الجميع يحمل علماً واحداً

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرة أخرى، نعود من جديد للحديث عن الجماعات الإسلامية، والتي هي من الأساس ترتدي العباءة الإسلامية، ولكنها في الواقع، أبعد ما تكون عن روح وأخلاقيات الإسلام، إنه الدين الذي يدعو إلى الحكمة والموعظة الحسنة، وهو ما أكده الخالق سبحانه وتعالى للنبي الكريم سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) وسار على نهجه الخلفاء الراشدون، إلا أنه بعد ذلك برزت قوة السيف على العقل والحكمة.

إن الهجوم بالسلاح بكل أنواعه دليل على الضعف لا القوة، والاستعانة بشباب في عمر الزهور، بعد أن يتم غسل أدمغتهم، ودغدغة مشاعرهم الدينية الطاهرة، فهل يجوز نحر البشر وكأنهم نعاج أو أغنام، حقاً، إنه منظر يقشعر له البدن، والمصيبة الكبرى أن الإعلام المرئي لا تستطيع الدول في هذه الآونة مراقبته، وهو ما يزيد الماء على الطحين إن جاز التعبير.

وانتقل الصراع من معظم المجتمعات العربية والإسلامية إلى الداخل، ونسوا العدو الرئيسي للأمة، وهي الدولة الصهيونية والتي يطلق عليها عالمياً «إسرائيل»، مما دفعها إلى المضي في خططها في المنطقة. وها هي «داعش» من العراق والشام، وهي تمارس خرابها الدائم في بقعة جغرافية، يسكنها بشر من المسلمين والمسيحيين وغيرهم من الديانات. من المعلوم أن الإسلام يقع تحت مظلته كل المذاهب والملل الإسلامية.

سنة وشيعة وغيرهم، مما يؤكده الدارسون للإسلام السياسي على مر العصور. فهناك أربعة مذاهب للسنة «الشافعي، والمالكي، والحنفي، والحنبلي»، أما الشيعة فهم أيضاً لهم عدة فرق ومذاهب، ولهم أيضاً العديد من المرجعيات، وهناك في بعض الدول العربية والإسلامية قد يشكلون شبه أغلبية، وفي أماكن أخرى هم أقلية، وإذا أضفنا إليهم المذاهب الأخرى، نجد أننا أمام خارطة تتداخل فيها المذاهب والملل.

لقد بات المواطن العربي بشكل خاص في حيرة من أمره بل إنه قد يصاب بالصداع نتيجة لتلك المعادلات الصعبة، وأصبح الدين سلاحاً يحارب به الطامحون للوصول للسلطة، وهي تعني القوة والمال والهيمنة على مصير الأمم ومستقبلهم، وهنا تعود الدكتاتورية بشكل جديد، إلا أنها أقسى وأشد قمعاً للعامة من الناس، وخاصة لمن يخالفهم في الرأي والاتجاه.

ويبدو أن كل أمة من الأمم السائدة سابقاً لديها حلم العودة للهيمنة على العالم، وإن كانت أنظمة الحكم تغيرت من الملكية إلى الجمهورية وغيرها، على مر العصور.

حلم الإمبراطورية الفارسية، لا يزال قائماً حتى بعد مرور أكثر من قرون من الزمان، وحلم الإمبراطورية الرومانية أو البريطانية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية وهي جزء أساسي من الفكر السياسي سواء للأحزاب أو الأفراد، وحتى فكرة الوحدة العربية لا تزال قائمة لدى البعض. إن المعركة المقبلة هي من أجل ترسيخ مفهوم المواطنة والقضاء على تعصبات العصر الجاهلي والمرحلة الاستعمارية منذ سايكس بيكو حتى يومنا هذا.

إن رفع علم الوطن يعني الكثير، وأهم ما يعنيه أن الجميع على أرض الوطن بمختلف أطيافهم ومذاهبهم وانتماءاتهم تحت علم واحد، ولاؤهم لوطن واحد وقيادة واحدة، وهذا هو الرمز في الاحتفال بيوم العلم كيوم وطني. إن خلاص الإنسان المقهور في أي وطن وعلى أي أرض هو في معاملته كإنسان مواطن من دون الأخذ بالمعطيات الأخرى، وحين يرفع الجميع العلم الوطني حين ذاك يبدأ المستقبل، إدراكاً أن رمزية العلم هو الوحدة لا التشتت والفرقة.

Email