قائمة الإمارات.. لا حلول وسط في مواجهة الإرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مواجهة الإرهاب لا توجد حلول وسط. هذا ما تؤكده دولة الإمارات العربية المتحدة مرة أخرى بإصدارها قائمة الجماعات الإرهابية المحظورة. والقائمة لم تأت من فراغ..

وإنما من رؤية شاملة تمت ترجمتها إلى سياسات بعض القوى العالمية والإقليمية التي تصورت أن دعم بعض الجماعات المتطرفة التي تصف نفسها بأنها «إسلامية» هو الطريق الأسرع لتفجير المجتمعات العربية من الداخل وإغراقها في مستنقعات الحروب الأهلية.

تجربة الإمارات مع «الإخوان» بالذات تعطي مثلاً على صحة أن الإرهاب ملة واحدة، وأن ما جاء به «الإخوان» منذ ثمانين عاماً هو النهج الذي أورثنا كل هذه «الدواعش» التي تعيث في الأرض العربية فساداً. منحت «الإمارات» المنتسبين لجماعة الإخوان كل الفرص ليكونوا مواطنين صالحين أو ضيوفاً على بلد لم يبخل عليهم بشيء. لكنهم ساروا على النهج الإجرامي نفسه الذي لم تتخل عنه الجماعة منذ نشأتها.

محاولة التمكين والتآمر على الدولة واحتكار الدين لأنفسهم وتكفير الآخرين. أخفوا أهدافهم في البداية، ثم بدأوا يكشفون عنها شيئاً فشيئاً، حتى سقطت كل الأقنعة عندما بدأوا في التسلل للحكم في دول الربيع العربي..

وعندما وصلوا بالتآمر الداخلي والخارجي إلى حكم مصر بالذات، تصوروا أن الطريق أصبح مفتوحاً للهيمنة على السلطة في العالم العربي. أو هكذا هيأ لهم الأمر من دعموهم على حكم مصر، وهيؤوهم لقيادة المنطقة إلى الفوضى والحروب الأهلية تمهيداً لخريطة جديدة ونفوذ يتم تقسيمه على غير العرب.

سيُشهد لدولة الإمارات أنها في هذه اللحظات الحاسمة لم تتردد على الإطلاق في اتخاذ الموقف الصحيح في مواجهة الثعابين التي خرجت من الجحور لتحاول العبث بأمنها، وفى مواجهة الخطر الأشمل الذي كان يهدد الأمة العربية كلها لو استمر الإرهاب يحكم مصر من خلال «الإخوان» ويحشد حلفاءه في سيناء لتحويلها لقاعدة لتفجير المنطقة.

وسيبقى لدولة الإمارات أنها كانت الأكثر إدراكاً أن مصر (شعباً ودولة ومؤسسات) لن تقبل هذا المصير المظلم، ولن تقبل أن تحكمها الفاشية باسم الدين الحنيف، وأن بلد الأزهر الشريف لن تقبل أن يسيطر عليه الإرهاب حتى لو أعطاه الأميركان وغيرهم «شهادات ضمان» بحسن السير والسلوك، سبق أن أعطوها لبن لادن نفسه عندما كان مع أتباعه في خدمتهم.

وسيبقى لدولة الإمارات أنها لم تتأخر لحظة واحدة في وضع كل إمكانياتها وراء ثورة شعب مصر في 30 يونيو التي انحاز لها جيشها الوطني، لتتم الإطاحة بحكم الإخوان الفاشي الذي يحاكم قادته الآن بتهمة الخيانة العظمى التي لم يخفوها.

ففي الوقت الذي كانت فيه الشعوب العربية تحتفي بنجاة مصر مما كان يدبر لها، وفي الوقت الذي كان دول شقيقة مثل الإمارات والسعودية تخوض المعركة مع شعب مصر وتضع كل إمكانياتها لدعم ثورته.

. كان «الإخوان» يجهرون علناً بتسول التدخل الأجنبي ضد شعب مصر وجيشها، وكان قادتهم يقفون على منصة رابعة وعلى فضائيات التحريض والفتنة يبشرون أتباعهم بأن البوارج الأميركية تقترب من سواحل مصر. لذا وجب التهليل والتكبير. أتوقف عند هذه النقطة طويلاً. ليس فقط بسبب فعل الخيانة بكل انحطاطه..

وإنما لأننا أمام عامل مركزي في فكر الجماعة الأم لكل جماعات الإرهاب وهو أنها لا تعرف معنى الوطن بل تعتبره «حفنة من تراب عفن» كما أفتى إمام الإرهاب سيد قطب قبل نصف قرن، ليسير اتباعه من قادة جماعات التطرف على نهجه حتى الآن.

لا يدرك هؤلاء ماذا يعني «الوطن» بالنسبة لملايين المصريين الذين يدركون أن كل حبة رمل من بلادهم قد اختلطت بدماء الشهداء الذين حفظوا لمصر وحدتها عبر آلاف السنين، وأنقذت العرب والمسلمين من كل أعداء التحضر والمدنية على مر العصور.

ولا يدرك هؤلاء معنى «الوطن» في دولة مثل الإمارات كنت شخصياً شاهداً على ميلادها في أصعب الظروف، وعرفت مدى التضحيات التي تمت لكي تخرج إلى النور..

وشاهدت الشباب يومها وهو يخرجون لحماية الكيان الوليد من الأخطار التي حاصرته منذ اليوم الأول. ثم تابعت كيف تمت معجزة بناء الدولة الحديثة من الصفر بقيادة الراحل العظيم زايد، ثم بجهود الأبناء وفي مقدمتهم رئيس الدولة الشيخ خليفة ونائبه الشيخ محمد بن راشد.

هذا«الوطن» لا يعرفه الإخوان وحلفاؤهم من القاعدة والدواعش. مواطنوه أعداء لهم إذا لم يكونوا داخل عصاباتهم الإجرامية. أرضه غير مقدسة لأن المقدس عندهم هو التنظيم السري الذي يتآمر ويقتل ويذبح ويسعى للحكم ولو على جثث أبناء الوطن أو بالاتفاق مع أعدائه. من هنا كان موقف الإمارات من إرهاب «الإخوان» وحلفائهم منذ البداية.

ومن هنا جاء الحسم وفقاً لرؤية شاملة أدركت حجم الخطر، ورفضت الخضوع للمساومة ولابتزاز القوى العالمية والإقليمية التي تريد «إرهاب الإخوان والدواعش» لكي تبرر جرائمها في حق العرب والمسلمين.

ومن هنا تجيء قائمة منظمات الإرهاب لكي تقول إن المواجهة لابد أن تكون شاملة، وأن الخيارات لم تعد تحتمل المساومة. وأن الطريق واضح: إما أن تحارب الإرهاب بكل صوره، وإما أن تكون جزءاً منه. وكل حديث آخر هو باطل رأينا نتائجه وهي تأخذ دولاً عربية مثل العراق وسوريا وليبيا نحو الكارثة.

 

Email