اليومية المستمرة من رئيس دولة يستيقظ مبكراً ليزور الجمعيات النسائية، وليقف بنفسه على سير الدراسة في مدارس البنات، عبر زيارات مفاجئة كان يقوم بها من حين إلى آخر ليطمئن على بناته «أمهات وسيدات المستقبل».

وكان نتاج جهد القائد وقرينته «أم الإمارات»، هو ما وصلت له المرأة الإماراتية اليوم في تقارير التنافسية العالمية، بما أنها تمثل «نصف المجتمع» ولها دور محوري في عملية النهوض والبناء، حيث حصدت الإمارات المركز الأول عالمياً في مجال الترابط المجتمعي، وفي مجال القيم والسلوكات.

إضافة لتقدمها الكبير في 19 مؤشراً مختلفاً، لتكون ضمن العشرة الأوائل عالمياً في التنافسية العالمية في التقرير العالمي للتنافسية، إذ حلت الأولى عالمياً في «قلة جرائم القتل، وقلة جرائم العنف»، كما حصدت مؤخراً المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر «احترام المرأة»، وذلك في نتائج تقرير عالمي جديد مختص بقياس التطور الاجتماعي في مختلف دول العالم، يقوده فريق من الخبراء العالميين.

وقد جاء التقرير بتوصية من مجلس الأجندة الدولي التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، ليقيس مدى التطور الاجتماعي في الدول، كونه مقياساً جديداً مكملاً لتقارير التطور الاقتصادي.

وبهذه المناسبة أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن المرأة في الإمارات كريمة ومحترمة ومقدرة، لأن ديننا هو الإسلام، ومؤسس دولتنا هو زايد، ووراء نهضتنا قيم عربية أصيلة، مشيراً سموه إلى أن الإمارات احترمت المرأة، فأصبحت مساهمتها تفوق الرجل في الكثير من القطاعات، لأن المرأة إذا توافرت لها الظروف والبيئة المناسبة، فإن عطاءها يتجاوز كل التوقعات.

وفي محاضرة بعنوان «بناء الدولة والتمكين الاقتصادي للمرأة»، ألقتها في مجلس الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبوظبي، بقصر البطين في أبوظبي، بحضور سمو الشيخ حامد بن زايد رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، أشادت دينا حبيب باول، رئيسة برنامج الشراكة الدولية ورئيسة مؤسسة غولدمان ساكس، بدور دولة الإمارات في تمكين المرأة من تبوؤ مكانتها وتعزيزها، وإتاحة الفرصة لها تعليمياً واجتماعياً، مؤكدة أن ابنة الإمارات «محل اعتزاز وافتخار قادة العالم».

وأضافت أن «الرئيس الأميركي، خلال لقاءاتنا معه، وفي خطاباته دائماً، كان يضرب المثل بابنة الإمارات، ويقول إن نساء الإمارات قويات ونموذج جيد في مجال المشاركة الفاعلة في سوق العمل وفي مسيرة التطوير ونهضة وتنمية وتقدم دولة الإمارات».

إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان دائماً يؤكد أهمية مكانة المرأة، وعمل بكل جد واجتهاد على أن تأخذ مكانتها في المجتمع، إلى أن أصبحت الإماراتية تشارك بفعالية في مسيرة التنمية والبناء، وها هي اليوم محل اعتزاز وافتخار قادة العالم، ويضرب بها المثل. نعم هذه هي الإماراتية، ولا مزايدة على ذلك.

 

Email